رصد ومتابعة الاعلامي عيسى محارب العجارمة - هذه المقالة اوردها كاملة للعلامة الشيخ المرحوم علي الحلبي لأهميتها لموضوع الساعة في معركة غزة الجارية حيث اسهب بعد احدى جولات النزال الدموية وما اطولها في غزة العزة ، فللباطل جولة وللحق جولات رحمك الله شيخنا الجليل وكأنك تعيش بيننا اليوم ايها الطود السلفي الشامخ تسدد وتقارب وتنصح وتعيش الحدث لحظة بلحظة ، طبت حيا وميتا يا اسد السنة حيث يقول حينها :-
...بعد انتهاء (حرب غزّة)..
لي كلمةٌ وعبرةٌ -أيها الإخوةُ الأعزّة-.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله ، وعلى آله وصحبِه ومَن والاه .
أمـا بعـد :
فبعد أكثرَ مِن شهر..من القتل والبلاء والقهر..وقد وضعت الحربُ أوزارَها-أو كادت-وقد تكلّمنا..ونصحنا..ودَعَونا..ونبهْنا-وغيرُنا-؛ فمِن الواجب علينا-جميعاً- التفكُّرُ والاعتبار، والتوجيهُ لعموم الأمّة،وتذكيرُها بأمور مهمّة:
أولاً- كلُّ مؤمنٍ بالله – تعالى- في أنحاءِ الدُّنيا ، وأرجاءِ العالَمِ : يُرَدِّدُ في صلواته – وغيرها – آناءَ الليل وأطرافَ النهار – قولَ ربّ العالمين :﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِينَ﴾؛ مُجدِّداً العهدَ مع ربِّه – سبحانه – على استمرار تلكم العداوة الاعتقادية مع اليهود الملاعين ؛ الكَذَبة على الله – عزوجل- ، والقتَلَة لرسل الله – عليهم الصلاة والسلام-.
وهذا-كلُّه- بَدَهِيّةٌ لا يجوزُ التردُّدُ فيها-ولا الوقوف- ! ولا التشكيكُ بها تحت أيٍّ مِن الظروف ! وهو –لمزيد ظهورِه- ممّا يَحِقُّ أن يُقالَ فيه:«توضيح الواضحات مِن الفاضِحات»!
ثانياً-وبمُقابل هذا الأصل : فثَمّةَ أصلٌ آخرُ- مهمٌّ- جداً- لازمٌ له، بل أوجبُ منه، وهو : حُبُّ نصر الإسلام ، ورفع لوائه ، ودفع بلائه ، والقيام بحقوقه وواجباته ، وانتشار أنوار هَدْيِهِ في الخافِقَين ...﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾..
ثالثاً- مِنَ المقرَّر عند كلّ مسلم- رضي بالله رباًّ ، وبالإسلامِ ديناً ، وبمحمدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نبياً ورسولاً- أنَّ الملحمةَ الكبرى ، والمواجَهة العُظمى آتيةٌ لا ريب فيها ، ولا شكَّ يعتريها – شاء مَن شاء ، وأَبى مَن أَبى - :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ ؛ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ ، يَا عَبْدَ اللهِ: هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ»..
فالشرطُ : دينُ الإسلام ، والواجبُ : العبوديّةُ للمَلِك العلاّم ..
كي تذهبَ – وتنمَحِيَ – بِذا -جميعُ الفوارق الحزبيّة ، والشِّعارات العنصريّة ؛ فضلاً عن ألوان المذاهب الفكرية والعقائدية – ممّا يُوهِنُ (بعضُه) الأمّةَ ، ويُبعِدُ عنها النصرَ وأسبابَه-:
وحُجّةُ (بعض) ذلك : ما صَحَّ في السُّنَّةِ المطهرة : عندما سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ غَزَواتِهِ- قَائِلاً يَقُولُ : (يَا لَلْمُهاجِرينَ!) ، وَآخَرَ يَقُولُ : (يَا لَلْأَنْصَارِ!) ، فَقَالَ : «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟!».
«هَذَا ، وَهُمَا اسْمَانِ شَرِيفَانِ ، سَمَّاهُمُ اللهُ بِهِمَا فِي كِتَابِهِ ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ .
وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى أَنْ يَتَدَاعَوْا بِـ «الْمُسْلِمِينَ» ، وَ«الْمُؤْمِنينَ» ، وَ«عِبَادِ الله» ..
وَهِيَ الدَّعْوَى الْجَامِعَةُ ؛ بِخِلَافِ الْمُفَرِّقَةِ كَـ «الْفُلَانِيَّةِ ! وَالْفُلَانِيَّةِ !»)- كما قال الإمام ابن القيِّم-...
رابعاً-ما هو جارٍ- اليوم- على ثَرى فلسطين السلبية- عموماً- ، وغزَّة الحبيبة-خصوصاً- مِن تسلُّط اليهود الملاعين – إخوان القردة والخنازير- على أهلينا المستضعَفين ، وإخواننا في الدِّين : أكبرُ عاملِ تأكيدٍ على هاتيك العداوة المتدحرجة عبر القرون مِن هذا العدوِّ الغادر الملعون غيرِ المأمون :
فلا يُستَغْرب منهم نقضُ عهود ، واتفاقيات..
ولا يُستَهْجَن منهم قتلُ شيوخ ، وأطفال ، ونساء..
ولا يُستَعْظَم منهم هدم بيوت ، ومستشفيات ، ومساجد..
{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}..
إنَّها عداوةُ اعتقادٍ ووجود ، وليست مجرَّدَ عداوةِ احتلالٍ لأراضي الآباءِ والجدود،
أو اعتداءٍ على حُدود !
خامساً-نقولُ هذا – ابتداءً- لبعض نفَر من (الإسلاميّين) وَسَمُوا كلَّ مخالف لهم في (مسبّبات!) هذه الكائنة الحاليّة الرهيبة – مِن العدوان الصهيوني الغاشم على غزَّة ، أو (نتائجها !)- وليس ذاتَ مقاومة هذا العُدوان ، أو مجردَ الدفاع عن أهلنا فيه – بأنهم : (مُتَصَهْيِنَة العرب !) ، أو (ذوو القلوب اليهودية !)،أو : (منافقون !) ، أو ... أو ... !!
وهذا تَعَدٍّ سافرٌ على الضمائر..وتدخُّلٌ فاسدٌ في النوايا ودواخل النفوس..
وتجرّأ بعضٌ آخرُ-أسوأَ وأقبحَ!- ؛ فوصف مَن خالفوه في هذا الأمر– نفسِه– (مسبّبات !) ، أو (نتائجَ !) – لا غير!– بأنهم : (مرتدّون) !!
وهذا تجاوزٌ في الحدّ إلى أكبرِ حدّ-والعياذُ بالله-..
سادساً-وبمناسبة الوصفِ للمُخالف بالردّة – (مرتدّون !)-كما قاءه ذلك البعضُ!-، وفتحِ هذا البابِ الخطيرِ – جداًّ-أقولُ : ألم تقرؤوا ما قاله ذاك المدَّعي (للدولة الإسلاميّة!) - بالمواقف البطوليّة !-؛ مطالباً بأن يكون أولُ الجهاد والقتال ضدّ (حماس) : (لأنهم مرتدّون!!!) ، ثم يكون – بعد- القتال لليهود : (لأنهم كتابيّون) !!
وهذا غايةٌ في الجهل ، والحماقة ، والسوء ...فلا يُقابَلُ الفسادَ –إن كان كذلك- إلا مثلُه-فواأسَفاه-!
نعم؛ لنا على (حماس) ملاحظاتٌ وملاحظاتٌ-من قبلُ ومن بعدُ-كما سيأتي-ولكن؛أن يُقالَ: (مرتدّون!) !! نعوذُ بالله مِن هذا الوصف المأفون...
و(ملاحظاتُنا)-إن كانت صواباً وحقاً-هي مِن باب الشفقة عليهم ، والرحمة بهم ، والحرص عليهم-فالإسلام يجمعُنا ولو...أو...-..لا كحالِ كثير من الإعلاميين العلمانيين -المُمَنهَجين-..الذين يستغلّون أيّةَ فرصةٍ للغَمز بالإسلام مِن خلال الطعن ببعض دعاة الإسلام،والتربّص بهم ،والترصّد لهفواتهم-أو أخطائهم-!
سابعاً-ويجبُ التنبيهُ -هنا-لزوماً- إلى أنَّ مبنى مخالَفةِ مَن خالف –مِن طلاب العلم مِن أهل السنة-دون أولئك الغُلاة البُغاة - الذين جعلوا نقدَهم لحماس –على اعتبار كونهم مخطئين- أشدَّ مِن نقضهم لليهود –القَتَلة المجرمين- في مُجرَياتِ هذه الحرب المَهولَة - سواءً أصابوا في مخالفتهم هذه أم أخطؤوا!- : أنهم يَرَوْنَ ويعتقدون أنَّ رفضَهم لهكذا حرب- غير متكافئة-،وضرورة وقفها: هو النُّصْرةُ الحقيقية للشعب الفلسطيني-والغَزّيّ- ، وبه تُحْفَظ بيضَتُهم ، ومِن خلاله تُدرأ الفتنُ عنهم-!
ولو تأمّلنا الفرقَ –أثناء الحرب- ما بين (رفض الهدنة!)،ثم(قَبول التهدئة!)-وهي بضعةُ أيام-حَسْبُ-وما لَحِق ذلك مِن قتل المئات،وجرح الآلاف،و..و..-لأدركنا حقيقةَ الموقف الصواب المغطّى (!) بأكثرَ منه مِن العواطفِ والضباب!
أم أنّ دماء الأطفال والنساء والشيوخ الكبار -وقد سالت كالأنهار!- استُرخِصت إلى هذا الحدّ ؟!
فوالله؛ إن الأمرَ كما قال رسولُ الله ﷺ: :« لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»...
ولا ينقضي العجبُ مِن سائر أولئك الطاعنين -وكلُّهم قاعدون(!)-لا مجاهدون!- بهؤلاء المخالفين-على وَفق ما تقدّم نقلُ ألفاظِ بعضِ طعونهم فيهم!-:لأننا كثيراً ما قرأنا لهم – وسمعناهم-قديماً وحديثاً- يَتغنَّون (!) بقاعدةٍ اخترعوها ! وكلماتٍ افترعوها -متنادين-: (نتعاونُ فيما اتفقنا عليه ! ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)-على ما لنا عليها من نقد!وعليهم من مؤاخذة!-!!
فما لهم – اليومَ – لقاعدتهم ينقضون ! ولبنيانهم يهدمون؟!
ثامناً-نحن – ها هنا – لا نطالبُ هؤلاء الطاعنين بالسكوت عمّن خالفهم!أو أن لا ينتقدوا كلامَ مَن ناقضَهم!! وإنما نطالبُهم – إنْ خطّؤوا غيرَهم – أن يكونَ ذلك منهم-إنِ استطاعوا!- بالعلم الجليل ، والأدب الجميل...أو-على الأقلّ- دون طعن في النوايا ، أو دخولٍ فيما للنفوس من الخبايا ؛ فضلاً عن الإقْذاع في القول ، والاستطالة في السَّبِّ والشَّتم ...﴿أَوَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾..
تاسعاً-مِن أقبح أمثلة بعض ذلك الطعن القميء – إن صحّ الخبرُ عن قائله-: ما كتبه دكتورٌ إعلاميٌّ إعلانيٌّ على صفحته الفيسبوكية- طاعِناً في عالِمٍ جَليلٍ ممن رآه مخالفاً له-ولو في بعض الأمر- على نحو ما ذكرنا- بقوله- حرفياً-فيه-: (قبّحك الله، وسوّد وجهك في الدنيا قبل الآخرة..اللهم أذقه مما ذاقه أهل غزة عاجلاً غير آجل) !!
فلستُ أدري-وقد أدري-..مَن الأحرى باستحقاقِ مثلِ هذا الدعاءِ على مسلمٍ-أيِّ مسلم-!؟
فرسولُنا ﷺ يقولُ : «مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ : أَسْكَنَهُ الله رَدْغَةَ الْخَبَالِ [عُصارَة أهل النار] ؛ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ»..
كيف وقد ثبت عن هذا العالم -المطعون به بذلك القول المقذِع-نفسِه-وفقه الله-تعالى-أنه قال-في حرب غزة-: «إنه أمرٌ مَهول -جداً-..ومصيبةٌ عظيمةٌ نزلت بالمسلمين ..و..تَواطَأَ العالَم على هذا الأمر العظيم..و.. أخشى مِن عقوبة تعمّ الجميعَ ؛ بسبب الاستهانة بدماء أهل غزّة»؟!
ألم يمرَّ بذاك الطاعن القميء- الجريء على عباد الله- قولُ الله-جلّ في علاه-:﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾؟!
عاشراً-وآخَرون- منهم- وامُصيبتاه-: لفّقوا فتوى مخترعة – مكذوبة مفتراة- على (اللجنة الدائمة للإفتاء)- في بلاد الحرمين- نسبوا فيها إليهم تكفيرَهم الصريحَ (!) لبعض حُكّام العرب !! بحُجة أنه : (حاصَرَ مسلمي غزّة ، ومنع عنهم الغذاء والدواء ..و..و..) !!
.. فهل بهذا الجهل والكذب والافتراء ، وذاك السبّ والشتم والإيذاء : ينصرُ الله المسلمين على ما لهم مِن الأعداء ؟!
.. وهل هكذا تكونُ أخلاقُ الإسلام ، وآدابُ التعاملِ مع المخالف من أهل الإسلام ؟!
اللهم إنّا إليك أبرياء .. مما اجترحه هؤلاء-وأولئك- السُّفهاء !
حادي عشرَ- مع أنَّ أكثر المخالفين لـ (آثار= ونتائج) تلك الحرب المؤلمة الفظيعة- مِن دُعاة أهل السُّنَّة –دون الغلاة البُغاة! فضلاً عن العلمانيين المارقين!– على وجه الخصوص – متفقون- أكثرُهم- على :
1-التضرُّع إلى الله-تعالى-بالدُّعاء لأهل غزّة المظلومين المقهورين المنكوبين- وكلُّهم كذلك- فواأسَفاه-.
2-وجوبُ إعانتهم والوقوف معهم- من عموم المسلمين- أولياءَ أمورٍ ، وأفراداً - أجمعين-بكل استطاعةٍ- كلٌّ بِحَسَبه-؛كما قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :«جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» - وضمن الضوابط الشرعية الحقّة-.
3- احتسابُ قتلاهم المسلمين شهداءَ في سبيل الله – ولا نزكّيهم على الله- تعالى-:
«مَن قُتل دون ماله فهو شهيد، و مَن قُتل دون أهله فهو شهيد، و مَن قُتل دون دينه فهو شهيد، و مَن قُتل دون دمه فهو شهيد ،و مَن قُتل دون مظلمته فهو شهيد»..
4- الدُّعاء على عدوّهم الصهيوني الحاقد الخبيث ذي المكر الكُبّار : بالهزيمة والانكسار ، والذلّ والويل والشَّنَار..
5-ليس الخلافُ مع (حركة حماس) في قتالها اليهود الملاعين ! وليس في كونها حركةَ مقاوَمةٍ للعدوّ اللعين!
ثاني عشرَ- خلافُنا مع (حماس) – وهو قائمٌ قبل سنين عدّة من فاجعة غزّة-هذه-وليس آنيّاً أو وقتياً-مبنيٌّ على أصلين كبيرين :
-الأول : سَيرُها في رِكاب (إيران)- دولة الرفض والتشيّع والتقتيل المستشري-والمتواصل المستمرّ إلى هذه الساعة!- لأهل السُّنَّةِ في إيران والعراق ولبنان، وسورية ، و..و..-،والقائم وجودُها الاستراتيجي على تطبيق مبدئهم العقائديّ الخبيث: (التقيّة) !لتنفيذ أصلهم السياسيّ الفاجر :(تصدير الثورة) !
ولقد خَبَرَ هؤلاء الشيعةَ الروافضَ شيخُ الإسلام ابن تيميّة -جداً-؛ حتى قال -فيهم-رحمه الله-:«... فَهُمْ دَائِمًا يُوَالُونَ الْكُفَّارَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَيُعَاوِنُونَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمُعَادَاتِهِمْ»!
...فَعُوا.
وليس يُهَوّن مِن تعاونهم الرافضيّ الشَّنيع-هذا- حاضراً ومستقبلاً- ادّعاءُ أنَّ العرب والمسلمين تخلَّوْا عن (حماس) ؛ ممّا اضطرّهم (!) إلى اللجوء إلى إيران- بِخُبْثِها ، وعدائِها ، وشديد بلائِها–سواءً صحّ هذا الادِّعاءُ منهم، أم لم يصحَّ-!
فنذكّرهم-لعلهم يرجعون- بما ربُّنا يقول:{وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} ، وبما صحّ عن الرسول ﷺ:«لا يحملنّكم استبطاءُ الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله؛ فإنّ الله لا يُدرَك ما عنده إلا بطاعتِه »...
فلا يُستمطَرُ النصرُ على العدوّ بالشرك بالله..وسبّ الصحابة..والطعن بالقرآن الكريم..وتقتيل المسلمين-وغير ذلك من العقائد الفظيعة عند الشيعة الشنيعة-؟!
فهل سينصركم مَن في السماء بأشكال هؤلاء؟!
َََََ
ولقد كنّا ظنّنا بكثيرٍ من مخالفينا-هؤلاء-خيراً:أنهم تكشّفت لهم(!)-أخيراً-في الحرب السورية-حقيقةُ (الشيعة)-عموماً-،و(إيران)،و(حزب الله)-خصوصاً-!!ولكنْ-للأسف الشديد-..قد خيّبوا ظنوننا !!
وليس الدم المسلم- السوري ،أو الفلسطيني ، أو العراقي ، أو..أو..- بأولى بعضه من بعض!
-الثاني : عدمُ ضبطهم الأصولَ الشرعيةَ –ولا أقول: (السياسية!)، أو (العسكرية!)- للمواجهة مع العدوّ الصهيوني (المحتلّ) الخبيث الغادر ؛ وذلك لأسبابٍ عدّة ؛ مِن أهمّها: عدم تكافؤ القوى ، واختلال موازين القُدُرات العسكرية – بكل مجالاتها-والكلُّ معترفٌ بذا- ؛ مما أدّى- ولا يزالُ يؤدّي- إلى نتائجَ لا تُحمَد عُقباها .. فنندم-جميعاً-عليها..
ثالثَ عشرَ -ولئن قال بعضُ المسلمين –قبل أيامٍ أو أسابيعَ-ما صرّح به (نتن ياهو) -أمسِ-مِن أنّ : (حماس سببُ ما وقع من دماء في غزة!) ؛ فإن بعضاً آخر رأيناه-اليومَ- يُشهِرُ -ولكن..باتجاهٍ آخَرَ- ما قاله (الإسرائيليون!) في بعض صحفهم الصهيونية-بشأنم ما جرى في غزة-:(خسرنا الحرب!)!!!
وليس الخبثُ في إحدى هاتين المقولتين –عند مَن يفكّر!–تغريراً وخداعاً- بأَوْلى مِن أختها-وفي كلٍّ شرٌّ-!
ورحم الله شيخَ الإسلام ابن تيميّةَ-القائل-:« الْفِتَن إِنَّمَا يُعْرَفُ مَا فِيهَا مِنَ الشَّرِّ إِذَا أَدْبَرَتْ ؛ فَأَمَّا إِذَا أَقْبَلَتْ فَإِنَّهَا تُزَيَّنُ، وَيُظَنُّ أَنَّ فِيهَا خَيْرًا!
فَإِذَا ذَاقَ النَّاسُ مَا فِيهَا مِنَ الشَّرِّ وَالْمَرَارَةِ وَالْبَلَاءِ، صَارَ ذَلِكَ مُبَيِّنًا لَهُمْ مَضَرَّتَهَا، وَوَاعِظًا لَهُمْ أَنْ يَعُودُوا فِي مِثْلِهَا ».
رابعَ عشرَ-ثم إنّ المسلمَ الحقّ تراه يتطلّب حُسنى النصر-بشروطها- ؛ قبل تمنّيهِ حُسنى الشَّهادة- والتي هي غيرُ مطلوبةٍ لِذاتِها-...سائلين ربَّنا-سبحانه- أن يُنيلَنا أعظمَ الحُسنيين ، وأحبَّهما إليه-تعالى- عاجلاً غيرَ آجل-.
خامسَ عشرَ-ومع هذا وذاك ؛ فإننا -إذ نذكُرُ هذين الأمرين- نذكرُهما برحمةٍ .. وشَفَقة ..وأخوّة إسلاميّة-بِقَدْرِ ما عندهم من الحقّ-؛كما قال شيخُ الإسلام ابن تيميّةَ:
«وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الرَّجُلِ الْوَاحِدِ خَيْرٌ وَشَرٌّ ، وَفُجُورٌ وَطَاعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ ، وَسُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ:
اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَالثَّوَابِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ.
وَاسْتَحَقَّ مِنْ الْمُعَادَاةِ وَالْعِقَابِ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الشَّرِّ.
فَيَجْتَمِعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مُوجِبَاتُ الْإِكْرَامِ وَالْإِهَانَةِ ؛ فَيَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ هَذَا وَهَذَا: كَاللِّصِّ الْفَقِيرِ ؛ تُقْطَعُ يَدُهُ لِسَرِقَتِهِ ، وَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لِحَاجَتِهِ.
هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَخَالَفَهُمْ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ -وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ-؛ فَلَمْ يَجْعَلُوا النَّاسَ إلا مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ –فَقَطْ-، وَإلا مُسْتَحِقًّا لِلْعِقَابِ –فَقَطْ-.. »...
- نذكُرُهما انطلاقاً مِن قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» ، قالوا : يَا رَسُولَ الله ، نَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْف نَنْصُرُهُ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تَحْجُزُهُ- أَوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ ؛فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ».
- نذكرُهما صدوراً عن الهدي النبوي الجليل : «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» .
- نذكرُهما تنفيداً للتوجيه النبويّ المبارك :«الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قُلْنَا: لِمَنْ ؟ قَالَ : «للهِ ، وَلِكِتَابِهِ ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ» .
.. ولا نذكرُ هذين الأمرين –أو أحدَهما-والله- تحزُّباً ..ولا تشفّياً..ولا انتقاماً ..ولا تجاوزاً- وحاشا المسلمَ الحقَّ أن يفعل أيّاً من ذلك-جعلني الله وإياكم منهم-.
سادسَ عشرَ-نقولُ هذا ونحن مُدرِكون-تماماً-أنَّ إمكانية وقوعنا في الغلط فيما ناصحناهم به-باعتبار الواقع البشري الاجتهادي- لا تقلُّ عن احتماليّة ما نظنّهم واقعين به من الخطأ!
ولا نقطعُ على الله -جازمين- بتصويبٍ أو تخطئةٍ في مثل هذه المقامات الدحض المزلّة..إنما هي النصيحةُ في ذات الله-تعالى-...
نقول هذا ونحن نردّد قولَ ربنا-سبحانه-: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾..
سابعَ عشرَ-ومع كلِّ ما تقدم ؛ فإننا-لهول الظرف الحالي ،وعُسره،وشدّته- لا نجعلُ ما نأخذه على (حركة حماس)-أصلحها الله والقائمين عليها- ممّا هي واقعةٌ فيه مِن قبل – إلى أن تُغيّر وتستقيم- وهو ما نرجوه منها ، ونحبُّه لها- سبباً يجعلُنا نكره لها النصرَ على اليهود ! أو نحبّ لها الهزيمةَ فيما هو موجود !!
نَعوذُ باللهِ أَنْ نَكونَ مِنَ الجاهِلينَ ...
بل قد «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ يَفْرَحُونَ بِانْتِصَارِ الرُّومِ وَالنَّصَارَى عَلَى الْمَجُوسِ وَكِلَاهُمَا كَافِرٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ؛ وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ (سُورَةَ الرُّومِ) لَمَّا اقْتَتَلَتْ الرُّومُ وَفَارِسُ »،«بل لو كان المتنازعانِ مُبطِلَين كأهل الكتاب والمشركين-: إذا تجادلوا أو تقاتلوا: كان المشروعُ نصرَ أهل الكتاب على المشركين بالقَدْر الذي يُوافِقُهم عليه المؤمنون إذا لم يكن في ذلك مفسدةٌ تقاوِمُ هذه المصلحةَ-؛ فإنَّ ذلك من الحقّ الذي يفرحُ به المؤمنون...»-كما هو نصُّ كلام شيخِ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-.
فكيف بالمسلم الأصليّ- ولو خالَفَنا وخالَفْناه- هدانا الله وإياه-؟!
ثامنَ عشرَ-ومع كل ما تقدم ؛ فإننا نؤصّلُ قواعدَ مهمّة لعموم الأمّة-وبخاصّةٍ من فَقِهَ الكتاب والسنّة- ؛ فـ :
* نحذّر-جداً- مِن اتخاذ بعض الأحزاب والحركات موضوعَ (غزة) ، وجراحها ، وآلامها ، وشهدائها- والله حَسيبُهُم- سُلَّماً لتهييج العامّة وتثويرهم- من جديد !-؛ للرجوع بالأمة والأوطان- مرة أخرى- إلى مفاسد ما سُمّي بـ (الربيع العربي !) ، وما عاشته أكثرُ شعوبنا وأوطاننا –على إثرِه- من فقدان الأمان ، وضياع الاستقرار ، وَخَلْخَلَة الصفّ ؛ مما لا يخدم إلا العدوّ الصهيوني ، وأجنداته الخبيثة- علم أولئك المثوّرون المهيّجون أم لم يعلموا !-!
* ونحذّر-مؤكّدين- من (سُلّم التهييج)-ذاك-،والذي هو طريقٌ سهلةٌ تَستدرجُ به هذه الأحزابُ –على تنوّع سياساتها!- كثيراً مِن أبناء شعوبنا المسلمةِ -الطيّبةَِ قلوبُها- ؛ لتعيدَ لنفسها بعضَ الألَق والمكانة ؛ التي فقدتهما وأضاعتهما:نتيجةَ تمنّياتها الفاشلة (!) لربيعها العربي الثائر..الذي حلمت(!)أن تكونَ -به-هي الرائدةَ والقائدة!
...وما راءٍ كمن سمعا!!!
* ونحذّر – كذلك-: من تحكيم العواطف- في النازلة المزلزلة- بحيث يُعمينا ذلك عن ضوابط الشرع الحكيم ، وأصوله ؛ وبخاصة في التعامل مع حكّام الجَور..فلا نطيعهم في معصية-ابتداءً -،ولا نكفّرهم ،ولا نخرج عليهم،ولا نثوّر ضدّهم..
فكم من الشعوب-اليوم-وقد جُرِّب بها..فرأت وعاينت!-رأت أنها بالاستقرار والأمن:تحيا..وتطمئن..وبفقدهما:تذوب وتضمحلّ !!!!
* ونحذّر-أيضاً- مِن أن يكون اختلافُ بعض الآراء في أوضاع هذه الحرب- ومجرياتها- سبباً في التطاعن والتطاحن بين المسلمين- عامة-،وأهل السُّنَّةِ-خاصة-؛ مما لا يُفرح إلا الشيطان ، وجندَه الطَّغام- من إنس أو جانّ -!!
* ونحذِّر -سواءً بسواءٍ- من أن يؤدّي هذا الاختلافُ- أو بعضٌ منه- إلى بَذْرِ الفُرقة والتشتيت بين علماء الأمة وأبنائهم ، وتلاميذهم – لا في محض المخالفة لهم ؛ فالأمرُ بِذا سهلٌ لمن هو له أهلٌ-؛ولكن : في الطعن ، والجرأة ، والافتئات ، والانحياز إلى الـ(أنا) وغرورها القتّال.
* ونحذّر-بعد هذا-كلِّه- من مخالفة الحكمة في البيان- والتي هي : وضعُ الشيء في موضعه- ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَابِ﴾!
فكم أساء البعضُ إلى دعوة الكتاب والسُّنَّة- مشوِّهين صورتَها في أذهان كثيرٍ من العامة والخاصة-: بسبب إبداء رأيٍ يخالفونهم به، أو إبانةِ موقفٍ لم يوافقوهم عليه ؛ دون التأمّل في عواقبه ونتائجه ومآلاته ؛ «وكم مِن مريدٍ للخير لن يصيبَه»-كما قال الصحابيُّ الجليلُ ابن مسعود-.
ومنه : قولُه-رضي الله عنه-:«مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً».
ومنه : قولُ الخليفة الراشد عَلِيِّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-:«حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللهُ وَرَسُولُهُ».
ويجمعُ صفوةَ ذلك-كلِّه-قولُ الإمام أبي إسحاق الشاطبي-رحمه الله-:
«النَّظَرُ فِي مَآلَاتِ الْأَفْعَالِ مُعْتَبَرٌ مَقْصُودٌ – شَرْعًا- كَانَتِ الْأَفْعَالُ مُوَافِقَةً أَوْ مُخَالِفَةً-.
وَذَلِكَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَحْكُمُ عَلَى فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ الصَّادِرَةِ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ بِالْإِقْدَامِ أَوْ بِالْإِحْجَامِ إِلَّا بَعْدَ نَظَرِهِ إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ...».
وكذا قولُه-رحمه الله-:
«فَإِذَا نَظَرَ الْمُتَسَبِّبُ إِلَى مَآلَاتِ الْأَسْبَابِ؛ فَرُبَّمَا كَانَ بَاعِثًا لَهُ عَلَى التَّحَرُّزِ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ إِذْ يَبْدُو لَهُ -يَوْمَ الدِّينِ- مِنْ ذَلِكَ- مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ- والعياذُ بالله-».
وهو تأصيلٌ جامعٌ يجبُ أن يتأمَّلَهُ الجميعُ – ناقداً ومنتقِداً-؛ففيه فقهٌ عالٍ بديع .
وبعدُ :
فإن واجبَ الحقّ والدِّين والوطن يُلزمنا –ولا بدّ- بأن نذكّر جميعَ أهل الإسلام-أولياءَ أمورٍ وأفراداً- بما صحَّ عَن الصحابيّ الجليل جَابِر بن عبدالله –رضي الله عنه-حيث قال :
لما رَجَعَتْ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ:
«أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ؟!».
قَالَ فِتْيَةٌ – مِنْهُمْ-: يَا رَسُولَ الله ؛ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا .
فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ : الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ :
سَتَعْلَمُ -يَا غُدَرُ- إِذَا وَضَعَ اللهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانَا يَكْسِبُونَ: فَسَوْفَ تَعْلَمُ أَمْرِي وَأَمْرَكَ عِنْدَهُ- غَدًا-.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«صَدَقَتْ ، ثُمَّ صَدَقَتْ : كَيْفَ يُقَدِّسُ الله قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ ؟!».
ونكرّر –ختاماً- مع الإمام أبي الفرج ابن الجوزيّ-رحمه الله- دُعاءه ومُناجاته :
(إِلهي .. لا تعذّب لساناً يخبرُ عنك ، ولا عيناً تنظر إلى علوم تدلُّ عليك ، ولا قدماً تمشي إلى خدمتك ، ولا يداً تكتب حديثَ رسولك)...
... وهو ما نرجوهُ لكل المسلمين ؛ فإنهم «تَتَكَافَأُ دِماؤُهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِواهُمْ ؛ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَيُرَدُّ عَلَى أَقْصَاهُمْ» ..
إذ«ممّا لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ:
أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ، وَيَغْفِرَ زَلَّتَهُ، وَيَرْحَمَ عَبْرَتَهُ، وَيُقِيلَ عَثْرَتَهُ، وَيَقْبَلَ مَعْذِرَتَهُ، وَيَرُدَّ غِيبَتَهُ، وَيُدِيمَ نَصِيحَتَهُ، وَيَحْفَظَ خِلَّتَهُ، وَيَرْعَى ذِمَّتَهُ، وَيُجِيبَ دَعْوَتَهُ، وَيَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ، وَيُكَافِئَ صِلَتَهُ، وَيَشْكُرَ نِعْمَتَهُ، وَيُحْسِنَ نُصْرَتَهُ، وَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، وَيَشْفَعَ مَسْأَلَتَهُ، وَيُشَمِّتَ عَطْسَتَهُ، وَيَرُدَّ ضَالَّتَهُ، وَيُوَالِيَهُ، وَلَا يُعَادِيَهُ، وَيَنْصُرَهُ عَلَى ظَالِمِهِ، وَيَكُفَّهُ عَنْ ظُلْمِهِ غَيْرِهِ، وَلَا يُسْلِمَهُ، وَلَا يَخْذُلَهُ، وَيُحِبَّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ »-كما قال الإمام ابن مفلح-يرحمه الله-...
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ . وَعَدَ الله الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ الله أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾..
اللهم هيِّئ لإخواننا المستضعفين في غزة -وفي كل مكان-الخيرَ -كلَّه-في عقيدتهم ،وتوحيدهم ،وإيمانهم-بُعداً عن الضلال وأهله-مهما غرّوهم ، أو غرّروا بهم-:كما قال ذو العزّة والجبروت : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾..
اللهم-يا ذا الجلال والإكرام-انصرهم -في غزةَ- على اليهود الملاعين..وكن لهم -يا مولانا-نِعمَ الناصر والمُعين...
المصدر / منتديات كل السلفيين