كتب م. علي أبو صعيليك - لا زالت الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها الكيان الصهيوني اللقيط مستمرين في عربدتهم في العالم بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص ولا يوجد رادع رسمي سياسي أو أخلاقي يمنعهم من وقف إبادة الأبرياء في قطاع غزة، وسط استمرار ارتكاب المجازر اليومية مع ارتفاع عداد الشهداء والمصابين إلى عشرات الألوف وانهيار شبه كامل لكل مكونات الحياة من مأوى وقطاع صحي وتعليمي وطعام وغيرها من مقومات الحياة، كل هذا من أجل تفريغ قطاع غزة من سكانه وإحلال قطعان المستوطنين من اليهود والمرتزقة مكانهم!
ومع استمرار الإبادة الجماعية بقوة السلاح والقنابل الأمريكية والأوروبية يتعزز سلاح الإبادة من خلال التجويع ومع دخول سلسلة المنخفضات الجوية على شعب أعزل أصبح أغلبيته لا يمتلكون المأوى ولا الملابس الشتوية وسط حصار خانق يساهم فيه الأشقاء مع الأعداء، هل يوجد أكثر من هذا الفعل الشنيع خذلانا؟
وصلنا لمائة وعشرة أيام والعار مستمر والخطايا تتزايد والعالم متفرج لا يفعل شيئاً، وفي أحسن الأحوال يتحدث البعض وينقد البعض الآخر بينما يغيب الفعل المساند للشعب الفلسطيني تماما، وأستذكر هنا ما قاله وزير الدفاع الصهيوني بعد السابع من أكتوبر عندما وصف شعب غزة بالحيوانات في حديث عنصري قذر عكس حقيقته الصهيونية العنصرية القذرة وأتساءل هل يمكن أن ترتكب الحيوانات بحق بعضها البعض ما ترتكبه قوات الاحتلال الصهيوني بالأطفال والنساء في قطاع غزة، لقد تجاوزوا كل شيء ولم يعد هناك طريقة جديدة للإبادة إلا وفعلوها.
أصعب شيئا خلال هذه الإبادة هو حالة الصمت المطبق من الجانب الرسمي العربي والإسلامي، والخضوع المطلق للولايات المتحدة الأمريكية راعية الإرهاب والعربدة في العالم وعدم استخدام ما يمكن استخدامه من وسائل الضغط من العلاقات الثنائية والاتفاقيات الاقتصادية وغيرها من الوسائل المتاحة، لكن ... هيهات !
المفارقة العصية على التفسير هي أن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية جيدة جدا مع الجانب الرسمي في أغلب دول العالم العربي والإسلامي، بينما هي التي تقدم الدعم العسكري واللوجيستي والسياسي والقانوني لما يحدث من إبادة للشعب الفلسطيني وكذلك هي التي دمرت وفتت سابقاً من تفتيت عدة دول أبرزها العراق وأفغانستان وقصفت العاصمة السورية دمشق وكذلك اليمن ومن قبلها الصومال وغيرها من الجرائم! إذن كيف لهذه الصداقة المزعومة أن تستمر مع كل هذا الإجرام؟ ألم يحن الوقت للخروج من تحت العباءة الأمريكية والاعتماد على الذات لأمة تمتلك كل مقومات الاعتماد على الذات؟ متى سنتعلم من جنوب أفريقيا على سبيل المثال؟
المشروع العربي المشترك لمواجهة كل هذه التحديات التي عصفت ولا زالت بالمنطقة تأخر كثيراً ولا بد له أن يظهر لكي يحمي مصالح العرب لأن الحرب الحالية على الشعب الفلسطيني هي منعطف حاسم ستكون له نتائج وخيمة على المنطقة العربية تحديداً، وسرطان الصهيونية الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية يتمدد ولن يتوقف عند حدود فلسطين، بل إن المقاومة الفلسطينية لا تدافع حالياً فقط عن غزة أو القدس بل هي آخر القلاع الصامدة في وجه تمدد سرطان الصهيونية في المنطقة.
ولا نجد تفسيراً منطقياً لكي يتعامل البعض في الدول العربية مع المقاومة الفلسطينية بأنها عدو أو تنظيمات إرهابية أو مصدر تهديد رغم أن أهداف جميع فصائل المقاومة الفلسطينية معلنة بوضوح وهو تحرير فلسطين، والصهيونية هي السرطان القاتل والعدو الحقيقي الذي له أهداف توسعية أعلنها بوضوح اليمين المتطرف الذي يشكل العمود الفقري لحكومة الاحتلال، ولذلك فإن استمرار حالة التناقض الرسمي العربي مع الحقائق في المنطقة، وبناء الصداقة والتطبيع مع العدو هو أحد أبرز أسباب وهن الكثير من الدول وتراجعها سياسياً واقتصادياً وحتى أخلاقياً.
لا يمكن للباطل أن يسود ومن يقرأ التاريخ يعلم أن من يتحالف مع الأعداء مصيره كما هو مصير الوزير ابن العُلقُمي بعد سقوط بغداد على يد هولاكو، وكذلك ليس دائما تنتصر القوة والعدد في الحروب ، وعلى سبيل المثال وفي الحرب الحالية على قطاع غزة تقدم المقاومة الفلسطينية في أرض المعركة الكثير من المفاجآت التي عجز حتى أكثر المنتمين لها عن توقع أو التنبؤ بما يحصل من صمود أسطوري في وجه ماكينة القتل الصهيو-أمريكية، وبعيداً عن أي تخاذل سابق فإن الانتصار للشعب الفلسطيني سيمسح ما قبله من صمت، والفرصة سانحة لخروج مشروع عربي ستدافع عنه الشعوب ببسالة.
كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com