الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية جزء من الصراع مع الاحتلال وسياسة التهويد للقدس وأرضها وشوارعها وتاريخها، وأيضا في مواجهة سياسة التهجير للمقدسيين مسلمين ومسيحيين وتغيير البنية السكانية للقدس.
قصة الوصاية الهاشمية فيها تفاصيل كثيرة وتقوم على تنفيذها مؤسسات عديدة مثل وزارة الأوقاف والقضاء الشرعي وغيرها من المؤسسات الأردنية، التي تسعى لمواجهة التهويد والتهجير أو فقدان أي مقدسي لهويته الفلسطينية أو الأردنية حيث توجد أعداد من المقدسيين يحملون جواز السفر الأردني أو الجواز الأردني المؤقت.
القضية بالنسبة للمقدسيين والتي يعمل الأردن بوسائل عديدة على دعمهم بها هي المحافظة على الوجود المقدسي والهوية المقدسية لأبناء المدينة وسكانها وسكان محيطها، والأدوات أولها صمود أبناء المدينة ومقاومة محاولات الاستيلاء على البيوت والأماكن وصد عمليات التهجير أو تسهيل الهجرة، والأردن يحاول من خلال المؤسسات التي تتبع للأردن في القدس والتي تعزز وجودها الوصاية الهاشمية أن يحقق هذا الهدف بكل طريقة ممكنة، وليس أولها ولا آخرها موضوع تجديد جوازات السفر للمقدسيين من حملة الجواز الأردني أو جواز السفر المؤقت، والتي جاءت خلال السنوات الأخيرة انسجاما مع الوصاية الهاشمية بحيث لم يعد ابن القدس وساكنها مضطرا للقدوم إلى عمان لتجديد جواز السفر بل أصبح من خلال المحكمة الشرعية في القدس التي تتبع للمحاكم الشرعية الأردنية، وبهذا تقل الكلفة على المقدسي ودون معاناة السفر وكلفته.
الخطوة التي تتولاها دائرة الأحوال المدنية والجوازات بالتعاون مع دائرة قاضي القضاة والبريد الأردني أنجزت خلال السنوات الأخيرة حوالي 72 ألف جواز سفر للمقدسيين من خلال المحكمة الشرعية في القدس، إضافة إلى من قدموا إلى الأردن وأنجزوا معاملاتهم هنا.
كل مقدسي يفقد حق الإقامة في القدس ويفقد هويته المقدسية سيكون بديله مستوطنا يهوديا، وكل بيت يملكه عربي ويتم نقل ملكيته ليهودي عبر الاستيلاء أو البيع والشراء يكون خطوة لتحقيق التهويد.
البعض يعتقد أن الوصاية الهاشمية إطار سياسي يعمل من خلاله الأردن في القدس فقط، لكن الوصاية الهاشمية أداة في صراع هوية المكان والمقدسات والإنسان في القدس مع محتل لم يضيّع يوما منذ احتلال القدس في السعي لإثبات أنها يهودية، وما يفعله الأردن عبر الإشراف على المقدسات والأوقاف الإسلامية هو تثبيت الهوية الإسلامية والمسيحية للمدينة، وأيضا يعمل مع المقدسيين على تثبيت وجودهم هناك والتصدي لتهجير المسلمين والمسيحيين، وكل هذا في مواجهة عمل يومي على الأرض كل يوم.
سواء كانت هناك معاهدة سلام أو لم تكن فإن الأردن يدرك أن هناك معركة هوية مع المحتل على هوية كل فلسطيني، وعلى هوية الأرض ومقدسات القدس وبيوتها وأوقافها القديمة التي تثبت أن القدس عربية مسلمة عبر العقود وعبر تثبيت كل مقدسي هناك محتفظا بهويته المقدسية، فالحرب على الهوية هناك لم توقفها كل معاهدات السلام مع الفلسطينيين والعرب.
عمل أردني لا يتوقف للمحافظة على هوية القدس وتثبيت المقدسيين على أرضهم لن يكون آخره القرار الدولي من منظمة اليونسكو قبل أيام بإبقاء مقدسات وأماكن في القدس ضمن التراث العالمي المعرّض للخطر، طبعا الخطر هو عمليات التهويد والاستهداف الصهيوني.