حين انسحب الاحتلال الاسرائيلي من غزة قبل سنوات طويلة وتركها لم يكن يريد هذه النهاية بل كانت دائما أمنيته ان تخضع غزة لحكم مصر لتتولى امر إدارتها وضبط تنظيماتها، وربما ما يتمناه الاحتلال ان يتم توطين ملايين الفلسطينيين في سيناء تحت حكم مصر وهذا المخطط كان موجودا على الطاولة في فترات الفوضى في مصر اثناء ما يسمى الربيع العربي ومابعده.
مصر تدرك ما تفكر وتتمنى اسرائيل وحتى في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك كانت فكرة الجدار مع غزة ليس لحصار اهل غزة بل لمواجهة المخططات الإسرائيلية.
والجزء الآخر من الاراضي الفلسطينية 67 هي الضفة التي تركتها جزئيا لحكم السلطة الفلسطينية لكنها التهمت اجزاء كبيرة في الاستيطان والضم لكنها تتمنى ان يكون ما بقي من الضفة وماعليها من سكان تحت حكم الاردن، وتتخلص من عبء امني وعبء سياسي هو الحقوق الفلسطينية ويكون على مصر وعلى الأردن ضبط الفلسطينيين بل وتوطينهم بالجنسيتين المصرية والاردنية ولا يبقى هناك شيء اسمه فلسطينيون إلا في المشاعر والحنين.
أحداث غزة الحالية أكدت لمصر وللجميع المخططات الإسرائيلية، فالدعوات من مسؤولين إسرائيليين كانت واضحة لأهل غزة بالذهاب الى مصر بعد نزوحهم نتيجة العدوان والقصف، وكان هناك منع لدخول اي مساعدات انسانية وتحريض على نزوح الفلسطينيين عبر المعبر الى مصر، لكن مصر التي تدرك الهدف الاسرائيلي اغلقت المعبر وتتعامل بحزم مع المحاولة الإسرائيلية، فلو خرجت اي اعداد الى مصر فلن يكون من السهل اعادتهم وستتكرر تجارب سابقة في مراحل القضية الفلسطينية.
ولو حدث في اي فترة امر مشابه في الضفة الغربية فسيكون الهدف الصهيوني ذات الهدف عبر عنف يدفع الناس للهجرة الى الاردن هربا من الموت والقصف او تهجير قسري، وكما تدرك مصر المخطط والأمنيات الصهيونية فإن الأردن يدركها جيدا ويدرك ايضا حتى المخططات الناعمة لتصفية القضية الفلسطينية عبر افكار سياسية مثل الفدرالية والكونفدرالية.
إسرائيل تريد التخلص من العبء الامني والسياسي والبشري في غزة والضفة، فانسحابها من غزة لم يحل مشكلتها الأمنية، ووجود سلطة فلسطينية رغم ضعفها وتنسيقها مع اسرائيل لكنه لم يلغ وجود قضية فلسطينية، ولهذا تتمنى ان تذهب غزة تحت حكم مصر والضفة تحت حكم الأردن او على الاقل تتخلص من جزء من سكان الضفة وغزة عبر تهجير ناعم أو عبر عدوان.
في حرب غزة الحالية حاولت اسرائيل فتح الباب لتهجير اعداد من اهل غزة الى مصر، وردة الفعل المصرية كانت حازمة وواضحة، لكن ما تتمناه اسرائيل وتحاول اقتناص الفرص لتنفيذه هو غزة لمصر او جزء من أهلها مرحليا لمصر والضفة او جزء من أهلها للأردن مرحليا وهذا هو أهم اشكال تصفية القضية الفلسطينية.