سواء أكان الفلسطينيان المشاركان في اغتيال المبحوح من حماس ام من فتح : فإن الامر قد وقع وخسرت المقاومة الفلسطينية رجلا له وزنه ، وسواء أكانت اطراف التنفيذ دخلت بجوازات سفر مزورة ام صحيحة ، فهذا لا يغير من الواقع شيئا ، ويؤشر على خلل يجب الا تعمينا عن رؤيته حالة التراشق حيال هوية العميلين التنظيمية .
فظروف عملية الاغتيال تشير الى تورط اطراف داخل حماس وخارجها ، وتشير ايضا الى ان الحالة الفصائلية الفلسطينية مخترقة حد النخاع ، وعلينا ان نعترف ان مشهد الضابط الفلسطيني على القناة العاشرة الاسرائيلية هو نتيجة لهذا الاختراق ومخجل لكل الحالة الفلسطينية ، وبجاحته وتهديده للجميع يعني بأن الحالة بات لها تعريف اخر غير العمالة بعد ان بات التراخي والتذلل للطرف الاسرائلي هو سيد المواقف الفلسطينية.
حركة حماس تعرف بأنها مستهدفة قيادات وافراداً ، وعليها ان تعترف بانها حركة من البشر وليسوا ملائكة وانها مستهدفة بصواريخ من كل صنف اقلها ضررا المتفجرة واخطرها الصواريخ البشرية التي تخترق نسغ التنظيم ، فالقادمون من عواصم متعددة لم يصلوا دبي لحظة وصول الشهيد المبحوح بل كانت لديهم معلومة عن وصوله قبل فترة سمحت بهذا التخطيط .وترتيب الاوراق ، ونشكر شرطة دبي وكاميراتها التي فضحت حجم الاختراق وآلية وصول المعلومات الى المنفذين: تلك المعلومات القبلية التي سمحت لحدوث الامر بهدوء ودون ضجيج .
التراشق الاعلامي الفصائلي لا ينجز عملا ، بل يكرس الحالة الاتهامية ويمنهجها باتجاه زيادة الفُرقة وزيادة المساحة التي ينفذ منها العملاء والاعداء ، ولا سبيل سوى طي ملف الخلافات وتقليل جرعة الشوفينية التنظيمية داخل الحركتين الرئيستين ، وصولا الى اجراء انتخابات فلسطينية تفرز سلطة ونوابا يمثلون الشارع الفلسطيني المحاط بسياج من الاحباط اكثر قسوة وارتفاعا من الجدار الاسرائيلي العنصري .
اسهل الحلول هو التبرير واللجوء الى الحلقة الاضعف والحلقة الممجوجة واعني التبرير والقاء المسؤولية خارج البيت ، وهذا الامر لا يسمح الا بمزيد من الازمات وضياع الرجال ، والجرأة والمواجهة هي اقصر الطرق للحلول رغم صعوبتها في البداية لكن نتائجها مضمونة ، فنحن نواجه عدوا شرسا يملك كل الموارد والدعم ويملك الايدولوجية التي تمنحه احقية الولوغ في دمنا اطفالا وكبارا وكهولا ، امام حالة تسامح سياسي هائل نقاومه بها ، فنحن نعتذر عن افعال لم نرتكبها بل نعتذر حتى عن افعال يمكن ان يهمس لنا عنها سلفا .
حالة الفرقة والتراشق وتبادل الاتهامات لن تعيد المبحوح او سابقوه من الشهداء ، ولكنها ستضيف سوادا على بيوت اخرى ، وحدها حالة الوحدة الفلسطينية هي التي تعيد للشهداء بهاء شهادتهم وتعيدها الى سكة اهدافها الحقيقية في التحرير والعودة فلم يستشهد احدّ من اجل بساط احمر في غزة واخر في رام الله .
omarkallab@yahoo.com