سؤال يصعب الإجابة عليه في كلمة أو حتى جملة واحدة، كيف ننجح في السنوات العشر المقبلة؟، ليس سهلا أن تجمع سياسات وخطط ورؤى عالمية وتضعها في مساحة الجواب على هذا السؤال الذي طرحته قمة كوغ اكس للقيادة العالمية الذي نظّم في لندن، لتأتي الإجابة عليه من جلالة الملكة رانيا العبدالله ببلاغة الكلمة وعبقرية الحل عندما دعت جلالتها إلى «أنسنة صناعة القرار في القيادة».
في أنسنة صناعة القرار ووضع هذا الجانب أساسا لكل ما هو قادم من خطط ورؤى وتوجهات حتما سيجعل من السنوات القادمة أكثر إيجابية، وعطاء وتميّزا، وسيلغي أزمات ومآسي يعيشها العالم اليوم بسبب غياب الإنسانية، تحدثت عنها جلالة الملكة بكل وضوح وشفافية، واضعة تحت مهجر الحقيقة تفاصيل يُغمض العالم عينيه عنها ويصرّ على البحث عن حلول لمشاكل واضحة ولمآس صنعها غياب الإنسانية.
جلالة الملكة خلال كلمة في قمة كوغ اكس للقيادة العالمية تحدثت أمام حشد من القادة العالميين وخبراء في صناعة التكنولوجيا وقطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية والعمل الخيري أمس الأول في كلمة تحمل مضامين غاية في الأهمية، حيث قالت جلالتها «ننبهر بعلاجات تعِدُنا بالعيش الأزلي، بينما يموت يومياً حوالي 14 ألف طفل تحت سن الخامسة لأسباب يمكن تجنبها... نتابع مدراء تنفيذين وهم يستعرضون عضلاتهم، في حين يُكافح ملايين الفقراء من أجل البقاء... وتُبهرنا صواريخ تحمل سياحاً إلى الفضاء، بينما يتعرض كوكبنا للاحتراق والغرق في آن واحد»، كلمات بحجم تحديات المرحلة وحقائق بحجم وجع دول كثيرة ووضوح بحجم أعداد الضحايا من أطفال وفقراء، هي كلمات تحسم جدلا كثيرا بين تشخيص وبحث عن حلول لواقع باتت تفاصيله لا تحتاج مكبّرات للرؤية حتى يراها العالم، وحتما في أنسنة القادم يمكن القول أن كل هذا الواقع المؤلم سيكون مجرد وقائع تاريخية تطويها صفحات الذكريات شيئا فشيئا.
وفي إشارة إنسانية تحكي آلاف المعاني الإنسانية العبقرية، قالت جلالتها «أدرك جلالة الملك ما هو الأكثر أهمية. قلبه قاد أفعاله، فعلى حد تعبيره: «هناك طفل جائع وأم يائسة على حدودنا. كيف لا نسمح لهم بالدخول؟».، لتضع جلالتها العالم أمام حقيقة عملية لجعل تفاصيل الحياة تمر بكل حبّ وسلام وتصالح مع الذات والواقع، فعندما تتحدث جلالتها وقد حسم جلالة الملك مسألة غاية في الأهمية بقلبه كيف يترك طفلا جائعا على حدود بلد النشامى، وأم يائسة على حدود بلد «أبو الحسين»، ولنا في جلالة الملك أسوة حسنة، الذي طالما وضع الأردن في مكان واسع من الإنسانية والحبّ والعطاء ليبقى ملاذا آمنا لكل باحث عن الأمن والسلام.
وفي أفكار هامة ورسائل نموذجية تحدثت جلالتها في كلمتها عن القيادة وواقع حال العالم من ظروف اقتصادية وإنسانية وصحية، وتحدثت عن اللاجئين، وما تحمله الأردن من أعباء نتيجة لاستضافة الآلاف منهم، وموضوع الهجرة وما يعكسه على حياة الكثيرين، متحدثة جلالتها بلغة واضحة وصريحة جاعلة من الطريق ممهدا لكل باحث عن جواب لسؤال «القمة».
ونحو مزيد من الإبداع والتميّز في الطرح والعلاجات المؤكدة لكل أزمات المرحلة، ختمت جلالة الملكة رانيا كلمتها بالقول «يمكننا جعل السنوات العشر المقبلة أعظم حقبة من التقدم عرفتها البشرية. إذا قيمنا قناعاتنا من خلال قدرتنا على الشك... والقيادة من خلال استعدادنا للتبعية... وقراراتنا ما إذا كانت نابعة من العقل والقلب سوياً... سنتمكن من مواجهة المستقبل معاً بطاقة وتفاؤل وأمل»، نعم هي الملكة رانيا التي وضعت صيغة واضحة لعشرة أعوام قادمة يحياها العالم بطاقة وتفاؤل وأمل، برؤى واضحة ووصفة مؤكدة النجاح، وفي واقع الحال وصفة عبقرية ناضجة تنقل العالم لواقع مختلف بإيجابيات حقيقية ومثالية يبحث عنها الجميع ويسعى لنيلها.
الملكة رانيا تجيب على سؤال قمة عالمية بوصفة مثالية لحل أزمات كثيرة وتحديات وصعاب، برؤى واضحة تجعل من القادم أفضل من واقع باتت أزماته تتلاحق وتحدياته تتوالى.