من أكثر الكلمات التي تتكرر أمامي في الآونة الأخيرة هي كلمة "عامل".. فالإعلام والإعلاميّون يستخدمونها بشكل يسطل الراس..،، فهم يقولون: وهذا يشكّل عامل تهدئة..،، ويقولون: عامل أساسي في كذا..،، ويقولون: عامل وطن.. وعامل مياومة.. وأخيراً: عامل موسمي..،،.
لا اعتراض لديّ على استخدام كلمة "عامل".. وجه اعتراضي فقط.. أن "عامل" أينما ورد: لا يكون عاملاً.. بل هو الوحيد العاطل عن العمل.. والوحيد الذي يرى العمل عبئاً ثقيلاً على العمل نفسه..،،.
ففي أي موضوع يكون هناك "عامل تهدئة": بالضرورة أن يكون هذا العامل "معصّب" و"يكافيكوا شرو"..،، ومن الأهميّة بمكان أن يكون "العامل الأساسي" هو الذي لا يعلم بالموضوع: وإذا علم يضحك سخرية من "الأساسي" الذي يتحدّثون عنه و يسأل نفسه: معقول يا ناس بكون أنا هيك وأنا مش داري..؟؟ أما "عامل الوطن" فهو الوحيد الذي لا يرد ذكره بهذا التوصيف إلا رسميّاً ومع "ابتسامة صفراء".. والكل يقول عنه "عامل نظافة"..،،.
وأمّا حكاية "عامل المياومة".. فأعتقد بأنها من أكثر التسميات التي تحزّ في النفس و تُعطي انطباعاً بأن هذا الشخص "يتنفس يوماً بيوم.." بل كل يوم يجدّدون له الحياة..،، حتى ظهر أخيراً مصطلح "عامل موسمي".. والعامل الموسمي لمن لا يعرفه هو الذي يتم الاتفاق معه على العمل فترة معينة من السنة فقط.. في هذه الفترة عليه أن يعيش و عليه أن يتنفس و"يخبّي أنفاساً من قبيل الاحتياط" للفترة التي ينتهي فيها موسمه.. وصدق من قال: نحن البلد الوحيد الذي لدينا كل الأشياء موسميّة كالبطيخ والمشمش.. حتى لو كان هذا الموسمي "بني آدم" له عقل وقلب وجوارح ويمتلك "روحاً" كأي مخلوق..،،.
كلنا نتحدث عن "العامل" في كل اتجاه "تهدئة وأساسياً ووطناً ومياومة وموسميّاً.." لكل لا أحد تأخذه نشوة الحديث ويتكلّم عن "عامل" آخر.. عامل لو وضعتَ اصبعك عليه لوضعتَ اصبعك على الجرح الحقيقي.. انه العامل إللي "عامل عمايل"..،، القوا القبض عليه: وخذوا منيّ مجتمعاً عاملاً بكل اتجاه وبشكل صحيح لا يقبل القسمة على الحياة والموت معاً..،،.
abo_watan@yahoo.com