أكتب هذه المقالة قبل أن تنطلق احتفالات الدولة باستقبال أبطال المنتخب الوطني لكرة القدم، الذي شارك في محفل رياضي دولي، وقدم جميلا، وأصبح استقباله من قبل المؤسسات المختصة والشعب الأردني، استحقاقا «اعتباريا»، يؤكد من ضمن ما يؤكده بأن الدولة والحكومة التي تمثلها تقوم بكل واجباتها، وهذا بالطبع لا يعني «انسلاخنا» كغيرنا، من استحقاق نعتبره الأهم، أخلاقيا بل سياسيا وقانونيا وعقائديا، وهو موقفنا من حرب الإبادة في مرحلتها التي يتوقع معظمنا بأنها ستكون أكثر دموية، وتشكل متطلبا مهما للشروع في مسلسل التهجير، لما تبقى من شعب بريء أعزل، يشهد منذ قرابة 5 شهور، أفظع أنواع جرائم الإبادة والتنكيل والدمار والتجويع، والنسيان من قبل المجتمع الدولي، الضالع في هذه الجريمة، عن طريق أمريكا وأوروبا ورهط من المتطوعين المجرمين، الذين لا ناقة لهم ولا جمل في فلسطين..
المجرمون؛ يخططون لهذه المرحلة، ويحاولون إنهاءها قبل انطلاق شهر رمضان المبارك، فهم يعتقدون أنه ما زال في عروق هذه الأمة دما حرا يجري، ويخشون من أن ترتفع كلفة الحرب على أمريكا وسائر الداعمين، سيما وأن مرحلة التهجير الذي هو الغاية «المستجدة» والقابلة للتحقق، بعد كل هذا التواطؤ العالمي، بالصمت عن حرب الإبادة التي تشنها العصابة الصهيونية، ورغم كل «المسرحيات» السياسية والإعلامية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول وحكومات بائسة، إلا أن خطر الصهيونية على الجميع قائم، ولن يستثني شعبا ولا دولة في المنطقة أو في سائر مناطق العالم، ما دامت للصهيونية مصالح فيها.
انطلقت سلسلة جديدة من أخبار الدم البريء المسفوك في غزة، وهذه المرة في رفح، حيث أصبحت هذه المدينة مستودعا بشريا لمن تبقى من الفلسطينيين النازحين من سائر مناطق غزة، بعد أن قتل المجرمون أكثر من 30 ألف إنسان، ظهرت أشلاؤهم واستغاثاتهم جميعا، على كل شاشة في الكوكب، وأصبح موتهم وتقطيعهم وتجويعهم وتشريدهم إجراء يوميا، طبيعيا في ذهنية وتفكير عالم ممسوخ، وتتوالى أخبار موت المئات من الفلسطينيين لكن هذه المرة من رفح، في العملية الإجرامية المعلنة من قبل المجرمين، والتي باركها البيت الأبيض، باللغة ذاتها، لكن هذه المرة بالحديث عن قتل رحيم للنازحين المتواجدين في رفح، أما سكانها ومبانيها فهم ليسوا في وارد مهرجي البيت الأبيض.. والأخبار تتوالى.
الأردن؛ حتى وإن كانت حكومته ترعى استحقاقا اعتباريا له مبرراته، إلا أن الخبر الأهم هو المتعلق بجلالة الملك عبدالله الثاني، والذي سيبحث مع الرئيس الأمريكي سبل وقف حرب الإبادة الظالمة، ودرء خطر التهجير للشعب الفلسطيني، والحد من احتمالات تفاقم واتساع ساحة المعركة، التي تسيطر أمريكا على كل مجرياتها، وتقبض على كل خيوط مسارحها العسكرية والسياسية وغيرها.. وهذا هو موقف ودور الأردن، الذي يمارسه «ما استطاع إلى ذلك سبيلا»، وعين الملك والدولة الأردنية على كل الحدود، وحساباتهما تتعلق باحتمالات اتساع رقعة العربدة الصهيونية، وانطلاقها في مغامرات أخرى جديدة، لفرض الأمر الواقع على عالم متفهم، ومتعاون جدا مع الجرائم الصهيونية..!!.