وشق أبو صابر طريقه بحذر عبر الشواهد المتناثرة هنا وهناك ، حتى وصل الى قبر والده المنشود ، فوضع ما في يده من اغصان الزيتون ودلو الماء ، رتب حجارة القبر ووزع الاغصان ورش ظاهر القبر بالماء ووجه حديثه الى والده :
كيفك يابا ، شو اخبارك ، انشاء الله مبسوط .
والده : بدري .. وين هالغيبة هاظ وانا موصيك تسأل علي وتيجي تسليني .
أبو صابر : والله المشاغل يابا بس والله ما نسيتك وصورتك معلقها في الدار وكل يوم بصبح وبمسي عليك وبدعيلك بالرحمة . اما شو صورتك يابا مثل القمر ولا تقول عريس .
والده : ايوه غير الموضوع ، المهم قلي شو اخبارك وكيف العيال .
أبو صابر : تمام يابا ببوسو ايدك بس مش ملحق عليهم ، التزاماتهم كثيرة وطلباتهم اكثر ، آآآخ شو بدي اقلك الحياة صايرة صعبة وبتزهق وكلها تعب بتعب ، بدك الصحيح ، اهنيالك اللي متت وارتحت والله هنيالك .
والده : ولك ... شو بتقول ... دق على الخشب بلاش تحسدنا .
أبو صابر : آآآخ يابا بعد ما انت متت الدنيا انقلبت فوقاني تحتاني ، الناس تغيرت والمشاكل زادت وخربان البيوت ، والا الغلا شو أقلك عنه حدث ولا حرج ، اذا كيلو الخيار صار بـ 75 قرش والجاج صار بليرتين ونص الكيلو ، آآآخ ، خليها على الله ، والله الواحد مش عارف على ايش والا ايش يلحق .
الفقر منتشر والجوع عام والرواتب يدوب تكفي وهي لأجار الدار والا للكهرباء والا للمواصلات والا مدارس والا مصروف ، بالطويلة والقصيرة كلشي ارتفع الا الراتب لساته زي ما هو من يوم ما خبرك فيه . وما بدك اياني أقول اهنيالك . أي لسا انت ما عندك اجار دار ولا بتدفع كهربا ولا رسوم ولا ضرائب واكل ما بتصرف أي والله هنيالك .
والده : مدام هيك والله هنيالي ، الحمد لله اني متت والا كان أبصر شو صارلي لو اني لساتني عايش .
أبو صابر : وجعت راسك يابا ، سامحني واسمحلي بدي اروح .
والده : الله يسهل عليك ويكون بعونك يا بني .
ما ان خطى ابو صابر بضع خطوات مبتعدا حتى سمع والده ينادي عليه فرجع اليه وقال : خير يابا بدك أشي ؟؟
والده : يابا يا صابر بس تيجي علي المرة الجاي ، جيبلي معك خرزة زرقا وعلقها على الشاهد .
أبو صابر مستغربا : خرزة زرقا ؟؟؟ لشو يابا .
والده : بتعرف يابا عن العين .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com