زاد الاردن الاخباري -
ماجد توبة
عمان - رغم ما أشاعته الأنباء والأخبار، عن وجود اتصالات رسمية مع الحركة الإسلامية، ومحاولة فتح حوار يعيد ترسيم العلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة، من تفاؤل وتوقعات بعودة الإسلاميين عن قرارهم بتعليق مشاركتهم في الانتخابات البلدية، إلا أن الواقع على الأرض يشي بأن الإسلاميين ذاهبون عمليا إلى مقاطعة هذه الانتخابات من دون تراجع.
يمكن القول إن الخيارات الرسمية باتت واضحة تجاه استحقاق الانتخابات البلدية، المتوقع تحديد موعدها رسميا اليوم لتجرى في الثلث الأخير من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
والسؤال اليوم هو هل يختار الجانب الرسمي، المضي قدما وإجراء الانتخابات من دون مشاركة الإسلاميين، وبعض القوى والأحزاب السياسية الأخرى؟! أم أن هذه المشاركة، لأبرز واجهات المعارضة، متطلب أساسي في أجندة صانع القرار، الذي رسم خريطة العبور لمرحلة الربيع الأردني، انطلاقا من الحرص على إنجاح الانتخابات البلدية.
يستشف من التصريحات الحكومية "القاطعة" أن الدولة ماضية في تنفيذ استحقاق الانتخابات البلدية قبل نهاية العام، بالرغم من سيل الانتقادات لتخبط مسيرة العملية الانتخابية حتى الآن، فضلا عما جرته قرارات الفك والدمج واستحداث عشرات البلديات من احتقانات وتداعيات شعبية ومناطقية، وبالرغم أيضا من إصرار الحركة الإسلامية على تعليق المشاركة، الذي يعني عمليا المقاطعة.
الحزم الحكومي هذا تجاه استحقاق الانتخابات البلدية، يعكس جانبين مهمين، كما يرى مراقبون، أهمهما هو ان رئيس الوزراء معروف البخيت الذي بقيت الاتهامات بالتدخل والتزوير في الانتخابات البلدية والنيابية السابقة العام 2007 تلاحقه، إلى درجة أنها باتت "عقدة" البخيت، يحرص على ان يختتم فترة حكومته الثانية بانتخابات بلدية تسجل له لا عليه، وهو ما يعكس "استماتة" مسؤولي الحكومة في تجاهل مطالبات تأجيل الانتخابات، والتقليل من حجم العوائق أمامها.
أما البعد الثاني الذي يمكن ان يفسر الحزم الحكومي تجاه الإصرار على إجراء الانتخابات فهو ان الحكومة تعمل وفق الترتيب السابق، الذي أخذت بموجبه الضوء الأخضر لان تجري هي الانتخابات البلدية، لا حكومة أخرى، وهو ترتيب انطلق من حسابات سياسية عملية، تحول دون تشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات البلدية ثم النيابية، قبل أن ترحل وتأتي خلفا لها حكومة أخرى، تكون مؤهلة للاشتباك مع البرلمان الجديد والمرحلة الجديدة.
هذا الترتيب الذي منح حكومة البخيت الضوء الأخضر، لم يأخذ بحسبانه تصاعد حالة التأزيم في الشارع، بل وتسبب بدء عملية التسجيل للانتخابات وتطبيق قرارات الفصل للبلديات بموجة احتجاجات جديدة، اضيفت إلى حالة الاحتقان السياسي والشعبي في الشارع.
من هذا الفهم، يمكن القول إن خيار اللجوء إلى ترتيب جديد من قبل صانع القرار، تجاه مراحل وتوقيتات خريطة الإصلاحات السياسية المقبلة، أمر وارد، وقد لا يحول دونه إعلان الحكومة اليوم لموعد الاقتراع للانتخابات البلدية!.
بالنسبة للحركة الإسلامية، فالمعلومات الراشحة من صفوفها ومصادرها تشير الى أنها تجاوزت عمليا مرحلة العودة إلى خيار المشاركة في الانتخابات البلدية ان جرت قبل نهاية العام، وفي ظل بقاء الحكومة الحالية.
وتكشف مصادر متطابقة في الحركة أن مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، أعلى الهيئات القيادية في الحركة الإسلامية، أرفق قراره المعلن بتعليق المشاركة في الانتخابات البلدية وقصة الشروط الخمسة، بقرار آخر، منع بموجبه أعضاء الحزب و"ماكينته" الانتخابية من التسجيل في سجلات الناخبين للبلدية، التي قاربت فترتها على الانتهاء، الأسبوع المقبل، أي أن عودة الإسلاميين لمربع المشاركة في الانتخابات البلدية أمر متعذر عمليا وواقعيا.
لكل ذلك، يبدو الإسلاميون اليوم متمسكين بحزمة مطالبهم الخمسة للعودة إلى الانخراط في العملية السياسية الرسمية، غير معنيين، كما يبدو، بـ"تقليع" شوك الحكومة، وإنجاح مشروع رئيسها في إدارة انتخابات بلدية.
كما أنهم، أي الإسلاميين، باتوا معنيين بنتائج سياسية تفوق ما تقدمه البلديات لهم، هي – كما يؤكدون - إصلاح سياسي ودستوري أوسع، يطال صلب العملية السياسية والبرلمانية وإدارة الدولة.