زاد الاردن الاخباري -
عمان- ناقش اكاديميون "سرديات جميل أبو صبيح الشعرية"، في الندوة التي اقامها منتدى الرواد الكبار أول من أمس، وشارك فيها كل من الدكتور عبدالرحيم مراشدة، والدكتورة دلال عنبتاوي، وادارتها المستشارة الثقافية القاصة سحر ملص.
حضر الندوة جمهور من المهتمين بالشأن الثقافي ومديرة المنتدى هيفاء البشير التي قالت نلتقيى في هذه الأمسية الثقافية التي يستضيفها المنتدى لتسليط الضوء على عدد من سرديات الشاعر جميل ابو اصبيح بمشاركة كل من الدكتور عبد الرحيم مراشدة والدكتورة دلال عنبتاوي.
واشارت البشير إلى أن اساليب التعبير عن الذات تعددت عبر الكتابة من خلال الرواية والقصة والشعر وقصيدة النثر وغيرها، ولكنها كلها تعبر عما يفعل في أعماق الانسان من مشاعر وسرد لأحداث مفردات الحياة المختلفة، مشيرة إلى أننا في هذه الندوة أمام تجربة جديدة للشاعر جميل ابو اصبيح من خلال اصداره لعدد من الروايات، فماذا يقول النقاد عنها، وأين يمكن أن تصنف وهل هي شكل ادبي قائم بحد ذاته ، هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذه الأمسية الطيبة.
من جانبه تحدث د عبدالرحيم مراشدة في ورقته وهي بعنوان "مقاربات نقدية في سرديات الشاعر (جميل أبو صبيح)"، عن إشكالية المصطلحات ومن ذلك:مصطلح السرد ومفهومه وعلاقته بشعرية النصوص، ومصطلح تعالق الأجناس والنص العابر للاجناس، حيث تقع كتابات الشاعر بين النثر والشعر، وهذه جدلية تشغل النقد العربي في العصر الحديث، تبعا للتحولات للقصيدة العربية التي مرت، تحولات شكلية موضوعية، في محاولة من الشاعر الذي انخرط في عملية الاسهام بتجارب مهمة تواكب التحديث، فذهب في محاولة لاجتراح كتابة إبداعية مختلفة تتسم بمكونات لا تشير إلا إليه، بعد أن جرب الكتابة في الشعر العمودي وشعر التفعيل قصيدة النثر.
ورأى مراشدة أن ابو صبيح تمكن من أدوات الفنية وذلك لاطلاعه على حركة التحديث والتجديد للأدب العربي واطلاعه على المناهج والتيارات الحديثة، وعليه وقف المراشدة على الجذور المرجعية والأنساق الثقافية التي تشرب منها الشاعر مكانة الكتابة بهذه الطريقة، واتكأ عليها، لا سيما وأنه في تجريباته فيما يتعلق الإفادة من تحولات القصيدة العربية والعالمية، كأن واعيا لذاته للكون والحياة ومجرياتها وآثارها على الإنسان العربي بخاصة، ثم اتجه الناقد إلى حركية التفاصيل والأشياء والمهبمنات النصية لا سيما تلك التي تتكيء على حضور أشياء الحياة اليومية وتفاصيل في النص والتي تتعلق بهموم الشعب الفلسطيني بخاصة والشعب العربي بعامة، حيث جاءت التفاصيل لتشكل ومضات كثيفة باتجاه ترميزات تحيل الى ما يقع من ظلم وقهر للشعب المقهور، نتيجة الحروب المتعاقبة وآثارها.
وخلص مراشدة إلى أن أبو صبيح تمكن من تطويع النص الذي يتكيء على حركية السرد لخدمة خطاب النص واستراتيجيته لخدمة البعد الوطني القومي، عبر أساليب فنية راقية وباختزالية كثيفة تخفي مضمرات دلالة مهمة، ومسكوت عنه، وتحمل القاريء على المشاركة في النص لإنتاج الدلالات الخفية خلف السياق.
من جانبها رأت الدكتور دلال عنبتاوي أن بعض قصائد أبو صبيح تعتمد في أسلوبها على (السرد) الحكي فتقدم تصويرا لحكاية أو مشهد ما، ويستعين الشاعر في ذلك بالصورة الشعرية، خاصة عند وصف البيئة وتصوير ملامح الشخصية ونفسيتها، بينما يكثر اعتماده على التعبيرات الحرفية لدفع الحكاية/ القصيدة نحو النمو والتطور، أي لتحريك الأحداث والزمن، وإن كانت هذه القصائد التي تروي أحداثاً متتابعة يتضاءل فيها دور الصورة الشعرية إلى حد ما.
واشارت عنبتاوي أن ما لفت نظرها في هذه السرديات هو. تعدُّد الأمكنة وحضورها المكثَّف في جميع سرديات هذه المجموعة، وقد رغبت في أن تسلط الضَّوء على الأمكنة الأليفة فيها فقط وتركت الحديث عن الأمكنة المعادية لقراءة أخرى تتبعها فيما بعد، مبينة أن الشاعر سعى في هذه السرديات للتّعبيرِ عن مدى قرب هذا المكان من ذاته ونفسه؛ فهو يقول في قصيدة "سردية الحمامة"، "والمرأة بثوبها المطرز/ جلست على الأسفلت/ تثير نجوما صغيرة من الموسيقى/ والنجوم تطوف حولها/ هالات من الأقمار الزرقاء/ تبني بيتا من الموسيقى/ بيتا على البحر/ وأشجار صفصاف حول البيت/ ممر مرصوف بالصدف/ وساقية صغيرة على المرمر"، لقد ظهر البيت هنا مكانا أليفا بصوره الزاهية الجميلة فهو بيت من الموسيقى/ ويقع في مكان جميل البحر/ وحوله شجر يلفه من الصفصاف وكان هذا البيت يعبر عن صورة جمالية خالصة.
وفي قصيدة سردية "لست أبكي"، "جرافة بحجم البيت/ الجدران تنهار/ والأعشاب النابتة عليها/ وأنامل أجدادي/ تقفز إلى تربة مجاورة"، حيث يقول في ذات القصيدة وبموقع آخر "ولست أبكي/ ولكنه دمعي يسيل/ سأفرد علما كبيرا علي الركام/ وأحمل مفتاح البيت على كتفي/ حمامة ترفرف على جيبتي ... ولست أبكي / لكنه دمعي يسيل/ على كتفي سرب من الأطفال/ يطلقون طائراتهم الورقية في الريح/ وأنا أقف على عتبة البيت/ أسحب قيثارة الريح/ وأعزف للركام".
وخلصت عنبتاوي إلى أن الشاعر يعطي للبيت هالة من الجمال والتصوير الرائع فهو محاط ببحر من الضوء مضاء غير مُطفأ يشع النور منه لانه يطل ويقارب النجوم وفي الليالي الصافية التي لاتعكر الغيوم والسحب صفوها، ونجده كذلك يرى فيه الحب والإحاطة والحنان فهو بيت العائلة الكبير المتسع لكل العائلة من الماء الى الى الماء وهنا أجد ان دلالات البت تتجاوز حدوده ليصير الوطن.
تلا ذلك قرأ الشاعر مجموعة من قصائده السردية منها، "سردية ليست ابكي"، "سردية الحمامة"، "سردية القطار الليل" التي يقول فيها "في قطار الليل/القطار المنطلق كسلحفاة سريعة/من أقصى الجنوب/بعد الثامنة مساء/إلى أقصى الشمال/حيث الشبابيك بلا زجاج/والستائر بنات الرياح/أربعة أصدقاء"