التعديل الوزاري في الأردن ضرورة ، وأعتقد بأننا في أمس الحاجة حالياً الى جراحة ترفد دما ثوريًا في أوصال الحكومة مع أهمية الخبرة والرؤية، ليرتقي أداء الحكومة وسياساتها الداخلية والخارجية الى مستوى تطلعات الشعب ، الذي قدم كل الممكن من أجل أمنه و وطنه.
أعلنت الحكومة الأردنية تعديلا وزاريا شمل دخول وزراء جدد في حكومة رئيس الوزراء، الدكتور بشر الخصاونة لكن هذا التعديل دون جدوى ولا يحمل أي بصمة إضافية، هذا تعديل قبل الرحيل، كل الحكومات يجري عليها تعديلات، وتأخذ فرصتها، قبل أن يتم استهلاكها وإستبدالها".
مجرد حكومات وظيفية ليس لها أي بصمة إضافية أو نكهة متميزة عن غيرها".
إنها "البيروقراطية الأردنية، فكل الحكومات تجري على نفسها عدة تعديلات لكسب أكثر وقت ممكن في الحكومة ومشاغلة الرأي العام وتحميل بعض الوزراء مسؤولية فشل أداء الحكومة".
لكن هل جاء الإعلان عن التعديل الوزاري (26 سبتمبر 2023 ) في توقيت مناسب، في ضوء تفاعلات سياسية وإقتصادية وإجتماعية تجري حاليا على الساحة الأردنية، وهل يكتسب أبعادًا حيوية في غياب البرلمان ووحدة قوى الحرية والتغيير؟
الإعلان عن (إستقالة وزراء )بناء على طلب رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة أثارت رؤى متباينة على الساحة الأردنية ، خصوصا في أوساط شبابية وغيرها .
ربما يبدو هذا التعديل طبيعيا لدى مواطنين ومراقبين ، لكنني أرى أن توقيت التعديل غير مناسب،كما أن الأجواء السياسية المؤدية لإنجاح أهدافه غير متوافرة حاليا .
المؤكد أن الإسراع في إعلان التعديل الوزاري جاء تحت ضغط عنصر (الوقت) لتلبية وعد الخصاونة ب(قرارات حاسمة) خلال هذا العام، قبل إنتهاء المدة المتبقية لمجلس النواب، والشروع في الإنتخابات المقبلة.
أعتقد بأن التعديل الذي جرى بموجبه قبول إستقالة وزراء من دون إعلان وزراء (الواسطة) الجدد في اليوم نفسه كان يمكن ارجاؤه ليحمل معان أكبر.
ما جرى إعلانه بشأن تعديل وزاري -وهو غير مكتمل وناقص- أثار تساؤلات ومظاهر وبوادر إنقسام في الرأي العام ،خصوصا في ما يتعلق بقبول إستقالة وزير العمل و(إعفاء)وزير الإتصال الحكومي.
لست بصدد تحليل أدوار هذين الوزيرين حاليا،لكنني أرصد في هذه السطور تفاعلات الحدث ،اذ تشهد أوساط الشعب إنقساما واضحا وملموسا بشأن اقالة هذين الوزيرين .
هذا معناه أن خطوة التعديل الوزاري التي كان من المأمول أن تشيع إرتياحا في معظم أوساط الشعب -ولا أقول كلها- لأن هذا من المستحيلات – قد تسببت في إثارة تساءلات ملموسة في بعض الأوساط الشعبية ،أي أنه جاء خصما من رصيد رئيس الحكومة لا إضافة لشعبيته. أقول في هذا السياق أن هناك مسؤولية تضامنية للحكومة ينبغي أن ينهض بها رئيس الحكومة ووزراؤه.
رغم أهمية بصمات أي وزير في إدارة وزارته وإنجاح أهدافها،فان المسؤولية التضامنية تعني أن يتحمل رئيس الوزراء مسؤولية فشل أية سياسات ارتضاها في سياق إدارته للحكومة،ما يعني أنه يتحمل أيضا مسؤولية اخفاق أية سياسات ، كما يتحملها الوزراء في الوقت نفسه.
هذا يعني أن جوهر المسألة يكمن في مدى تبني الحكومة لسياسات متفق عليها ينفذها أي وزير بعدما يطرح رؤاه في مجلس الوزراء في إطار أولويات الحكومة، ثم يحاسب على مدى نجاحه في تنفيذ أولويات الحكومة وبرنامجها.
حكومة ( التعديلات ) تحتاج الى تحديد الأولويات، في إطار إعلان قوى الحرية والتغيير في البرلمان الذي يحتاج الى تطوير، وتحتاج أيضا الى تعميق نهج المكاشفة المستمرة مع الشعب.
خلاصة الرأي،أرى أن أهم مصدر (يفرخ ) المشكلات في الأردن حاليا يكمن في عدم تشكيل برلمان قوي ذو هيبة مرموقة يقوم بمراقبة أداء الحكومة .
اذا جرى تشكيل هذا البرلمان ، فان رئيس الحكومة مطالب بتقديم بيان من وقت لآخر بشأن سياسات حكومته وقراراتها ، كما سيخضع الوزراء لرقابة ومساءلة البرلمان .
في غياب البرلمان لا يمكن أن تتوافر لأي تعديل وزاري أبعاده الإصلاحية الكبرى وليس في مقدور أي حكومة في زمن التحول الديمقراطي أن تقنع الشعب بأنها حكومة وطنية ذات سلطة تضع الديمقراطية والشفافية في صدارة أهدافها وأولوياتها في غياب او تغييب دور البرلمان ،وفي هذه الحالة ستخضع قضايا الوطن لتقديرات شخصية لا مؤسسية .
الكرة أراها قابعة منذ فترة طويلة في ملعب (قوى المعارضة في مجلس النواب ) التي تهمش أدوارها بتشتتها ومناكفاتها.
الشارع بشبابه الحيوي من الجنسين ونسائه ورجاله أكد على الرغم (من الصعوبات والأزمات) انه الحامي لمقدرات وخيرات بلده، ومطالبه واضحة، يتصدرها السلام والعدالة الانتقالية والعيش الكريم .
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي