زاد الاردن الاخباري -
أعلنت الحكومة المصرية إطلاق مبادرة لتخفيض أسعار السلع الأساسية، بالتنسيق مع البنك المركزي والتجار والصناع، ما أثار تساؤلات عن التوقيت وإمكانية تحقيق ذلك على الأرض.
جاء الإعلان بعد أن عقد رئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، وعدد من الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، اجتماعا، الثلاثاء، مع ممثلي عدد من الشركات الخاصة بالسلع الغذائية ومسؤولين في عدد من الغرف التجارية والصناعية.
وبحسب بيان لمجلس الوزراء، أقر مدبولي في الاجتماع، بأنه تم رصد ارتفاعات شديدة في أسعار السلع الغذائية خلال الفترة الأخيرة.
وقال مدبولي: "سنعمل معا على أن تكون هناك وفرة في مختلف السلع بالأسواق، بما يسهم في انخفاض الأسعار، خاصة السلع الغذائية، وسنعمل بالتنسيق مع البنك المركزي على توفير المكون الدولاري المطلوب، وسنتشارك معاً في وضع حلول تضمن انخفاض أسعار السلع الأساسية".
من جانبه، قال وزير التموين، علي المصيلحي، إن "ما تم عقده من اجتماعات مع مختلف الجهات المعنية، يهدف إلى تحديد عدد من السلع الأساسية المطلوب توفيرها بأسعار مناسبة"، مضيفا أنه سيتم الاتفاق مع مختلف السلاسل التجارية فيما يتعلق بهذا الشأن، تحقيقاً لهدف أن يشعر المستهلك بتخفيض حقيقي في الأسعار".
وبينما أشار الوزير إلى أن تخفيض الأسعار سيصل إلى كل التجار والبقالات المختلفة، قال الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، في حديثه مع موقع "الحرة": "نحن نعيش بالفعل على المبادرات والمعارض المؤقتة مثل "أهلا رمضان"، "أهلا بالمدارس" و"أهلا بالمولد النبوي"، التي تعتمد فيها الحكومة على بيع ما قرب انتهاء صلاحيته بأسعار أقل بثلاثين في المئة تقريبا. أين دور الوزارات والأجهزة الرقابية".
تأتي المبادرة في وقت سجل فيه التضخم رقما قياسيا جديدا، في أغسطس، إذ بلغ حوالي 40 في المئة، ليصل بذلك إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في الشهرين السابقين.
وفرضت أزمة الغلاء وارتفاع نسب التضخم على الساحة في الشارع المصري الآن، إذ أصبح المصريون يتداولون تدهور الوضع الاقتصادي في أحاديثهم اليومية وعلى وسائل الإعلام وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي.
الإجراءات
وكشف الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية، علاء عز، في تصريحات تلفزيونية، أن هناك إجراءين تم الاتفاق على تنفيذهما بين الحكومة والبنك المركزي وعدد من التجار والصناع من أجل نجاح مبادرة خفض أسعار عدد من السلع الغذائية الأساسية، واللذين سيؤديان إلى خفض التكلفة على المنتجين والمستوردين، وإلى القدرة على تطبيق المبادرة بشكل مستمر".
الإجراء الأول، هو تدبير الدولار بالسعر الرسمي (31 جنيها) بدلا من 40 جنيها في السوق السوداء، لاستيراد السلع والمواد اللازمة للصناعة.
أما الإجراء الثاني، فيتمثل في صدور قرارات حكومية، من بينها خفض الأرضيات الجمركية على السلع ومستلزمات الإنتاج المستوردة.
وأضاف عز، في مداخلة هاتفية مع برنامج كلمة أخيرة، أن هذه السلع تتضمن الفول، والعدس، والألبان، والجبن، والمكرونة، والأرز، والسكر، وزيت الطعام.
لكن النحاس، يرى أن "مبادرة تخفيض أسعار السلع الأساسية وإن حدثت، فلن تكون مستمرة".
وقال: "المبادرة تأتي في هذا الوقت نظرا للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال شهرين، كل انتخابات نرى تهدئة الأسعار كنوع من الدعاية، وإلا فأين كانت الحكومة عندما كانت الأسعار ترتفع بشكل جنوني، ولماذا لم تتدخل".
وأعلنت هيئة الانتخابات، أن السباق الرئاسي سيجرى من 10 إلى 12 ديسمبر، أي قبل قرابة أربعة أشهر من انتهاء الولاية الحالية للسيسي، مطلع أبريل المقبل، وفقا لموقع الهيئة العامة للاستعلامات.
وأعلن السيسي، الاثنين، ترشحه لولاية جديدة.
20 في المئة
ويتوقع عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية، أحمد صقر، في تصريح لصحيفة "المصري اليوم" أن تنفيذ المبادرة سينتج عنه تخفيضا في كافة أسعار السلع الغذائية بنسبة 20 في المئة تقريبا، وعلى رأسها الزيت والسكر.
وخلال الشهرين الماضيين ارتفع سعر السكر الذي يدخل في صناعة الكثير من المواد الغذائية بنسبة مئة في المئة، ووصل سعر الكيلو أكثر من 35 جنيها تقريبا، بالرغم من انخفاض سعره عالميا بنحو أربعة في المئة، بحسب ما نقلت صحيفة "مصراوي" عن عضو شعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، حازم المنوفي.
وكشف صقر إلى أن قرارات متوقع صدورها بتخفيض الأرضيات الجمركية للسلع المستوردة من شأنه أن يقلل الأسعار بنسبة عشرة في المئة، فضلا عن تخفيض رسوم أخرى من قبل الجهات الرقابية، إضافة إلى تعاون المنتجين من خلال تخفيض جزء بسيط من هامش ربحهم لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، مشيرا إلى أن بداية تطبيق المبادرة سيكون بعد عشرة أيام.
"مقامرة انتخابية"
من جانبه قال النحاس في حديثه مع موقع "الحرة: "نعم، الحكومة تستطيع بالفعل تخفيض الأسعار، واعترفت اليوم بذلك عندما أعلنت عن المبادرة، لكن حتى بعد تخفيض الأسعار بنسبة 20 في المئة فستكون أيضا مرتفعة على المواطن الذي شهد ارتفاعا كبيرا في تكلفة المعيشة على مدار الأشهر الماضية".
وأضاف: "هناك تساؤلات أصلا بشأن ارتفاع أسعار سلع أساسية، مثل السكر الذي لدينا اكتفاء ذاتي بنسبة 97 في المئة منه، والزيت الذي تحتكر الحكومة استيراده بنسبة مئة في المئة، واللحوم بالرغم من أنه إنتاج محلي".
وشكك النحاس في أن تكون الأسعار المنخفضة مستمرة لوقت طويل، "ستنتهي بمجرد انتهاء الانتخابات".
وقال: "الحكومة أعلنت سابقا عن مبادرة لوضع الأسعار الرسمية على الأكياس، لكن هذا لا يحدث، فضلا عن أن الوزراء أحيانا يخرجون ويتحدثون عن أسعار للسلع لا نراها على أرض الواقع. من يحاسب الوزراء على تضليلهم للرأي العام".
وأضاف: "حتى تقوم الحكومة بتنفيذ المبادرة بسرعة خلال الأسبوع المقبل كما تريد، فإنها أمام خيارين، أولهما أن تفرج عن مخزونها الاحتياطي الاستراتيجي، وهذا سيكون بمثابة "مقامرة انتخابية"، وانتحار من وجهة نظري لأننا نعلم أن العام المقبل سيكون صعبا جدا على العالم بأكمله، فضلا عن أننا ننتظر تخفيضا جديدا للجنيه بعد الانتخابات ما سيرفع من أسعار السلع مع قلة المعروض إذا تم استنفاذ ما لدينا حاليا".
والخيار الثاني بحسب النحاس، فهو إفراجها عن السلع المتراكمة في الجمارك، فضلا عن التجار أنفسهم سيخرجون ما لديهم من مخزونات قاربت صلاحيتها على الانتهاء وإعادة تعبئتها.
مصطفى هاشم