بالرغم من الفرق بين مفهوم السياحة المستدامة والسياحة البيئية من حيث دور وغاية كل منهما، والمتمثل بتوجيه السياحة المستدامة وتركيزها على مفهوم خلق تجربة سفر بأقل أثر بيئي على الوجهات السياحية والمقاصد من الرحلات للمسافر والزائر، تركز السياحة البيئية أو سياحة الطبيعة على مفهوم تثقيف السائح وإشراكه في أنشطة الطبيعة كممارسة حقيقية في بلد السفر والزيارة، إلا أن كليهما يشترك في الأهمية للمجتمعات المنفذة والضامنة لهما من حيث ارتفاع العائد المتأتي من كليهما إنفاقا أو اختيارا في أسلوب حياة المسافر.
اليوم تمكنت العقبة، وبعد سنوات طويلة من العمل على تحديد أو خلق هوية لمفهوم السياحة، أن تختار هوية الطبيعة أو هوية السياحة البيئية عنوانا لها، في وقت تفرض فيه الطبيعة بمختلف موائلها الفريدة نفسها على المدينة بما تحويه من نظام بيئي فريد ومتنوع، كما مثّل جهد العاملين في سلطة منطقة العقبة وشركائها من تحقيقه وإظهاره حيز الوجود، لتنطلق وكما هو مأمول منه باقة متنوعة من الأنشطة والبرامج والخطط في ذات الاتجاه الواضح، ولتضع العقبة اسما منافساً على قوائم وتصنيفات عالمية يمكنها قريبا من إعادة وتجديد الألق بما يضمن أن تكون خيارا للسائح في محطات سفره المستقبلية.
العقبة وباختيارها إشراك السائح في أنشطة الحماية وصون الطبيعة، تؤكد أنه الخيار المتوافق لإستراتيجيتها القادمة بما تتميز به بيئاتها الطبيعية، لتبدأ مرحلة توعية وتثقيف وممارسة عالمية بما يزخر به بحرها من مكانة بيئية منافسة في جودة وتنوع الحياة البحرية والتي تسجل ما يزيد على 500 نوع من الأسماك، ناهيك عما يصل لنحو 127 نوعا من المرجان.
ويعزز الاهتمام والتوجيه والمتابعة الملكية المباشرة الجهود المبذولة لتأسيس محمية العقبة البحرية، والتي تجاوزت مرحلة التقدم لملف ترشحها ضمن قائمة التراث العالمي “اليونسكو”، إلى جانب ما يقدمه الشركاء في العقبة من مشاريع سياحية عالمية وضعت الطبيعة وصون الحياة البحرية في مقدمة أهدافها وأسلوب الحياة فيها كرفع العلم الأزرق العلامة البيئية العالمية في مشروع أيلة في ثلاثة مواقع إلى جانب رفعها علم المفتاح الأخضر في أول مطعم سياحي في المنطقة، كما وتؤكد مراكز الغوص وجمعية العقبة للغوص دورها المميز بمشاركة واسعة ومحترفة من غواصي القوة البحرية والدفاع المدني ومتطوعي الغوص البيئي في حماية الحياة البحرية، وتوعية السائح وإشراكه بحملات تنظيف جوف البحر وبشكل دوري على مدار العام، ويعزز هوية الطبيعة في العقبة اعتبارها مسارا عالميا لهجرة الطيور، ويقدم مرصد طيور العقبة دورا بارزا في استقبال وإشراك السياحة المحلية والأجنبية في نشاطات المراقبة والتتبع أو عقد الحملات والمشاركة في يوم الطيور العالمي سنويا.
عالطبيعة تأشيرة تميز وتنوع أشكال السياحة والترفيه الواعي في العقبة ومحيطها الأميز والمختلف، ففي مسير لا يزيد على البحر نحو كيلومترات بسيطة تنطلق من زرقة البحر وألوان مرجانه لتصل لرمال وادي رم وتنوع ألوانها في كل زاوية لحركة اتجاه الشمس، ثم تنطلق ليلا لتتبع ومراقبة حركة النجوم فيها بمشهد لا يسجله هواة ومحترفو مراقبة النجوم في صفاء ووضوح في غير صحراء رم، لتستكمل مسيرة الوصول بكيلومترات جديدة لا تتعدى ساعة المسير بمركبة أرضية لتكون في فضاء عالمية البتراء والتي تزين عِقد المثلث الذهبي العقبة رم البتراء بورديتها وبكل نقشة في صخورها.
عَ “الطبيعة” أكثر من هوية، هي إستراتيجية عمل مستمرة يقود دفتها ركنا العقبة الأساس متمثلا بالسياحة والبيئة، ولتصبح عالمية يستوجب الابتكار في السلوك والتثقيف والإجراء وهنا اقترح ضرورة البدء بمنح كل زائر للعقبة تأشيرة يتم طباعتها أو ختمها على جواز السفر تحمل رسالة العقبة في توجهها العالمي ليكون شريكا لحماية وصون مواردها وتعطي للزائر امتيازا يتمثل بمشاركة هذا الدور ورسالة دعوة لأقرانه للزيارة امتدادا ونجاحا كنموذج للاستقطاب بما يستهوي الزائر لاختيار العقبة كما وتؤكد أن العقبة بوابة المرور له إلى البتراء ووادي رم.