يبدو الكلام عن عقد الانتخابات النيابية مبكرا الى حد ما، خصوصا، اننا ما نزال مطلع العام، والانتخابات النيابية سيتم عقدها كما هو معلن في الاشهر الاخيرة من هذه العام.
ملف الانتخابات النيابية يخضع لتجاذبات مختلفة، ومن بين هذه التجاذبات هناك من يقول ان الانتخابات النيابية ذاتها قد لا تجري هذا العام، في حال تمدد الحرب، الى كل المنطقة، او في حال وجود حسابات اكتوارية تكشف ان النتائج ستكون غير مرغوبة وقد تؤدي الى خلط اوراق الداخل، بشكل غير مقبول وفقا لبعض من يجرون هذه الحسابات.
حتى ساعة كتابة هذه السطور تتعامل مراكز القرار مع الانتخابات النيابية حتى الآن، باعتبارها استحقاقا دستوريا سيتم في موعده الذي سيتم تحديده لاحقا، وليس مطروحا اعادة قراءة التوقيت.
من جهة ثانية ووفقا لمحللين هناك 4 تقييمات للوضع الداخلي بشأن هذا الملف، حيث يرى التقييم الاول ان الانتخابات النيابية في كل الاحوال اذا تمت دون تدخل، سوف تتأثر بالحرب في غزة، حتى لو لم تتوسع الحرب وستؤدي الى تمكين تيارات سياسية محددة من حصد عدد اكبر من المقاعد على المستوى الفردي والحزبي، على خلفية موقف هذه التيارات من الحرب وصلتها الجينية ببعض فصائل المقاومة، ويرى اصحاب هذا الرأي ان الموقف الداخلي لبعض هذه التيارات منذ هذه الايام، يرتبط بالاحماء المبكر لموعد الانتخابات النيابية، والتأثير على الشارع الاردني، من حيث صب اصواته في الصناديق، ويعتقد هؤلاء ان تجنب الانتخابات بسبب هذا التقييم امر لا بد منه، وقد يكون اضطرارا لا مفر منه.
التقييم الثاني يقر باحتمالات تغير خريطة الاصوات في الانتخابات النيابية المقبلة، لصالح تيارات سياسية معينة، على خلفية الحرب في غزة، لكن هؤلاء لديهم رأي تفصيلي يقول ان التغيرات ستحدث ربما جزئيا وبشكل محدد في عمان والزرقاء واربد، بسبب التركيبة الاجتماعية والسياسية في هذه المدن تحديدا، كما يرى هؤلاء ان التغيير قد لا يكون واسعا كما يتوقع البعض بسبب انخفاض الاقبال اصلا على التصويت، وهي مشكلة لم تفلح كل المراحل السابقة بالتعامل معها في هذه المدن، بل ربما يفضل ان تبقى ضمن حدودها المنخفضة كونها تسهل ادارة العملية الانتخابية ونتائجها، فيما تأثيرات الاندفاع الكبير للمشاركة قد لا تكون مطلوبة اصلا، ويرى اصحاب هذا التقييم ان المعادلات الانتخابية في المحافظات ستبقى كما هي، تستند في الاغلب الى المفهوم العائلي، حتى لو جاء تحت مظلة الاحزاب الجديدة.
اما التقييم الثالث فينظر الى العملية بشكل مختلف تماما، حيث يعتقد سياسيا ان تأثيرات حرب غزة الممتدة لن تبقى كل هذا الوقت، وستعود العملية الانتخابية الى طبيعتها المعتادة من حيث العوامل المؤثرة، اضافة الى ان استفادة تيارات سياسية داخل الأردن من شعبية بعض تنظيمات المقاومة يبدو مجرد توهم، لأن من يقاتل في الميدان، ليس كمن يؤيد القتال من مكان بعيد، حتى وان كانت هناك عوامل فكرية مشتركة على صلة بالنشأة والتأسيس والواقع الراهن.
أما التقييم الرابع فيعتبر ان التجاذبات والتقييمات للمشهد الداخلي امر طبيعي، لكن من غير الطبيعي أبدا التحسس من نتائج الانتخابات حتى لو ادت الى تتويج تيار سياسي ما، لأي سبب باعتبار ان هذا هو رأي الشارع الذي قد يكون، وقد لا يكون، ويرى التقييم الرابع، ان عملية الانتخابات ذاتها يجب ان تبقى سليمة بلا تدخل، ولا توجس، وان الشارع الأردني سيختار ممثليه اياً كانوا وان التركيز يجب ان ينصب على نزاهة الانتخابات وسلامة الاجراءات ورفع نسب التصويت، وانهاء السلبية لدى الناخبين، فيما خريطة البرلمان المقبل، يجب ألا تخضع لأي قراءة مسبقة، أو لأي محاولات للتحكم فيها، او حتى ادارتها سياسيا.
الانتخابات شأن داخلي أردني من المفترض ألا تخضع لأي حسابات ثانية، لكن تعقيدات المشهد السياسي تقول انه لا يمكن تماما عزل التأثيرات الاضافية المتوقعة وغير المتوقعة.