مشهد واحد في الضفة الغربية وغزة عنوانه إخراج الفلسطيني من أرضه إلى وطن بديل يتحول إلى بلد أصيل مع تعاقب السنوات والأجيال، فالفلسطيني في الضفة الغربية يراقب ما يحدث من خطوات متتابعة لتنفيذ مخطط تهجير مئات الآلاف الفلسطينيين من غزة إلى سيناء منذ أن بدأ العدوان على غزة وإخراج الناس من شمال غزة إلى جنوبها ثم ما يجري اليوم من تحويل مناطق في جنوب غزة إلى جحيم وانتقال أعداد منهم إلى قرب الحدود مع مصر في رفح ثم تكون المطالبات والضغط على مصر لفتح المعبر لأسباب إنسانية وإن كانت في جوهرها سياسية.
وما يجري في الضفة الغربية هو توجيه أنظار أهلها إلى ما يجري في غزة وبث الرعب هناك من أن ممارسات مماثلة في الهدف قد تجري بحقهم، ويريد كيان الاحتلال أن يصنع قلقا لدى كل مواطن في الضفة وسؤالا على مستقبله وأمنه وقدرته على البقاء في بيته والتفكير لمن يستطيع في خيار التهجير الطوعي والناعم خوفا من قادم مجهول في التوقيت لكنه في تفاصيله معلوم حيث يراه الناس أمامهم في غزة.
في الضفة الغربية السلطة الفلسطينية لا تستطيع فعل شيء، واذا كانت غزة بوجود المقاومة لم تستطع منع الإجرام الصهيوني الذي أخرج الناس من بيوتهم ومن شمال غزة واليوم يخرجهم من بعض الجنوب إلى بعضه الآخر مؤقتا، ولهذا فإن كل ما تراه العيون في الضفة الغربية من أعمال عدوانية للمستوطنين وعمليات اقتحام في المخيمات والمدن وتزايد أعداد الشهداء والمعتقلين هو عمليات تطفيش منظم تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية لأهلها ودفعهم للتفكير بخيار المغادرة لمن يملك خيارا أو قدرة أو جنسية أخرى أو رقما وطنيا في الأردن.
المشهد في غزة بكل تفاصيله واضح للجميع لكن المشهد في الضفة خطير، فالتطفيش وغياب الأمن وغياب الأمان على المستقبل يدفع الناس إلى التفكير وربما هنالك البعض ممن يملكون خيارا آخر قد ذهبوا باتجاهه أو وضعوه بين أيديهم للتنفيذ في وقت الحاجة.
ما بين محاولات التهجير في غزة وعمليات التطفيش لأهل الضفة جوهر المشروع السياسي الصهيوني في هذه المرحلة وهو المشروع الأخطر على القضية الفلسطينية منذ العام 1948، مشروع يستدعي من الأردن الذي يقف موقفا صلبا في مواجهة مشروع التهجير والتصدي أيضا لأي عمليات تسرب مهما كان عدده أو التهجير الناعم، فالأمر تجاوز فكرة المخاوف إلى مرحلة التنفيذ بسبب السياسات الصهيونية.