لا شك ان الموارد السياحية الوطنية تمتلك من المقومات ما يجعلها قادرة على رفد الخزينة بالاموال المالية التي تساهم في تعزيز التنمية المستدامة وتعوض التباين الحاصل في بند المساعدات الخارجية من سنة لاخرى.
لسنا بحاجة الى مواقع سياحية جديدة لنكون على خارطة السياحة العالمية, فالمواقع الاثرية التي تزخر بها بلادنا من البتراء وجرش وأم قيس ووادي رم واضرحة الصحابة ومنتجعات السياحة العلاجية كفيلة بجعل الاردن كله نقطة جذب سياحي على المستوى العالمي.
الا ان مقومات الارتقاء بالمنتج السياحي تتطلب تطوير صناعة السياحة لدى القائمين عليها, وتجهيز البُنية التحتية القادرة على توفير الارضية الخصبة لتطوير المنتج السياحي, فلا يعقل ان يسير السياح الاجانب مئات الامتار في مواقعنا الاثرية ولا يجدون في بعضها مرافق صحية او مراكز خدمية للتسلية او لقضاء الحاجة كما هو موجود بالدول الاخرى, الامر الذي قد يدفعهم الى احضار احتياجاتهم معهم او اقتصار مدة زيارتهم, وبالتالي تفقد زيارتهم بعض البريق والمتعة التي كانوا ينشدونها في رحلتهم, ومن هنا لا بد من وجود جهة رسمية معنية بادارة المرافق السياحية من حيث اشرافها على اقامة تلك المرافق البنيوية التحتية الضرورية وتوفير مراكز صحية ومرافق خدمية مختلفة تجعل من السائح سواء الاجنبي او المحلي دائم التجديد في زيارته للمواقع السياحية.
جانب آخر في غاية الاهمية يتطلب من الجهات المعنية الاخذ به للنهوض بصناعة السياحة الوطنية وهو اختراق الاسواق غير التقليدية مع مواصلة تطوير عمليات وجهود الترويج في الاسواق التقليدية للسياحة الاردنية, وهنا اقصد دول الشرق الاقصى وامريكا اللاتينية, فمنذ عام 2003 لا زالت اتفاقية التعاون السياحي بين المملكة والصين في ادراج المسؤولين علما ان عدد السياح الصينيين الذين يسافرون للخارج بغرض السياحة يتجاوز المئة مليون سائح, وهذا رقم يستحق من راسم السياسة الاقتصادية التضحية والمغامرة في اختراق هذا السوق الذي يعتبر الاكبر نموا في العالم ويمتلك مقومات اقتصادية واعدة, وهذا الامر ايضا ينطبق على دول امريكا الجنوبية.
لا زالت ارقام السياحة الاجمالية في المملكة سواء من ناحية الدخل او عدد السياح القادمين ضئيلة للغاية, ولا تلبي الحد الادنى من طموح صانع القرار ولا تتناسب ابدا مع امكانيات المملكة التراثية ومقومات المنتج السياحي الفريد للاردن, فلا يوجد في العالم كله سوى بحر ميت واحد, فأين صناعة السياحة العلاجية التي يجب ان تكون معلما بارزا لا تقل اهمية عن وجود البتراء بذاتها, ولا يوجد في العالم ايضا سوى وادي رم واحد ولا بتراء غير التي عندنا, لذلك يجب التعامل مع هذه المرافق على اعتبار انها اهرامات الاردن, وبالتالي لا بد من مضاعفة الجهود المبذولة للترويج السياحي للمملكة, وهذا يتطلب ان تكون هناك شراكة سياحية مع دول الجوار واعتبار المنتج السياحي الاردني جزءا متكاملا من المنتج العربي, فالسائح الذي يزور مصر يستطيع ان يأتي للاردن على الرحلة نفسها اذا احسنا الترابط في ما بيننا ووحدنا جهود الترويج في الخارج, فالسياحة في الاردن قد تكون فعلا بترول المملكة ولكن للوصول الى هذا الهدف امامنا الكثير للعمل من اجله.0