زاد الاردن الاخباري -
تضمنت المقابلة النادرة التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون، جملة من المغالطات التي رصدها موقع “بوليتيكو” في تقرير نشره، الجمعة.
واستمرت المقابلة الموجّهة إلى الجمهور الأميركي والغربي أكثر من ساعتين وهي الأولى له مع صحفي غربي منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا.
مبرر للغزو
في البداية اقتبس تقرير “بوليتيكو”، الذي جاء بعنوان “5 كذبات لبوتين وحقيقة واحدة”، جملة قالها بوتين في المقابلة ومفادها بأنه “لم يقل إن الولايات المتحدة كانت ستشن ضربة مفاجئة على روسيا”.
يقول التقرير إن بوتين أخطأ عندما أنكر أنه قال ذلك، لإنه كان قد قاله بالفعل في وقت سابق.
برر بوتين غزو أوكرانيا من خلال ادعاء وجود تهديد من الولايات المتحدة، حيث قال قبل ثلاثة أيام فقط من بدء الحرب: “نحن نعرف أيضا من هو الخصم الرئيسي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي – إنه روسيا”.
وأضاف: “في وثائق الناتو، تم إعلان بلدنا رسميا وبشكل مباشر بأنه التهديد الرئيسي للأمن الأوروبي الأطلسي.. وستكون أوكرانيا بمثابة موطئ قدم متقدم لمثل هذا الهجوم”.
من الذي منع محادثات السلام؟
المغالطة الثانية التي تضمنها حديث بوتين تتعلق بمحادثات السلام مع أوكرانيا حيث قال للمذيع الأميركي: “لقد أصدر رئيس أوكرانيا قانونا يحظر التفاوض مع روسيا”.
لكن الحقيقة تتمثل في أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أصدر مرسوما يحظر المفاوضات على وجه التحديد مع بوتين، وليس مع روسيا كدولة.
سقوط الاتحاد السوفييتي
في كلام غير دقيق آخر ذكر بوتين أن “روسيا وافقت طوعا وبشكل استباقي على انهيار الاتحاد السوفييتي وأنها هي من بدأته فعليا”.
والحقيقة التاريخية لمسألة انهيار الاتحاد السوفياتي هي أن الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين كان أحد الموقعين الثلاثة على اتفاقيات بيلوفيزا في ديسمبر 1991، والتي أعلنت تفكك الاتحاد السوفييتي.
لكن انهيار الاتحاد السوفييتي كان يرجع في المقام الأول إلى الصراعات السياسية والاقتصادية الداخلية، حيث أعلنت العديد من الجمهوريات السوفييتية استقلالها ضد رغبة موسكو.
من يمتلك دعاية أقوى؟
قال بوتين في المقابلة مع تاكر كارلسون إنه “في الحرب الدعائية، من الصعب جدا هزيمة الولايات المتحدة لأنها تسيطر على جميع وسائل الإعلام في العالم والعديد من وسائل الإعلام الأوروبية”.
وأضاف أن “المستفيد النهائي من أكبر وسائل الإعلام الأوروبية هي المؤسسات المالية الأميركية”.
وهذا الأمر غير صحيح أيضا لإن شركات الإعلام الإخباري الكبرى جميعها مملوكة للقطاع الخاص وتعمل دون سيطرة حكومية مباشرة، على عكس المشهد الإعلامي الذي تسيطر عليه الدولة في روسيا.
فالتلفزيون الحكومي الروسي ووكالات الأنباء الرئيسية هناك هي ملك للحكومة، ويسيطر الكرملين على وسائل الإعلام الأخرى أو يتعامل بقسوة مع تلك التي لا ترغب بالتعاون.
يشار إلى أن السلطات الروسية اعتقلت في عام 2023 لوحده 28 صحافيا بحسب منظمة مراسلون بلا حدود.
وكان من بينهم مواطنان أميركيان هما إيفان غيرشكوفيتش مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، المتهم بالتجسس؛ والصحفية الروسية الأميركية ألسو كورماشيفا، التي تعمل في إذاعة أوروبا الحرة بتهمة عدم التسجيل كـ”عميلة من الخارج”.
فيما يتعلق بإيفان غيرشكوفيتش فقد تطرق له بوتين في مقابلته عندما قال: “إذا حصل الإنسان على معلومات سرية وقام بذلك بطريقة تآمرية، فهذا يعتبر تجسسا، وهذا هو بالضبط ما كان يفعله، لقد كان يتلقى معلومات سرية، وكان يفعل ذلك سرا”.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” استنكرت اعتقال مراسلها في روسيا ونفت بشدة جميع التهم الموجهة له.
ولم يقدم بوتين ولا السلطات الروسية أي أدلة على الادعاءات المتعلقة بأن جهاز الأمن الفيدرالي قبض على المراسل “متلبسا”.
قوة روسيا الحقيقية
كان الأمر الوحيد الذي يتضمن شيئا من الحقيقة وتحدث به بوتين به خلال المقابلة يتعلق بقوة روسيا.
قال بوتين إن “الغرب يخشى من الصين القوية أكثر من خوفه من روسيا القوية، لأن روسيا يبلغ عدد سكانها 150 مليون نسمة والصين يبلغ عدد سكانها 1.5 مليار نسمة”.
يشير التقرير إلى أن بوتين كان على حق تقريبا عندما أدلى بهذا التصريح لإن اعترافه بأن الغرب يخشى الصين القوية أكثر من خوفه من روسيا القوية يعكس تقييما واقعيا لديناميكيات القوة الجيوسياسية في العالم.