استخدمت الولايات المتحدة الأميركية حق النقد (الفيتو) ضد مشروع قرار أممي يقضي بوقف الحرب التي تخوضها قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ ما يقرب من 65 يوما، ما يعني مواصلة منح النازية الصهيونية رخصة القتل.
لم تشبع واشنطن وتل أبيب حتى الآن من دماء 19 ألف شهيد فلسطيني، منهم ما يقرب من 11 ألفا من الأطفال والنساء، ويريد البيت الأبيض لإرهابيي إسرائيل الاستمرار في إبادتهم الجماعية لأبناء قطاع غزة وتجويع وتشريد 2.5 مليون من بيوتهم، لا بل ما زال السيد الأميركي يمنح دواعش حكومة الاحتلال شيكا على بياض لمواصلة إبادتهم الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وصامتا عن فاشية قطعان جنوده ومستوطنيه في الضفة الغربية تحت نظر وعين العالم الذي ينظر ويتابع فنون القتل بموافقة ومباركة وتأييد البيت الأبيض.
نعم مفخمة، واشنطن شريك حتى النخاع في الإبادة التي تجري في غزة يوميا، ومن يعتقد من أولئك الواهمين الذين يطيب لهم دوما الارتماء في حضن واشنطن، أن البيت الأبيض لا يمكنه وقف قتل الأطفال وإجبار الصهاينة على التوقف، واهم، فالمعركة التي تجري في غزة تقودها وتغذيها وتدعمها واشنطن بكل الإمكانيات المتاحة وغير المتاحة، وتريد من خلال حربها تلك رسم واقع جديد في القطاع يسمح لها لاحقا الخروج من المنطقة وهي مطمئنة على حليفتها إسرائيل، بعد أن تكون قد أمنت لتل أبيب مناطق راحة سياسية وجغرافية في المنطقة، وفتحت لهم طاقات تطبيع لم يكن يحلم بها الكيان الصهيوني قبل سنوات.
خطة البيت الأبيض تتضمن تأمين إسرائيل من نار غزة، وتأمينه لاحقا من كابوس الجنوب اللبناني من خلال الانتقال للتعامل مع حزب الله اللبناني، وبعد ذلك وفق الخطة الأميركية يمكن لواشنطن تقليص التواجد في الشرق الأوسط، والالتفات إلى شرق أوروبا وشرق آسيا والقارة الأميركية الجنوبية، وفتح أبواب فتن هناك لتأمين أسواق لأسلحتها الفتاكة.
تريد واشنطن وضع تل أبيب على خريطة الشرق الأوسط دون قلق، ودمجها، وفتح مشاريع عابرة للحدود بين دول المنطقة، دون إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
هذا ما تريده تل أبيب وواشنطن، ولكن هل كل ما يحلم به الصهاينة وحلفاؤهم يمكن تحقيقه؟ قطعا لا، فتلك مخططات على الورق، وأحلام يقظة صبيانية، وتحقيقها يتطلب قبل ذاك إبادة شعب فلسطيني كامل قوامه 11 مليون شخص، وقطع نسله وإخراجه من التاريخ، فهذا الحلم الأميركي- الصهيوني، وإخضاع المنطقة وشعوبها للرؤية الأميركصهيونية يتطلب شطب الشعب الفلسطيني كاملا من الوجود، وهذا درب من الخيال، فهذا الشعب الذي قاتل الصهاينة بالحجر ومن ثم بالسلاح على مدار 75 عاما، والمقاومة التي تكبد الفاشيين الصهاينة يوميا خسائر فادحة، ثابتة لا تموت، فالشعب لا يستكين لقاتله، وفكرة المقاومة لا تموت، وهذا الثبات الذي يراه العالم والصبر الذي تطرزه الأمهات والشيوخ من شأنه كسر وإحباط كل المخططات، وهذا المقاوم الذي يتخطى الموت ويقفز لحضن الدبابة لزرع عبوة ناسفة لا يمكن هزمه أو كسر إرادته، وذاك الذي يقفز فرحا بعد أن واجه دبابة النمر الصهيونية عالية الجودة بصدر عارِ ويقفز فرحا بعد أن يحقق مبتغاه، لا يمكن كسر إرادته وصموده، وسعيه للاستقلال.
ما نراه من فيديوهات يومية تنشرها قوات النازية الإسرائيلية وهي تطلق النار على حيطان ونوافذ لا يوجد أحد خلفها، وذاك الذي يكسر ألعاب أطفال بشكل استعراضي يعبر عن إحباط وهزالة، وهزيمة محققة.
واهم بايدن وابنه المدلل بيبي نتنياهو إن اعتقد لحظة أنه يمكنهما تنفيذ مخططاتهم الاستعمارية، فهذا الجيش الصهيوني الذي يقف حائرا عاجزا مهزوما أمام تنظيم وفصيل مقاوم، وتلك الاستخبارات التي سقطت في السابع من أكتوبر لا يمكن لهما الصمود أمام مقاومة تؤمن بحقها في الاستقلال والحرية، ولن تستطيع واشنطن إقناع الشعوب الحرة في العالم رعايتها لحقوق الإنسان، فكل هذا الكلام الفارغ الذي تتشدق به الإدارة الأميركية يوميا وباعتنا وباعت شعوب العالم سرديات كاذبة حول رؤيتها الحضارية ثبت عيانا جهارا نهارا أنه كلام في كلام، وأن من كان يحدثنا عن حق البشرية في الحياة يوغل في قتل الشعب الفلسطيني.