حين تكون ردة الفعل غير متناسبة مع الفعل ذاته، بل وربما أسوأ منه، لا بد من وقفة تأمل أمام الأسباب والدوافع التي تجعل حدوث أمرٍ كهذا ممكناً...يسري ذلك على العلاقات بين الأفراد، كما ينطبق فيه على العلاقات بين الشعب والحكومة... اما آخر تجليات هذه الظاهرة ( التطعيم ضد الحصبة ).
هل هناك حاجة لأخذ اللقاحات للوقاية من الحصبة و الأمراض التي تم السيطرة عليها ولم تعد موجودة في المملكة؟ هل للقاحات آثار جانبية خطيرة قد تؤدي إلى عاهة دائمة او الوفاة؟
توصى وزارة الصحة بالإستمرارية في أخذ القاحات، حيث أن مسببات الأمراض المعدية (الميكروبات) لازالت موجودة في بعض دول العالم، فلابد من الإستمرارية في أخذ الإجراءات الوقائية كالتطعيم إذ أن هذه الميكروبات قد تصيب غير المحصنين عند وفادتها للمملكة. لذلك من الواجب على الحكومة الأردنية تقديم إثباتات وضمانات لطمئنة المواطن الأردني على أبناءه، وليس بعقد مؤتمر بهذا الحجم فالتصريحات الإعلامية وترديد المصطلحات العابرة كما مر بنا في ( حملة كورونا )، أفقدت المواطن الأردني ثقة بحكومته، بعد أن ثبت عدم مصداقية المطعوم وأنه لا جدوى منه.
لقد ثبت علمياً علاقة سببية بين لقاح الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف ومرض التوحد. إذ أن هناك عدة عوامل تؤدي إلى إصابة الطفل بمرض التوحد حيث يشخص المرض في الكثير من الأحيان في العام الثاني من العمر ويتزامن ذلك مع السن الذي يعطى فيه اللقاح. وفي عام 1998 انتشر القلق بين الناس نظراً لنشر دراسة تشير لإحتمالية وجود صلة بين اللقاحات والتوحد غير أن هذه الدراسة تم سحبها من المجلة التي نشرت فيها ودحضها بعد إكتشاف أخطاء وتضارب في المعلومات حسب رأي منظمة الصحة العالمية.
حسب رأي وزارة الصحة إن اللقاحات آمنة بشكل عام. دون عرض أدنا إثبات يدلل صحة ما صرحت به، والأعراض الجانبية التي تعقبها قد تكون تعد بسيطة ولكنها مبهمة وغير معروفة على الإطلاق. وقد بينت وزارة الصحة أن من هذه الأعراض ألم واحمرار في منطقة الحقن وحمى في بعض الأحيان. وتعد المضاعفات الخطيرة غير واضحة وعند إكتشافها يتم التحري عنها ومتابعتها. كما أن المخاطر والمضاعفات التي قد تنجم عند الإصابة بالأمراض المعدية تفوق عادةً المخاطر التي قد تعقب أخذ اللقاحات.
وبشكل عام يعتبر خطر اللقاحات أقوى بكثير مقارنة بفوائدها ويتم اتخاذ القرار بأخذ لقاح معين بعد الموازنة بين الفائدة المرجوة من اللقاح والأخطار المترتبة علية والخطر الذي قد يلحقه المرض بالإنسان في حال إصابته به. ويبقى الأمر بيد صاحب العلاقة المباشرة ولي الأمر، بالإقتناع بأخذ المطعوم من عدمه.
إن تناول المضادات الحيوية تعتبر مانعاً لأخذ اللقاحات، كما أن الإصابة بالأمراض البسيطة تشكل مانعاً من أخذ اللقاحات، لذلك يوصى بتأخير التطعيم عند الإصابة بمرض متوسط الشدة أو شديد مع الحمى أو بدونها على ضوء التقييم من مقدمي الخدمات الصحية.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي