حكومة الرفاعي تتخذ اول خطوة لاعادة هيكلة المؤسسات المستقلة وتلتزم بخطة لتطوير الأداء الحكومي
20/2/2010
قدمت الحكومة خطتها التنفيذية في الموعد المحدد واصبحت متاحة للرأي العام والمتابعين.
الخطة كما وصفها رئيس الوزراء سمير الرفاعي وثيقة لمحاسبة الحكومة على مدى التزامها بتنفيذ بنودها.
تضمنت الخطة جداول تفصيلية للمشاريع المنوي تنفيذها في كل قطاع ونسب الانجاز المتوقعة هذا العام. وقد اولت اهمية خاصة لمأسسة القرار الحكومي وتطوير اداء المؤسسات. واخذ هذا الموضوع حيزا واسعا من الخطة من خلال برامج عديدة لحوسبة واتمتة عمل المؤسسات الحكومية وربطها الكترونيا اضافة الى الدورات التدريبية والتأهيلية للعاملين في القطاع العام. وهذه كلها أمور اجرائية تبنتها الحكومات المتعاقبة في اطار برامج الاصلاح الاداري وتطوير القطاع العام ومن الضروري الاستمرار فيها لرفع كفاءة الموظفين وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
لكن بدا واضحا ان مشكلة العجز في الموازنة قد القت بظلال سلبية على خطة الحكومة, فالمشاريع التنموية الجديدة محدودة بعد قرار الحكومة بوقف جميع المشاريع التي لم يتم التعاقد عليها, كما صرح نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر. وكل ما ورد في الخطة مشاريع مقررة من قبل, وبعضها بدئ العمل فيه العام الماضي مثل »مشروع الديسي وسكن كريم«. اما المشاريع الجديدة مثل سكة حديد عمان - الزرقاء فهي لن تغادر مربع الدراسات هذا العام.
ذلك أمر مفهوم في ضوء المأزق الذي تعاني منه الموازنة العامة بل ان ضبط الانفاق كان مطلب الجميع.
تضمنت الخطة ايضا برامج لتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى وحماية الطبقة الفقيرة, لكن المشاريع المدرجة في هذا الباب »دعم المشاريع الصغيرة واستكمال مبادرة سكن كريم« لا تشكل فرقا يذكر في توسيع قاعدة الطبقة الوسطى, لان اعادة الاعتبار لدور هذه الطبقة وتجسير العلاقة الاقتصادية الاجتماعية بين الطبقات في المجتمع يحتاج لمقاربة سياسية بالدرجة الأولى ولمشروع اصلاح ديمقراطي واسع لا نلحظ وجوداً له في خطة الحكومة.
المؤتمر الصحافي لرئيس الوزراء والوزراء المعنيين كان فرصة للتعرف على جوانب اخرى لخطة الحكومة بعضها ايجابي ويعد مطلبا شعبيا دائما, فاعلان الرفاعي نية الحكومة اجراء دراسة معمقة لوضع المؤسسات الحكومية المستقلة واعادة هيكلتها يعتبر اول اجراء جدي من طرف الحكومات المتعاقبة لمواجهة ظاهرة المؤسسات المستقلة التي تكاثرت في السنوات الاخيرة واصبحت تشكل حكومة موازية في البلاد ترهق موازنة الدولة. ولفت وزير تطوير القطاع العام عماد فاخوري النظر الى نية الحكومة »عقلنة« رواتب العاملين في هذه المؤسسات لتكون اكثر عدالة وموضوعية.
لكن في مقابل الرؤية الواضحة لسير العمل في المشاريع والبرامج الحكومية تبدو الصورة غامضة بشأن قانون الانتخاب مثلا, فملامح القانون الجديد ستتحدد »في الأسابيع والأشهر المقبلة« والعبارة هنا فضفاضة خاصة وان الحكومة كما قال الرفاعي »لا تملك حاليا تصورات واضحة لمشروع القانون«.
هذا الغموض يسبب ارباكا ويترك الرأي العام اسيرا للتكهنات والتحليلات, بشأن استحقاق وطني مهم لم يعد يفصلنا عن موعده إلا اشهر معدودات.
خطة الحكومة كما قلنا تنفيذية وروتينية وهذا لا يقلل من قيمتها لكنها لم تتضمن أي شيء بشأن سبل مواجهة ازمة العجز والمديونية ولم يرد ذكر فيها »للقرارات الصعبة والشجاعة« التي تنوي الحكومة اتخاذها لمواجهة المخاطر المترتبة على هذه الازمة.
في المؤتمر الصحافي قرأنا تصريحات »طيارة« بهذا الخصوص جاءت غامضة ومتضاربة مع تصريحات سابقة حول رفع الدعم وزيادة الضرائب. الرفاعي قال ان الحكومة لا تنوي رفع الأسعار او فرض ضرائب قبل اجراء دراسة معمقة للآثار المترتبة على ذلك, والمعشر تحدث عن »بدائل« لتخفيض العجز وذكر ثلاثة منها وهي بدائل منطقية. ثم يعود رئيس الوزراء ويقول »ان الحكومة لن ترحل المشاكل« مع ان »اقتصادنا بالف خير«.!
وعند العودة لتصريحات حكومية سابقة تصف الوضع بالكارثي والخطير« واننا نحتاج الى تقديم »تضحيات« تشعر المتردد بالحيرة.
موقع »كل الأردن« الاخباري ربط بين اللهجة المخففة من طرف المسؤولين الحكوميين وما قال انها توجيهات ملكية بعدم رفع الأسعار او الغاء الدعم والبحث عن بدائل اخرى لتخفيض العجز.
اعتقد ان الرأي العام الأردني سيقدر للحكومة التزامها بخطة تنفيذية للعمل لكنه سيظل يترقب خطة ثانية تمس حياته بشكل مباشر وهي تلك المتعلقة بالقرارات الاقتصادية الصعبة, وكي لا تظل الأمور في دائرة التوقعات والمخاوف فمن الأفضل ان تعلن الحكومة برنامجها لمعالجة العجز في الموازنة بشكل صريح وشفاف وتكشف باسرع وقت عن القرارات التي تنوي اتخاذها هذا العام, وعلى نحو تفصيلي. وتجيب على كل الأسئلة التي تقلق الناس, فمعرفة الحقيقة مهما كانت صعبة وقاسية افضل من التستر عليها.0