زاد الاردن الاخباري -
يقول بهزاد الأخرس، وهو طبيب نفسي فلسطيني، إن أيامه قبل الحرب في غزة كانت تسير بروتين معتاد، حيث كان يذهب للعمل في عيادته ويزور الأصدقاء ويقضي بعض الوقت مع عائلته، وكان يعيش حياة طبيعية.
لكنه أصبح الآن مع عائلته لاجئين في رفح، بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بمغادرة منزلهم في خان يونس. وهم يعيشون الآن في أسوأ حال لا يمكن تصوره، حيث يقضون أيامهم في الانتظار.
"ننتظر في طوابير للحصول على غالونين أو ثلاثة من مياه الشرب، أو الطعام أو الدقيق العادي لنخبزه على النار بعد أشهر من انقطاع الكهرباء" يقول الطبيب الفلسطيني.
ويروي الأخرس، في مقال بصحيفة غارديان، أنه عندما سمع 1.4 مليون شخص قبل أيام أن إسرائيل تستعد لغزو بري في رفح، عرفوا أنه ليس هناك مكان آخر يلجؤون إليه، وأن كل ما يمكنهم فعله هو انتظار الأسوأ. وبدت الحياة وكأنها يوم أبدي لا ينتهي، مليء بالمعاناة ومشاهد الرعب المتداخلة مع بعضها.
ويعلق بأن الأمر أصبح روتينا جديدا أن تسمع وتشاهد وتجلس، وتمشي بجانب الموت الذي بدا أقرب من أي وقت مضى عندما شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية واسعة النطاق خلال ليلة 12 فبراير/شباط الجاري.
ويقول "لقد أمضيت حياتي المهنية في مجال الصحة النفسية والصدمات المجتمعية في غزة، ولكن حتى ذلك لم يهيئني للشعور العميق باليأس الذي انتشر في مجتمعنا الآن، وأصبح يتخلل كل شيء. لقد فقد جميع من حولي تقريبا أفرادا من عائلاتهم، سواء استشهدوا في الغارات الإسرائيلية أو بالقنص أو أخذهم الجيش الإسرائيلي أو نزحوا إلى مناطق أخرى. عدم اليقين هو الذي يقتلنا ببطء، فلا نعرف من التالي الذي سيخطفه الموت أو يفقد عائلته".
ويشير الأخرس إلى أنه عندما يواجه أي إنسان خطرا أو تهديدا لحياته فإنه يستجيب بإحدى طرق ثلاث: المقاومة أو الهرب أو التجمد. ولا يمكن مقاومة ما لا تستطيع الهرب منه، ولذا يتجمد في مكانه، والعديد بقي على هذا الحال 4 أشهر الآن.
ويضيف أنه عندما يكون الشخص في حالة التجمد، لا يمكن أن يتصرف أو يشعر بأنه طبيعي. ويصبح الأشخاص كالأحياء الأموات.
"وعندما أكون في العيادة في رفح، منتظرا في طوابير المياه أو أتحدث مع الجيران، ما ألاحظه هو أن وجوه الناس أصبحت لا روح فيها. إنها أقنعة الخوف واليأس والخدر العاطفي".
ويتابع الأخرس بأن ما يجري ليس حربا للفلسطينيين، بل هو حمام دم لا ينتهي. ولكن بينما يراقب العالم الإبادة الجماعية التي تتكشف، لم يتخذ أي إجراء يمكن أن يمنعها. ولا شيء مما يحدث له ما يبرره ولا ينبغي لأي إنسان أن يعاني مثل هذه المعاناة.
وختم مقاله بأن الفلسطينيين يخشون أن تكون التحذيرات التي أطلقتها إسرائيل تمهد لما سيأتي، بحيث يجعلون الناس في جميع أنحاء العالم يعتادون على فكرة أن رفح أصبحت هدفا، ولذلك لن يأتي الأمر كصدمة عندما يقتل الفلسطينيون. ولن يوقف ذلك إلا التدخل الدولي. ويجب على المجتمع الدولي أن يواصل ممارسة الضغط العاجل من أجل وقف إطلاق النار "وقد تكون هذه هي فرصتنا الوحيدة للنجاة".