زاد الاردن الاخباري -
رنا حداد ــ دخلت ريما 25( عاما) قفص الحياة الزوجية محاطة بمخاوف سببها الصورة النمطية التي صورت "الحماة" على انها تلك المرأة القوية المتسلطة التي ستنافسها
لاثبات ذاتها وقدراتها بل والظفر بتأييد وحب وحماية الزوج.
ولم تحاول ريما خلال فترة خطوبتها البسيطة التقرب من والدة زوجها الحالي ، بل كانت تتعامل معها بصورة رسمية "تجنبا لاعطائها عين" على حد تعبيرها.
ولان التجربة خير برهان فقد تعاملت ريما مع حماتها بحذر شديد ابان بدايات حياتها الزوجية.
الا ان "ريما" تعترف انها لم تلمس من هذه السيدة أي تدخل ولم ترَ مؤشرات تدل على تلك السلطة والقوة التي لطالما شاهدتها على شاشات التلفزيون او سمعت
بها في جلسات "نميمة" نسائية.
وبعد الزواج والعًشرة والاحتكاك خلصت ريما التي تتعامل اليوم مع حماتها بكل حب وود واحترام الى ان هذه الصورة - التي طالما شكلت لها هاجسا - كانت ضبابية مغلوطة تجلت واتضحت معالمها الواقعية بعد التعامل المباشر ليكون الواقع سيدة راقية في التعامل وقبل كل شيء "أماً" توزع رعايتها وحنانها لجميع من حولها من
ابناء وزوجات واحفاد.
أمهات ولكن،،
الحموات امهات نعم، ، ولكن تظافرت عوامل عديدة رسمت صورة ذهنية عن الحماة ابرز سماتها القوة والجبروت والتسلط بسبب رفضها اي الحماة لتلك القادمة الجديدة اي زوجة الابن التي ستنافسها على حب واهتمام ابنها. فإذا كانت ظروف العصر اختلفت ما بين الأمس واليوم ، فهل اختلفت أيضاً صورة الحماة ما بين الأمس واليوم؟.
نسرين 37( عاما) خالفت ريما في رأيها بل ودعتها لترى وتشهد مأساتها مع حماتها والدة زوجها التي وصفت صراعها معها على انه صراع خفي له ادواته،، ، وتقول نسرين: "اعرف انها لا تحبني فقد كانت تفضل ابنة شقيقها عروسا لزوجي الذي اختارني انا ومن يومها بدأت الحكاية فهي وان كانت لا تتدخل مباشرة في حياتي انا وزوجي الا ان لها اسلوبا نقديا لاذعا تقدمه على طريق "دغ بلغ" يعني ومن خلال المزاح يمكن ان تقدم لي ضربة قاضية".
وتستطرد نسرين قائلة"تعشق استفزازي وإثارة غيظي دائماً ، وما يحملني على عدم الانفجار بل وعلى الصبر والتصبر حبي لزوجي وطيبة تعامله معي والله يشهد انني اعاملها بكل احترام ولكنني اتمنى القول بكل حب الا انها لا تساعدني بتصرفاتها هذه على حبها".
فيما ترى الخمسينية هند "أن جيل هذه الايام ولعدة اسباب لا يعاني كثيرًا من مشكلة الحماة التي عانى منها جيلنا" ، وتستطرد قائلة" للأسف كانت لي تجربة سلبية مع حماتي ، فقد كانت أمًا لابن وحيد آثر عند زواجنا السكن مع والدته بعد وفاة والده ولم أمانع على الإطلاق ، إلاّ أنني عانيت كثيراً ، فقد كانت رحمها الله كثيرة التدخل وكانت تسعى دائما لاشغال زوجي عني كالجلوس معه لفترات طويلة وكانت دوماً ترفض وجودي معهما ، وكان عزائي الوحيد حبي لزوجي وتأييدي لطريقة تعامله مع أمه المُسنّة ، و على الرغم من مرضها وقيامي بخدمتها إلاّ أنني لم ألمس أبداً منها نظرة حب لي فلم تكن تتوانى عن جرح مشاعري وانتقادي ..رحمها الله ومن هذا المنطلق رفضت رفضا قاطعا ان يعيش ايّ من ابنائي معي بعد زواجه وفضلت ان يستقل كلّ في حياته".
فراغ هائل
وعلى النقيض تماما تحدثت (ام غسان) عن علاقتها بحماتها فقالت: "كانت تربطني بحماتي ، رحمها الله ، علاقة صداقة يمكن لي أن اقول: إنها كانت توازي ، إن لم تكن أفضل من علاقتي بأمي. كانت تقف دائما في صفي وتحيك معي مؤامرات صغيرة لتدبير أمور البيت وتوفير بعض المال في وجه تبذير ابنها اللامحدود. حتى عندما كان ينشب أي خلاف بيني وبين زوجي كانت تقف في صفي وتتهم ابنها بأنه لا يطاق وأن عليه أن يحمد الله أنني أحتمله (كان في كلامها شيء من المبالغة لكن الأمور كانت تنصلح دوما). ورغم أنها كانت تتنقل بين بيوت أبنائها إلا أن الفترة الأطول كانت في بيتي ، وعندما مرضت استأذنت الجميع في عدم زيارتهم واختارت البقاء في بيتي ، استمرت فترة مرضها لمدة ثلاثة أعوام ، وعندما توفيت أحسست بفراغ هائل في بيتي ورغم مرور أعوام طويلة على رحيلها إلا أنني ما زلت أفتقدها بشدة. هذه العلاقة انعكست على علاقتي بزوجة ابني وأصهار ابنتي ، إذ تربطني بهم علاقة وطيدة ، وعندما أقوم بزيارة أي منهم أشعر بمدى الود والترحاب الذي يتم استقبالي به. لقد تعلمت من حماتي الكثير ، وأنا أطبق ما تعلمته في علاقتي مع ابنائي. وما أريد أن أقوله :إن علاقة جيدة مع الحماة هي - دون شك - مكسبّ لكلا الطرفين".
حماتي الصغيرة .. أمي
ربما قارب الفارق العمري البسيط بين (مي درويش) وحماتها مي ومن منطلق تجربتها التي لم تتجاوز الثلاثة اعوام مع حماتها قالت: إنها حقا كانت تخاف من الصورة النمطية التي رسمت في السابق للحموات الا ان الواقع الذي واجهته مي فيما بعد مع والدة زوجها بدد مخاوفها بل وطرد تلك الصورة السلبية التي رسمت عن الحموات.
وتستطرد مي "حماتي بمثابة أمي وهي انسانة طيبة لا تتدخل في شؤوننا الخاصة ابدا ورغم سكنها القريب منا الا ان حماتي لا تفرض اراءها بل اجد متعة كبيرة في التسوق معها والقيام بزيارات وامور كثيرة معا علما بأن حماتي صغيرة السن و لازالت تعمل وتشغل وقت فراغها وهي انسانة مقبلة على الحياة وتؤمن ان لكلْ حياته".
وللرجل وجهة نظر
محمود صالح يرى في حماته صديقة وفية وأما حنونا تقف دائما الى جانبه ، بل تفضله احيانا على اولادها وعلى ابنته التي هي زوجته ، ويؤكد صالح ، لا ابالغ ان قلت :إن حماتي تحبني اكثر من اولادها ومن ابنتها التي هي زوجتي ، بل تعتمد علي كثيرا في عدة اشياء ، كما تستأمنني احيانا على اسرار لا يعرفها اولادها ، ويضيف: دائما ما اتفاخر بعلاقتي القوية مع "حماتي" واعتبرها بمثابة ام لي ، فأنا والحمد لله لي والدتان.
صالح يستدرك ويقول: انا انادي حماتي بلقبها "حماتي" كي اعكس واغير من الصورة النمطية لمفهوم الحماة.
لا للصورة النمطية
تالا فرج اخصائية وباحثة في العلاقات الاسرية قالت: "إن التغير الاجتماعي وأهم عنصر حدث فيه هو تعليم المرأة واستغلالها ، فالحماة في العصر الحالي باتت مشغولة ، وباتت صديقة لزوجة الابن ، ولم تعُدْ هناك حواجز بينهما.كما ان انفصال الابناء عن الاهل وتفضيل السكن بعيدا بسبب ظروف العمل ايضا ساهم في الحد من الاحتكاك الدائم الذي يمكن ان يكون احد اسباب توتر العلاقة".
وبررت الصورة السلبية للحماة سابقا انها "نتاج صورة مغلوطة توارثتها الاجيال ونشأت عليها وجعلت هذه المرأة في حالة تربُّص وترصد دائمين لكل ما سيصدر عنها من تصرفات وتداخلات ، يروًّج لها الإعلام لاسيما السينما والتلفزيون ومن خلال قصص المسلسلات والافلام على انها متسلطة وجبارة".
وأضافت ان عوامل عديدة ساهمت في كسر هذه الصورة لتحل محلها علاقة احترام متبادل اساسه فهم مكانة ودور كل طرف وبينت ان الرجل هو الاقدر على ضبط ايقاع هذه العلاقة من خلال الموازنة بين طرفيها".