أذكر كم إنتظرت ليأتي التلفزيون ، فلم يكن في الحارة غير واحد ، كنا نصر أن نذهب لبيت الجيران ، مرة في الاسبوع ، ولا بد من معركة عاطفية مع المرحومة الوالدة ولابد من استخدام اسلحة الدموع ، حتى ترضى تسبقها مباحثات على مستوى عالي بيننا وأبناء الحاره فمنا من يريد الذهاب الاحد لمشاهدة المصارعه ورافع شاهين ، والبنات يردن مسلسلاً وفي كل الاحوال لابد من التوفيق ، بين الجميع ، ثم انتظار مرسوم السماح الذي غالبا ما يسبق بالتذمر ، والنهر والتذكير أن الجيران يمنعهم الخجل ، وتعليمات الصمت حتى لا ينزعجوا ، وخلع الأحذيه _ فيما نفرك ايدينا قلقين ...لحين صدور المرسوم المختلط بالتكشيره ...
انتظرنا ونحن نرقب مدخل السلط فالسيارات معدوده، إنتظار لأيام وأبناء الحاره معنا حتى أحضر الوالد التلفزيون مع خزانة الفورمايكا...وجلل مهاباً بجلاله من نسج السناره ...وانتظرنا برنامج الاطفال في الليلة الأولى ...إجتمع لدينا( 42) رفيقا ,تمت صناعة الشاي بالطنجره ، ...
إحتجاجات رافقت الزائر الكريم ، وخطب ، حول المفسدة التي يحضرها الاستعمار ، لإلهائنا عن المعركه المصيريه ، فيما حرب الاستنزاف مشتعله بين مصر والصهاينه...وعيب علينا التلهي ...
الخطب بالإذاعة المدرسيه لم تتوقف ...واتهامات لأم كلثوم انها سبب النكسه ...لأن المعركه بدأت وهي تغني واتهامات لمطربات أخريات ...ثم جاء التلفزيون فكان الهجوم عليه عاصفا...
جدتي _ رحمها الله _ اعلنت بكل صراحه وقوفها الحازم ضد ( السحاره )...هكذا تسميه ساخرةً
هي لا تحترم ( السحاره ) وغالبا ماتحتج على المذيعات اللواتي لو وجدن من يضبهن لما عملن بالليل ...وتتهم المطربات أنهن ممتلئات الرؤوس بوسائل الكيف ، وإلا لماذا تصحج بين الزلم ....
السحاره خربت التعليله ...وجعلت الأفراد ، لا يتداولون بأمورهم ...والأولاد يتلفون أخلاقهم بالسهر وسماع أحاديث لم يكن يجب أن يسمعوها ...
عمتي الكبرى لا مجال ، ولا مصالحه ، فمجرد دخولها يغلق التلفزيون حتى قبل الجلوس ، فيم تنتظر أختي مغادرتها على أحر من الجمر ...
مثل التلفزيون ...وبدرجات متفاوته ، خاض الأباء معركة الخلوي ...
فمنهم من منعه...منهم من حدد سن الجامعه للحصول عليه ...منهم من _رأى لا فائدة _ فالولد المحروم سيشاهد الموبايل مع رفيقه ...وقد يسيطر عليه الرفيق ... لذا ...
وحوش الشباب العيديه ، وتطورت الأجهزه !!!! وكبرت الذاكرات التي تخزن عليها البلاوي ...ولايفتحها الوالدون لوجود قفل الحمايه ...
إنهيار أخلاقي ...قيمي ...تحت اللحاف ... وعروض الليل ، التي تطرحها الشركات ، التي ليس لها هم قيمي ، ...
فلم تنشئ لاعبا ولا كاتبا واعدا ....ولا متفوقاً مثلها مثل البنوك التي تعمل كالمكنسه شفطاً شفطا...
إنهيار المجموعة القيميه ليس مزحا لكنه حقيقه بارزه ، ماثلة أمام الاعين...
فماذا تراكم فاعلين ... والسفينة تلفظ أنفاسها \"\"
,ترسل لكم رسالة من تحت الماء _ إني أغرق أغرق _
د نضال شاكر العزب