الإنسان الطيب تبتليه الدنيا بما لا شأن له به ... ولنا في هذه الحياة أكبر دليل... وأقرب مثال على ذلك عندما يتسلم رئيس ومدير لأي دائرة أو مؤسسة في القطاع الخاص أو العام ويكون يمتاز بالطيبة وحسن النية والثقة بالآخرين والوضوح واستخدام سياسة الأبواب المفتوحة، سرعان ما يلتف حوله الشخص المتسلق، والانتهازي ،والزئبقي مستغلين تلك الطيبة ليحصلوا هم على الامتيازات والترقيات والمكافئات متسلقين على ظهور زملائهم ( الذين لا يرضون على أنفسهم بهذا الدور الساقط) ، ومتسلحين بالغيرة المزيفة على مصلحة العمل العام وحبهم الكاذب لمديرهم ...ومن خلال التجارب تكون نهاية أو هلاك مديرهم من تحت أيديهم ومن وراء أفعالهم وتجاوزاتهم واستخدام سياسة الأبواب المغلقة ... فهذه السياسة هي طريقة الجبناء في اتخاذ القرارات لأنها قائمة على الغموض وعدم الوضوح والخوف من المواجهة ...
فقد روى لنا أحدهم قصة أسماها عالم الوحوش التي حدثت مع والده في السبعينيات في قرية الثعلة إحدى قرى محافظة السويداء السورية ، حيث يقول : قال لي والدي مع بداية فصل الشتاء ذهبت فجراً مع أصدقائي وعددهم اثنين ، ومعنا جرار زراعي وحبوب البذار إلى أطراف القرية باتجاه الوادي وفي منتصف الطريق شاهدنا ذئبين على الضفة الغربية من الوادي وكان الجو بارداً جداً جدا ، فأخرج أحد أصدقائي من صندوق الجرار بندقية (جفت) ووقتها يا بني لم انزعج بحياتي مثل تلك اللحظة ... وقام بإطلاق النار على واحد من الذئاب ... فالذئب الذي جائت به الطلقة قفز للأعلى أكثر من ثلاثة أمتار وسقط ميتاً ، فيما الذئب الثاني (يشهد الله يا بني) صرخ صوتاً لم ولن أسمع مثله بحياتي ، كان صوت القهر ... يبدو أنهما كانا ذئباً وذئبه ... كان مشهداً في غاية الحزن والأسى ... وبقيت أكثر من أسبوع وهذا المشهد وصوت الذئب لم يفارق دماغي ... هكذا هي العِشرة ووفاء قبيلة الذئاب لبعضهما البعض ... يا الهي لا أدري من هو الوحش ! الحيوانات أم نحن البشر ...
يا بني لقد حدّثنا أجدادنا وآبائنا بأن قريتنا كانت مليئة بالغزلان والذئاب وغيرها من الوحوش لكن نحن من تخلصنا منها ... ومنذ أن قضى الإنسان عليها ذهبت البركة من قرانا ... فقد كانت الأمطار والثلوج والمياه والخيرات تملأ البلاد ، لقد تم تخريب التوازن البيئي في قرانا ، وقد تخلصنا من الوحوش البريّة وابتلانا الله بالوحوش الآدمية والبشرية... فأيهما أخطر على المناخ ، الحيوانيّة منها أم البشرية ؟؟
ونحن نقول: بأن استخدام سياسية الأبواب المغلقة هو تخريب في التوازن الحقيقي ، لأننا نشعر بأن هناك شيء غير صحيح ، أو شيء فيه تجاوز وتعدي على حقوق الغير ...( وتلك الأيام نداولها بين الناس) .