زاد الاردن الاخباري -
- لأول مرة يتمكن حراس المسجد الأقصى المبارك من توثيق إقدام مستوطنين متطرفين على “نفخ البوق” داخل المسجد، بعدما حدث ذلك بشكل خاطف وسري دون أي توثيق خلال العامين الماضيين، في خطوة خطيرة تستهدف إعلان “الهيمنة والسيادة الإسرائيلية” عليه.
والأحد، عاش المسجد الأقصى لحظات عصيبة مع اقتحام مئات المستوطنين باحاته، وأداء الطقوس والصلوات التلمودية فيه وعند أبوابه الخارجية، في وقت أخلت قوات الاحتلال المسجد من المصلين الفلسطينيين، واعتقلت عدة شبان.
وأخرجت قوات الاحتلال أكثر من 30 مرابطًا ومرابطة من الأقصى، في مسعى لتكريس التقسيم الزماني، خلال موسم الأعياد اليهودية الذي بدأ بـ”رأس السنة العبرية”، وينتهي بعيد “العرش” في السابع من تشرين أول/ أكتوبر المقبل.
ولم تكتف بذلك، بل اعتدت بالضرب والدفع على المرابطين والمرابطات والطواقم الصحفية في منطقة باب السلسلة، مما أدى لإصابة المرابط أبو بكر الشيمي بجرح في رأسه، والمرابطتين عايدة الصيداوي ونفيسة خويص برضوض.
وللعام الثالث على التوالي، يشهد الأقصى “نفخ البوق” في منطقة باب الرحمة شرقي المسجد بشكل أطول وأكثر تحديًا من المرتين السابقتين، ما سمح للحراس برصده عبر الكاميرا للمرة الأولى.
هيمنة وسيادة
الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات يقول: إن “نفخ البوق داخل الأقصى تم خلال العامين الماضيين بشكل سري، لكنه بالأمس شهد تطورًا نوعيًا خطيرًا، لما له من بعد سياسي يرمز للهيمنة والسيادة على المسجد، ويُؤسس للانتقال من الزمن الإسلامي إلى اليهودي، واقتراب موعد الخلاص”.
ويوضح عبيدات في حديثه لوكالة “صفا”، أن “هذا الطقس التوراتي يعني أن يكون المسجد مكانًا خاصًا للعبادة اليهودية”، مشيرًا إلى أنه يجري فقط خلال مناسبتين هما “رأس السنة” و”عيد الغفران” العبري.
ويضيف أن “نفخ البوق” تم لأول مرة من قبل حاخام جيش الاحتلال “شلومو جوريون” على جبال سيناء عند احتلالها عام 1956، وفي تلة المغاربة عند احتلال شرقي القدس عام 1967، ومن ثم تواصل في منطقة حائط البراق.
ووفقًا لعبيدات، فإن “جماعات الهيكل تعمل على تكريس أداء الطقوس التوراتية داخل الأقصى، سواءً عبر اقتحام الحاخامات اليهود للمسجد بلباس الكهنة البيضاء، أو السجود الملحمي، أو محاولة إدخال القرابين النباتية إلى ساحاته، ومحاكاة ذبح قرابين الهيكل داخله”.
ويتابع أن “هؤلاء يعتقدون أن ما جري يشكل إحياءً لكامل الطقوس التلمودية المتعلقة بالهيكل داخل الأقصى، وأنا أعتقد أن ما يجري مجرد بروفة لما هو قادم باتجاه العمل على البدء في خطوات عملية لإقامة الهيكل المزعوم”.
وخلال “رأس السنة” حرصت “جماعات الهيكل” ومؤيديها على ممارسة كل ما يمكن ممارسته من طقوس توراتية في محيط المسجد الأقصى، مستفيدين من التواجد الإسرائيلي المكثف بالمنطقة.
ومن وجهة نظر الكاتب المقدسي، فإن “المتطرفين يسعون إلى تحويل الأقصى إلى مكان مقدس مشترك، لأنهم لا يريدون فقط تقسيم زماني ومكاني، بل يطمحون لما هو أبعد من ذلك، بما يعني وجود حياة يهودية داخل المسجد، وألا تقتصر الاقتحامات على باب المغاربة فقط”.
ووفقًا لتوقعاته، فإن التطورات القادمة المتعلقة بالأقصى ستكون خطيرة، حيث ستعمل حكومة الاحتلال على خلق وقائع جديدة باتجاه السيطرة على كامل المنطقة الشرقية للمسجد، والسماح للمستوطنين باقتحامه من عدة أبواب أخرى.
مرحلة جديدة
وأما المختص في شؤون القدس زياد إبحيص فيقول: إن “نفح البوق يُعد من أخطر الاعتداءات النوعية على الأقصى، إذ يقصد منه إعلان سيادة صهيونية، وانتهاء الزمان الإسلامي في الأقصى وبدء زمان التهويد، ويُكرس تحويله إلى مقدس مشترك على طريق حلم الإحلال الديني فيه، وإلى هيكل بكامل مساحته”.
ويضيف أن “النفخ في البوق علامة على بدء مرحلة جديدة من الزمن، فهو يفصل بين السنوات العبرية، وهو بداية يوم القيامة، وبهذا يكون بنظر جماعات الهيكل يفصل بين زمانين: زمان هويته الإسلامية الذي يتوهمون أنه انتهى وزمان تهويده الذي يظنون أنه بدأ”.
ويتابع أن “حاخامات الصهيونية الدينية يُعطون لنفخ البوق معانٍ عجائبية، من بينها أنه أحد علامات الخلاص، وإيذانًا بمجيء المخلص وبناء الهيكل الثالث الأسطوري، لذلك يتسابقون لنفخه في الأقصى حتى يكون سببًا بتعجيل ظهور هذا المخلص، وتدخل الرب المباشر لحسم المعركة لصالحهم”.
وعدوان “رأس السنة” العبرية- وفقًا لإبحيص- كان بداية لموسم عدوان إسرائيلي سيستمر ٢١ يومًا، يتخلله ثلاث محطات هي “أيام التوبة”، “يوم الغفران”، و”عيد العرش”، ولابد من توجيه كل الأنظار والإمكانات والتحركات إلى المسجد الأقصى للوقوف في وجه هذا العدوان.