زاد الاردن الاخباري -
تشير تسريبات صحافية بتغير مفاجئ في الخطاب الأردني حيال الحكومة السورية بعد أشهر من التقارب المُعلن، ومشاركة عمّان في الجهود العربية لإعادة دمشق إلى حضن الجامعة العربية قبل قمّة جدّة في أيار/مايو الماضي.
"الأردن غاضب من دمشق" و "وهم الاستقرار يلاحق النظام السوري" عنوان لمقال وتقرير حملا هذا الأسبوع انتقادات لاذعة للحكم السوري، في استدارة إعلامية تعكس فجوة متزايدة في الخطاب الرسمي حيال الجارة الشمالية. ورغم أن الأخير لم يتغير في العلن، فإن الهجمات الصحفية تظهر خيبة أمل أردنية من موقف الحكم السوري حيال ملفات عدّة، على رأسها عدم اكتراثه بشكاوى المملكة من عصابات تهريب أسلحة ومخدرات على امتداد الحدود المشتركة.
ولوحظ أن تغيّر النبرة جاء بعد قرابة شهرين على آخر زيارة لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى دمشق ولقائه هناك مع الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فيصل مقداد. وكانت تلك ثاني زيارة للصفدي إلى دمشق منذ منتصف شباط/فبراير.
وفي أيار/مايو الماضي، استضافت عمّان اجتماعا تشاوريا بشأن سوريا، بمشاركة المقداد ونظرائه في الأردن، مصر، العراق والسعودية. ومن بين مخرجات الاجتماع تشكيل لجنة أمنية مشتركة بين عمان ودمشق لمكافحة التهريب.
محادثات تموز .. امتداد للاجتماع التشاوري بأيار
كما يأتي بعد شهر على اجتماع أمني أردني-سوري عُقد لبحث التعاون في مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجه وتهريبه.
يرتبط الأردن وسورية بحدود برية بطول 375 كيلومترًا، ما جعل المملكة من أكثر الدول تأثرا بما تشهده جارتها الشمالية. وهو يستضيف على أراضيه 1.4 مليون سوري، قرابة نصفهم يحملون صفة "لاجئ".
خطوات أميركية لمكافحة التهريب من سورية
في 30 حزيران الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية ما وصفتها باستراتيجية لمكافحة تجارة المخدرات السورية، ورأت أن دمشق لن تتوقف عن دعم تهريب المخدرات مدعّية أنه يوجّه من خلالها رسائل سياسية إلى دول الجوار والولايات المتحدة بهدف وقف عقوبات "قيصر" والحصول على دعم دولي لإعادة الإعمار.
ويرتبط الأردن باتفاقية تعاون دفاعي مع أمريكا منذ مطلع 2021.
محللون يطالبون دول الجوار بالإنضمام إلى جهد دولي-إقليمي كون آفة التهريب لا تنحصر بالأردن، بل تطال شظاياها المنطقة بأكملها
ويقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، إن "أحداث درعا والسويداء ومناطق أخرى في سورية تشير إلى أن الوضع في سورية لم يستقر بعد، وأن القرارات الأخيرة وآخرها رفع أسعار المحروقات يكشف أن الاستقرار المبني على القوة ليس له دوام طويل، وعند أي منعطف قد يتم فقدان الاستقرار في الدولة".
وبين أن معظم الأبحاث والدراسات وما تنتجه مراكز البحوث العلمية تتفق مع هذه النتيجة، فالاستقرار حتى يستمر ويصبح دائما يحتاج إلى إصلاحات سياسية حقيقية تحمي الحريات وتضمن الانتقال السلمي للسلطة، ومنها حرية التعبير على وجه الخصوص، وضمان الحياة الكريمة بدلا من الفقر والجوع والحرمان.
وأضاف "كذلك فإن ضمان العدالة وسيادة القانون، واستقلال القضاء، واعتماد الكفاءة في مؤسسات الدولة لمواجهة سوء الإدارة، هي عناصر أساسية ولاغنى عنها إذا أرادت الدولة الحفاظ على استقرارها".
وبين شنيكات أن "سورية تعاني معضلات حقيقية في هذه المواضيع، يضاف لها انتشار المخدرات وحالة الفلتان الأمني"، مؤكدا أن الطريق الآمن هو إصلاح سياسي وتعليمي واقتصادي، والدفع باتجاه المشاركة السياسية ضمن تعددية سياسية تشمل كافة أطياف الشعب السوري، والمحاسبة عن الأخطاء وتوفير الخدمات والأمن وإعادة الإعمار والتنمية، وهي مطالب ضرورية".
واستعادت الحكومة السورية السيطرة على محافظة درعا، وهي مهد احتجاجات عام 2011، في عام 2018 ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه روسيا.
وبحسب الباحث والمحلل الإستراتيجي عامر السبايلة، فإن هذه المناطق (السويداء ودرعا) أو على الأقل المناطق القريبة من الحدود الأردنية والحدود العراقية وحتى المناطق الحدودية في تركيا لم تعد فعليا لسلطة النظام السوري، ويصعب فرض السلطة عليها.
وأضاف "المشكلة الاقتصادية الاجتماعية في سورية معمقة وقد تكون أخطر سنوات أو فترات تمر على سورية بهذه الجزئية، لهذا اعتقد أنه التفجير بشكل عام ممكن يحدث بسهولة في هذه المناطق الحدودية أولا، وثانيا هذه المناطق اليوم فيها نفوذ لعصابات وتنظيمات، وبالتالي يعني وضعها أسوأ من أي مكان آخر في سورية".
وتابع: "من الطبيعي أن تزداد هذه الأزمة وتبدأ بالتعبير عن نفسها بهذه الصورة، وأعتقد أن الأمور في سورية تميل الى التصعيد في عدة مناطق".
بدوره يقول العميد الركن المتقاعد حافظ الخصاونة، إن الاحتجاجات في كل من درعا والسويداء لم تتوقف منذ العام 2011، وأنها مرت بمراحل مختلفة وفق تغيرات الصراع العسكري والضغوطات السياسية ومختلف عوامل التأثير الأخرى.
وشدد على أن استمرارية هذا الحراك لغاية هذا التاريخ يدل على أن سكان وأبناء هذه المناطق يدركون عدم قدرة المنظومة الحالية على حفظ أمنهم وتأمين احتياجاتهم.
وبحسب الخصاونة فإن" الحراك سيستمر لحين تحقيق أمن الجنوب السوري وذلك جزء من عملية التغيير السياسي المطلوب والضروري في عموم أنحاء سورية، موضحا أن المختلف اليوم هو وضوح المسار لدى المطالبين بالتغيير".
وشدد على أن المحتجين لن يقبلوا "بمزيد من الأكاذيب أو التسويف أو التعطيل لتلبية مطالبهم"، مبينا أن المطالب المطروحة هي مطالب تغيير سياسي شامل، تنعكس على النواحي المعيشية بشكل بارز كونها الأكثر تأثيرا.
وأوضح أن الأولوية اليوم هي للتغيير المستدام وهو تغيير سياسي بالضرورة ليضمن عدم تكرار الانتهاكات التي جرت بحق السكان هذه المناطق من كافة الأطراف المتورطة بجرائم بحق أبناء الشعب السوري