زاد الاردن الاخباري -
يقول سكان غزة إن "الحرب الحالية هي الأصعب على الإطلاق"؛ وإن كان الأمر كذلك، فإن الأسواق أيضا تعيش حالة لم يسبق وأن واجهتها طيلة الحرب والعمليات العسكرية السابقة.
فالسوق التي لم يصلها القصف الإسرائيلي خلال أيام الحرب الـ 108، أو تلك التي تعرض أجزاء منها للصواريخ، لم تسلم من فقدان البضائع الأساسية والثانوية معا، بل إنها تعاني من نقص المستهلكين.
وما بقي من سلع في تلك الأسواق، فإن تراجع المعروض الحاد، أدى إلى ارتفاع أسعارها، مع استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري مع إسرائيل، ومعبر رفح مع مصر.
وباتت الأسواق والطرقات الرئيسة المحيطة بها، أكثر ازدحاما عن الفترات السابقة، حيث يفترش الباعة المتجولون من الرجال والأطفال الشوارع لبيع ما يملكونه من طعام أو مواد أساسية، لتوفير المال.
وشهدت الأسواق إحجاما من المواطنين عن الشراء بشكل ملحوظ، وخلت المحال التجارية من البضائع والمواد الغذائية الشحيحة أصلاً، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة جراء استمرار العدوان الإسرائيلي.
وتأثرت الأسواق بما تضم من محال تجارية تبيع المواد الغذائية، والحلويات والبقوليات والملابس وبسطات الخضار والفواكه، وغيرها جراء تردي الأوضاع الاقتصادية، وانعكاس ذلك سلبا على التُجار وحركات البيع والشراء.
** ارتفاع الأسعار
بسبب ضعف المعروض، ارتفعت أسعار السلع الرئيسة في قطاع غزة، فعلى سبيل المثال، يباع لتر البنزين -إن توفر- بـ 10 دولارات، مقارنة مع 1.7 دولارا قبيل الحرب.
بينما يبلغ كيس الطحين زنة 25 كغم بـ 200 دولار، صعودا من 21 دولارا قبيل الحرب، وهو أيضا سلعة نادرة الوفرة، بسبب غلق المعابر التجارية كافة مع القطاع.
وإلى جانب مئات السلع الأساسية الأخرى التي ارتفعت أسعارها، يشتكي المواطنون من هذا الغلاء، في ظل عدم تلقي قطاعات واسعة لرواتبها منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واقتصار الصرف على سلف مالية بسيطة.
يقول الشاب محمد السيد، النازح من شرق خان يونس جنوب قطاع غزة: "أسعار البضائع مرتفعة والأوضاع صعبة للغاية، ولا يوجد قدرة لدى المواطنين على شراء الاحتياجات الأساسية".
يضيف السيد في حديث لمراسل الأناضول: "لدينا أطفال ولا يمكننا شراء مستلزماتهم.. حفاظات الأطفال مثلا كانت أسعارها لا تزيد عن 20 شيكل (5.4 دولارات).. الآن تتجاوز 150 شيكل (40.5 دولارا)".
ويوضح أن أسعار المواد الأساسية كالأرز والسكر والحليب وزيت الطهي ارتفعت بشكل غير مسبوق، في ظل عدم توفر أي دخل لدى المواطن الغزي وخاصة النازحين وتراجع المعروض.. "حتى وكالة الغوث لم تعد توزع مساعدات".
ويستغرب السيد الذي يعيل 6 أفراد، كيف يمكن أن يستطيع المواطن تدبر أموره بعد اكثر من 108 أيام على الحرب دون عمل أو راتب، خاصةً العمال والموظفين في القطاع الخاص.
على الجانب المصري من معبر رفح مع قطاع غزة، تصطف مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية، انتظارا للسماح لها بالدخول إلى القطاع وإفراغ حمولتها من مساعدات قدمتها دول ومنظمات إنسانية عربية وإسلامية ودولية.
ولا يتجاوز عدد الشاحنات الداخلة يوميا 100 شاحنة، مقارنة مع متوسط 600 شاحنة قبيل الحرب، ما يعني أن السلع الواردة تمثل أقل من 17 بالمئة من احتياجات غزة قبيل الحرب.
وتبدي المواطنة فاطمة سالم اصليح تذمرا كبيرا بسبب الارتفاع المهول في الأسعار مع استمرار العدوان وتقول: "الأسعار خيالية وليست في متناول أي مواطن ولا يوجد إمكانية لشراء المواد الأساسية".
وتتفق معها الطفلة غزل النجار، النازحة من خزاعة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، من حيث الارتفاع الكبير في الأسعار وعدم توفر أموال أو دخل لدى المواطنين لقضاء احتياجات العائلة الأساسية.
وتقول الطفلة لمراسل الأناضول: "الأسعار عالية ونجن لا نمتلك أية أموال لشراء احتياجاتنا.. والدي عاطل عن العمل الآن".
وتضيف: "أنا وأخي لا نمتلك أموالا تمكننا من شراء أي شيء.. كيس الشيبس يباع بـ 10 شواقل (2.8 دولار) من شيكل واحد (28 سنتا) shfrh، وسعر علبة صلصة البندورة 20 شيكل (5.4 دولارات) من 4 شواقل (1.2 دولار) سابقا".
أما المواطن رائد الغلبان، يقول لمراسل الأناضول: "هناك انقطاع وشح في بضائع معينة.. اليوم الأسواق تفتقر إلى بعض المواد الأساسية والضرورية، وهناك عدم مقدرة لدى المواطنين على شراء الاحتياجات الأساسية".
وبعد 108 أيام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خلفت حتى أحدث حصيلة منشورة الأحد 25 ألفا و105 شهداء و62 ألفا و681 إصابة، معظمهم أطفال ونساء.
وخلفت الحرب الإسرائيلية دماراً هائلاً في المباني السكنية والمنشآت المدنية والبنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفق مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وتعيش مدينة غزة والشمال حصارا مشددا منذ بداية التوغل العسكري الإسرائيلي البري في 27 أكتوبر/ تشرين الأول، وخرجت جميع المشافي والمراكز الطبية عن الخدمة وأخليت قسرًا الرئيسية منها كمجمع الشفاء ومستشفى القدس وغيرهم.
وتمنع إسرائيل دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية والمواد الغذائية من دخول غزة والشمال، إلا بكميات محدودة لا تكفي باحتياجات السكان هناك، ما فاقم الأوضاع المعيشية.