زاد الاردن الاخباري -
قال الدكتور مروان المعشر إن الحديث الرسمي عن حل الدولتين لم يكن مطروحًا دوليًا إلا عندما قدّم كلينتون في آخر أيام رئاسته مبادرة للمرة الأولى في نهاية عام 2000، وكانت كلمة "حل الدولتين" ربما مألوفة في العالم العربي، ولكنها لم تكن كلمة إسرائيلية بأي شكل من الأشكال.
وأكد المعشر خلال استضافته في المنتدى الإعلامي الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين تحت عنوان "ما بعد الحرب على غزة.. المشهد الأردني والفلسطيني"، أمس الأربعاء، على أن أي عملية سياسية تُطلق يجب أن تتوفر فيها عناصر، وهي؛ إعلان الولايات المتحدة عن مفاوضات تحدد الهدف النهائي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في غضون مدة زمنية محددة، وينبغي أن تُعلن المفاوضات أن مجلس الأمن الدولي سيعترف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967 قبل بدء المفاوضات، وأن يتم تجميد بناء المستوطنات بالكامل، حيث لا معنى لأي عملية سلمية في ظل استمرار المستوطنات، بالإضافة إلى أجراء انتخابات في إسرائيل وفلسطين مبنية على أساس هذه الخطة، مع التركيز على تحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة إعمار غزة خطوة إضافية على طريق الهدف النهائي، مع توخي الحذر من صعوبة إعادة إعمارها في الظروف الحالية، وأخيرا إقامة صندوق لدعم بقاء الجانب الفلسطيني على أرضه في الضفة الغربية وغزة، وذلك لتجنب التهجير.
وأوضح المعشر أنه إذا لم تحقق هذه العناصر، فإن حل الدولتين يظل غير قابل للتحقيق، منوها إلى الولايات المتحدة لم تظهر استعدادًا للمشاركة في عمليات سلمية خلال السنوات العشر الماضية وحتى الآن لا تظهر أي علامات واضحة على التغيير، بالإضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يظهر عدم استعداده لإنهاء الاحتلال، حيث يسعى إلى تمديد فترة الحرب، محاولًا تجنب المساءلة ورغم توقعات الانتخابات التي تشير إلى فوز المعارضة.
وأشار المعشر إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية في أضعف حالاتها، ولا تكاد تمثل أحد، مؤكدا أن استطلاعات الرأي واضحة في هذا المجال، حيث تشير بعض الأرقام إلى أن 88% من الفلسطينيين لا يريدون أبو مازن رئيسا، مقابل 7% فقط يريدون أن تبقى الفلسطينيين السلطة الوطنية بقيادة أبو مازن في الحكم، و60% يريدون أن تحكم حماس غزة.
وبيّن المعشر أن العالم يشهد انقسامًا عمريًا واضحًا، فاستطلاعات الرأي تشير إلى هذا الانقسام الذي يظهر بوضوح في أجيال المجتمع، فكلما تم التوجه إلى الفئات العمرية الشابة، زاد التعاطف مع القضية الفلسطينية، منبها إلى أن المظاهرات الداعمة لفلسطين تزيد خارج المنطقة العربية، ويتحدث أفراد الجيل الجديد بشكل ملحوظ بدعم قضية فلسطين.
وعن المشهد الأردني، قال المعشر إن التهجير يمثل تهديدًا كبيرًا للأردن بمعنى أوسع من التأثيرات الاقتصادية أو الأمنية، بل هو تهديد لوجوده، مؤكدا أن الأردن لا يرغب في الوصول إلى سيناريو يرى فيه الآلاف من الفلسطينيين على حدوده.
وأضاف في هذا الشأن "هذا الوضع سيكون ذا صعوبة فائقة، سواء بتسوية القضية الفلسطينية أو تصاعد التوترات والمشكلات، بالتالي يتخذ الأردن إجراءات للتركيز على قضية التهجير على الساحة الدولية، ربما بهدف تقوية الموقف الدولي والحد من فرص حدوث مثل هذا السيناريو".
ونبه المعشر إلى أن العلاقة مع إسرائيل بعد السابع من أكتوبر لا يمكن أن تبقى كما كانت، ففي الأردن الموقف الرسمي يقترب من الموقف الشعبي، وربما يكون هو الأقرب في الدول العربية إلى الموقف الشعبي، وذلك ضمن سياق الحديث عن قضايا مثل؛ الإبادة الجماعية، ونظام الفصل العنصري.
وفي الشأن الأردني، قال المعشر "أعتقد بشدة أن الانتخابات البرلمانية يجب ألا تُؤجل لأي سبب من الأسباب، فالانتخابات هي استحقاق داخلي لنا كشعب، وأرى أن نتائجها يمكن أن تكون محفزًا لتحسين الوضع الداخلي وتعزيز الجبهة الداخلية، مؤكدا أن التحصين والتقوية في الجبهة الأردنية الداخلية يجب أن يأتي من خلال عملية انتخابية فعّالة.
وإجابة عن سؤال أحد الصحفيين حول مخاوف من حصد جماعة الإخوان المسلمين لمكاسب في الانتخابات البرلمانية القادمة، قال المعشر "أنا غير خائف من الإخوان المسلمين، وبالفصحى، لا ينبغي لأحد أن يشعر بالخوف منهم، بل يجب أن نعمل على تحسين العملية الديمقراطية وتشجيع المشاركة الشاملة ببساطة"، مضيفا "أعتقد أن الانتخابات ضرورية ويجب أن تجري في موعدها، ونحن بحاجة إلى التركيز على تحسين عمليات الانتخابات وتعزيز المشاركة المدنية".
وبيّن المعشر أنه ليس لديه اقتناع كامل بالتجربة الحزبية في الوقت الحالي، إذ إنها تحتاج إلى وقت وجهد أكبر، مؤكدا أن الأحزاب ما زالت تواجه معارضة من الدولة، وتجد صعوبة في مزاولة أنشطتها بحرية.
وأضاف في هذا السياق، أن هناك حاجة ماسة إلى نضوج إضافي في المشهد السياسي، ويجب أن نسمح للتجربة الحزبية أن تتطور بشكل طبيعي دون تدخلات خارجية، وبحاجة إلى توفير بيئة سياسية تسمح بالحوار والمناقشة المفتوحة، ومن خلال ذلك، يمكن للتجربة الحزبية أن تنمو وتكتسب النضج اللازم لتحقيق التأثير المطلوب.
وفيما يتعلق بمحاكمة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، قال المعشر "صحيح أن المحكمة أصدرت قرارًا ملزمًا بوقف الحرب على أوكرانيا، وإذا كان هناك قرار مشابه، فإن إسرائيل لن تتجاوب، ولكن يبقى القرار من الناحية الدولية ملزمًا، بمعنى أنه إذا لم يتم الالتزام به، يمكن للدول أن تتخذ خيارات متعددة، بما في ذلك فرض عقوبات على إسرائيل، وطلب إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية كأفراد".
وأضاف أن القضاة الأعضاء لا يمثلون دولهم، ولكن قد يتأثرون بمواقف دولهم، منوها إلى أن قرار المحكمة، فقد يستغرق وقتًا، وستدافع إسرائيل أمام المحكمة لمدة سنتين، وخلال هذه الفترة، ستحاول إسرائيل إبطاء إقرار المحكمة بشأن إدانتها بارتكاب جريمة إبادة جماعية.
واختتم المعشر حديثه بطبيعة العلاقة الأردنية مع حماس، بقوله إن حماس أصبحت قوة فعّالة على الساحة الفلسطينية لا يمكن تجاهل وجودها، ويجب أن يكون هناك تواصل معها، موضحا أن مصر - مثلا- تصنف حركة حماس، وجماعة الإخوان المسلمين كمنظمتين إرهابيتين، وعلى الرغم من ذلك، تجري محادثات مع حماس، إذ يجب فهم أن التحدث مع حماس لا يعني بالضرورة التوافق معها أو الاتفاق معها.