د. مراد الكلالده/ مستشار العمارة والتصميم الحضري - التصريح الذي أدلى به أمين عمّان أمام كتلة البرنامج النيابية، بأن الباص سريع التردد وباص عمّان قد نقلا ما مجموعه 20 مليون راكب في العام 2023، قد يبدو رقم ضخم بالنسبة للبعض، ولكنه للمراقب أقل بكثير من المفروض نقله بعام واحد وهو 27 ضعف هذا الرقم وبما يقارب 540 مليون راكب.... فكيف ذلك.
يبلغ متوسط عدد الرحلات التي تجري في عمّان (12) مليون رحلة يومياً، وماذا نعني بالرحلة. هي تلك الحركة التي يقوم بها المواطن لقضاء حاجة مستخدماً واسطة نقل (مركبة) للوصول إلى مكان العمل أو الرجوع منه، أو للتسوق، أو لمراجعة الدوائر والمؤسسات الحكومية، أو للطبابة بالمستشفيات والعيادات، أو للزيارة، أو للتنزه والترفيه.
وبما أن البعض يعتمد على التنقل من خلال المواصلات العامة (باص كبير، كوستر، تكسي أصفر، سرفيس، أوبر وكريم) فإن نسبتهم بالأردن تبلغ 13% بينما هي في لندن مثلاً 55%، بمعنى أن حوالي (1.5) مليون رحلة تجري يومياً من خلال المواصلات العامة، مضروبة في 30 يوم بالشهر تساوي (45) مليون رحلة بالشهر، مضروبة في (12) شهر، تساوي 450 مليون رحلة سنوياً.
ولكي أكون موضوعي، فأني أقبل بأن يكون نصف عدد الرحلات العامة (يعني نصف 13% مع ان النسبة متدنية جداً بالمعايير العالمية) مخدومة من قبل الباص السريع الذي اقتطعت له أجزاء كبيرة من الطرق الرئيسية، ومن باص عمّان المعزز للباص السريع والمغذي لخطوطها والواصل للأحياء السكنية كما كان باص المؤسسة لمن يذكره، واقبل بنسبة 7% والتي تعادل 840 ألف رحلة يومياً مضروبة في 30 يوم تساوي 25,200,000 مضروبة في 12 شهر، تساوي قرابة 300 مليون رحلة كان يجب أن يحملها كل من باص عمّان والباص السريع معاً، مع ان دمج أرقام الباص السريع مع ارقام باص عمان هو لإخفاء الرقم الصحيح الذي يخدمه الباص السريع وهو أقل من 1% من رحلات المواصلات العامة اليومية.
وعودة على ذي بدء، فإن تضخيم رقم العشرين مليون راكب، لا يساعد على حل مشاكل النقل والمرور بالعاصمة، لأن حل المشكلة يتطلب الإعتراف بوجودها أولاً وهو ضرورة رفع كفاءة النقل العام الذي تديره أمانة عمان الكبرى بموجب قانونها الى 15 ضعف على الأقل لخدمة حوالي نصف مليون مواطن يومياً من غير المالكين للسيارات الخاصة، وإلا سيلجأون لشرائها ويزجون بها بشوارع عمّان المكتظة أصلاً.
أحيي الدكتور يوسف الشواربة على جرأته بالإعتراف بأن هناك غياب لمنظومة التخطيط، وأن هناك ضرورة لتفعيل قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية الموقت لسنة 1966، والذي لطالما دعونا الى تطبيق ما جاء به من إعداد مخططات إقليمية نزولاً الى الهيكلية ومن ثم الهيكلية التفصيلية. إن طموح أمانة عمّان برفع رقم العشرين مليون راكب الى 25 مليون خلال العام الحالي 2024 محمود، ولكنه مقيد بمسارات لمنظومة قد إكتملت، ولن يستع باص الخمسين راكب لأكثر من ذلك، وحتى لو جرى زيادة عدد الباصات، فأن ترددها الأقصى المسموح به لن يواكب الطلب المتزايد على النقل العام.
للأمانة.... المشكلة أكبر من الأمانة، وتتطلب تدخل حكومي على عده مستويات تشريعية وتنظيمية عاجلة، وإلا أصبحت العاصمة عبئاً على الناس والإقتصاد وليست رافعة له كما يجب.