زاد الاردن الاخباري -
اختتمت فعاليات الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان الفيلم الأوروبي أول من أمس بعرض فيلمين أردنيين قصيرين للمخرجين ثريا حمدا ومحمد الحشكي وعبير الدجاني، وسط حضور جماهيري كبير، تابع الفيلمين اللذين بحثا حقوق الإنسان وبرؤية خاصة.
الفيلم الأول حمل عنوان "319" للمخرجين محمد الحشك وثريا حمدا، وتدور أحداثه حول علاقة الطفل ليث بوالده الذي كان معتقلا لفترة، وحين أفرج عنه أصيب بمرض، وتدهورت حالته الصحية، وأودع على إثرها في المستشفى في غرفة تحمل الرقم "319".
الفيلم الروائي القصير وعلى مدى 23 دقيقة، عرض مشاهد جميلة، وصورا إخراجية متقنة، وتأثيرات ورموزا مختلفة، بدءا من اختيار الصوص الصغير بلونه الأصفر المشرق الذي يرمز للأمل والحياة. ولكن هذا الفرخ الصغير يخفيه ليث على سطح إحدى العمارات، وفي مشهد ظهر فيه الصوص حيا وسط أعمدة تحتجزه ولكنه حي، حتى يموت فجأة وبدون سبب.
ويحمل الفيلم دلالات مختلفة، يمكن أن يفسرها المشاهد بحسب رؤيته، وذلك من خلال مرور ليث بمقبرة خلال توجهه للمدرسة، ورفضه زيارة والده المريض، وعدم معرفته سبب اعتقاله، سوى أنه كان مناضلا، ليبتعد عنه وينبذه.
وبالرغم من أن الفيلم كان بحاجة لتوضيح أكبر في إخراجه ورموزه المختلفة، فإن فحواه اعتمدت على حق العيش في بيئة عائلية كاملة، وحق الطفل في أن يملك أملا، إذ اضطر ليث لدفن فرخه الصغير في المقبرة، ومن هنا كانت البداية الجيدة لليث بتقبل وضعه، والنظر للجانب المشرق، أي أن له أبا ربما يحتاجه، برغم مرضه، فهو والده الذي يحبه وابتعد عنه مضطرا.
ولاقى الفيلم ترحيبا واسعا من الجمهور الذي حضر لتشجيع المخرجين ودعمهما، وعلق البعض أن الفيلم ربما احتاج لمزيد من المعالجة للفكرة، التي يجب تطويرها وإبرازها، وإن الدلالات في بعض وضعها عكست المعنى.
ولكن يبقى القول إن الفيلم القصير ناجح بمعاييره، من حيث الصورة والنص، واكتملت علاقة الصورة بالأداء والتأثير، ليخرج بمشاهد سلسلة أمتعت المشاهد في الاكتشاف واستيعاب النص وتأويله كل حسب ذائقته.
فيما كان وقع فيلم "أنونيمس" للمخرجة عبير الدجاني أكبر، من خلال التفسيرات المتعددة لفكرته ونهايته المفتوحة، فبرغم دقائقه الـ 13، إلا أنه حمل عمقا كبيرا. الفيلم مبني على فكرة سرقة السعادة من الآخرين وحقهم بالفرح والعيش على فرحة الآخرين من خلال شخصية غامضة زارت أكثر من مكان يعج بالفرح، بدءا من حفلة عيد ميلاد، وحتى نجاح وتفوق انتهاء بزوجين سعيدين.
وبينت الدجاني أن اختيار الزوجين وعلاقتهما، جاء لأنها تعبر عن علاقة صحية مقدسة، ورباط مهم يعبر عن أهمية المحبة والسعادة، وإدمان المجهول والمتطفل عليهما، علمه أن يشعر بالآخرين، الأمر الذي جعله يتوارى، مشيرة إلى أن الأصل في كل ذلك الذكريات التي نختزنها في ذاكرتنا، وتحمل أثرا طيبا، ونتخلى عنها بمجرد حصول موقف سيئ وننسى وانها لم تعن شيئا.
وللفيلم تفسيرات مختلفة تدعو للمسامحة تارة والعطاء تارة أخرى والعيش بسعادة أيضا، بطرق مختلفة، وأكدتها مشاهده الصامتة، التي اختارتها المخرجة لتعكس رؤيتها الإخراجية التي ارتكزت على التأثيرات البصرية والصورية أكثر من النص المكتوب.
هذا ويأتي الفيلمان ضمن برنامج إنتاج أفلام لحقوق الإنسان، بدعم من الاتحاد الأوروبي والهيئة الملكية للأفلام.
الغد