لقد سعى الأردن بإستمرار لإختراق حاجز النار بالسلام والإعتدال، وسط حالة عدم الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ولعل مقولة إن الأردن "بيت هادئ في حي مضطرب" تمثل إسقاطاً تاريخياً واقعياً لمثل هذه الحالة.
وقد أكد جلالة الملك أن القدس ستبقى بوصلتنا فلسطين، وتاجها القدس الشريف، ولن نحيد عن الدفاع عن مصالحها وقضيتها العادلة، حتى يستعيد الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة، لتنعم منطقتنا وشعوبنا كلها بالسلام الذي هو حق وضرورة لنا جميعا"، ستشرف جلالته الواقع برؤى ثاقبة، وتشخيص للتحديات التي تعصف بالمنطقة، والأحداث الدامية في غزة.
قرار الأردن بطرد السفير الإسرائيلي أعاد التَّأكيد على قضية فلسطين بإعتبارها قضية الأردن المركزية والأولى، وأن الحل يكمن بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
يرتكز الموقف التاريخي الاردني شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تجاه القضية الوطنية والقومية والإنسانية المركزية وهي القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس، على ثوابت أصيلة تستند الى تاريخ مجيد من التضحيات والدعم الاردني المستمر في كافة المجالات للأهل في فلسطين المحتلة.
والحفاظ على المقدسات الدينية في القدس الشريف، باعتبارها مرتكزات أساسية في السياسة الأردنية، وتمثل خطوطا عريضة وعناوين رئيسية للدبلوماسية الأردنية.
وعلى صعيد المساندة الدبلوماسية والسياسية الدولية وبهدف توضيح مضامين وأبعاد القضية الفلسطينية ومواجهة الرواية السياسية الإسرائيلية المضللة، ثبت الخطاب الملكي الهاشمي في كافة المحافل الدولية المتمسك بالسلام العادل القائم على إنهاء جريمة الإحتلال والمناداة بالحق التاريخي والشرعي للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، إلى جانب الدعوة المستمرة للقوى العالمية للضغط على إسرائيل وإلزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق الأمن والسلام العالمي.
إن إرتكاز جلالة الملك على العقلانية والموضوعية والحكمة والإلتزام بالقانون الدولي جعلت منه إستراتيجية وطنية وقومية يمكن الإستناد عليها لتحقيق السلام العادل، وعلى الصعيد الوطني تسير الجهود الأردنية في دعم أهلنا في فلسطين المحتلة بما في ذلك دعم الأشقاء في غزة الجريحة من خلال المستشفى العسكري الأردني الميداني والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، الى جانب الدور الإعلامي والثقافي والدبلوماسي لحشد الرأي العام الدولي لنصرة فلسطين وغزة إنسانا وشعبا ومقدسات.
أبقت جهود الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك ونشاطاتها المؤثرة على الزخم السياسي الدولي للقضية الفلسطينية، ومن خلالها أمكن تحقيق إنتصارات معنوية توجت بالحشد الدولي، تفعيلا لقرارات الشرعية الدولية الداعمة والمساندة للأهل في فلسطين.
إن الثوابت الملكية تعد أمرا هاما في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، لأن ما يقوم به الأردن من دور بارز وهام في الدفاع عن المقدسات في مدينة القدس التي تعتبر خطا أحمر، فقد بذل الاردن في خندق العروبة كل ما بوسعه في سبيل الوقوف مع أشقائه .
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي