يبدو الوضع في الضفة الغربية على مشارف انفجار كبير، وعلى الرغم من استمرار المذابح في قطاع غزة، وما يتعلق برفح، فإن الوضع في الضفة الغربية يؤشر على مخاطر مقبلة.
الأردن الطرف الأكثر تأثرا بما سيجري في الضفة الغربية، ويمكن هنا تعداد المهددات التي قد تؤدي إلى انفجار الوضع في الضفة الغربية وتأثير ذلك على الأردن، خصوصا، بعد مرور هذه الأشهر على مذابح قطاع غزة، التي لا يواجهها أحد فعليا إلا بالمناشدات لإسرائيل لوقفها، والقصد هنا أن طبيعة المهددات اختلفت، وارتفعت درجة حدتها وتأثيرها المتوقع أيضا.
من حيث المبدأ تنزلق الضفة الغربية إلى انهيار اقتصادي شبه كامل، بسبب توقف العمل ومنع إسرائيل للعمالة، وخفض الرواتب وعدم دفعها أو تأخرها، وحجز إسرائيل لأموال الفلسطينيين، واضطرار عشرات آلاف الفلسطينيين، لعرض ممتلكاتهم للبيع من السيارة إلى الشقة أو قطعة الأرض تحت وطأة الحاجة للمال لتغطية التزامات البنوك، حيث أغلب الضفة الغربية باتت أسيرة للبنوك وقروضها، بعد اتفاقية أوسلو، إضافة إلى الإغلاقات في القطاع الخاص، وتوقف كثير من المشاربع الصغيرة أو المتوسطة، أو إفلاسها كليا أو جزئيا، وتوقف نشاطاتها.
الانزلاق نحو انهيار اقتصادي بعد 5 أشهر من الحرب، يترافق مع الضغط الأمني الإسرائيلي المتواصل من خلال عمليات الاقتحام والقتل والاعتقال، والتنكيل بالفلسطينيين في كل مناطق الضفة الغربية، ومع هذا تورط الأجهزة الأمنية الفلسطينية في اشتباكات مختلفة مع المقاومين الفلسطينيين، في حالات كثيرة بما يؤدي إلى زيادة النفور من السلطة، وضعف أجهزة السلطة وتراجع تأثيرها الاجتماعي إلى حد كبير، وانعدام أي أفق في معالجة السلطة للوضع في الضفة الغربية من حيث اعتداءات إسرائيل، إضافة إلى موقف السلطة الشبيه بالنظام الرسمي العربي، بشأن قطاع غزة، وتحول السلطة من طرف ضامن لوحدة المشروع الفلسطيني، إلى طرف ينتظر التخلص من أي مشاريع سياسية ثانية تعاكسه أو تناكفه داخل قطاع غزة خصوصا بعد هجمة السابع من أكتوبر، هذا في الوقت الذي لا توجد فيه أدلة أصلا على كون السلطة ستكون وريثا مقبولا لمرحلة ما بعد غزة، أمام الرفض الإسرائيلي لدخول السلطة للقطاع من جهة، وحتى فشل هذا الخيار من جهة ثانية لانعدام قبوله بين الفلسطينيين داخل قطاع غزة، على خلفية ما حدث منذ عام 2007، وحتى الآن، من تراكمات، وحجم الأضرار اليوم في القطاع.
والنقطة السابقة تقود إلى ما هو أخطر، إي إعادة إنتاج ذات السلطة، ومشروعها، مع رفض إسرائيل لقيام دولة فلسطينية، ورفض إسرائيل للسلطة حتى بمواصفاتها الحالية، وهذا يعني أن تفكيك السلطة، أمر وارد في الحسابات الإسرائيلية لصالح سلطة إدارة بديلة تتجاوز اتفاقيات أوسلو وكل ملحقاتها، وتضع كل القضية الفلسطينية بمعناها السياسي، والجغرافي المرسوم بدولة بحدود 1967، في مهب الريح، في تغير جذري وشامل لكل المشهد داخل الضفة الغربية.
ما سبق بعض المهددات التي زادت حدتها خلال الأشهر الماضية، ويضاف إليها وضع المسجد الأقصى، والقدس، مع اقترابنا من شهر رمضان، وما يفعله المستوطنون، ومخططات التهجير الناعم الطوعي لكل من يحمل جنسية ثانية من أهل الضفة الغربية، والأعداد هنا ليست قليلة، وتشمل العاملين في الخارج ممن قد يتم منع عودتهم من جانب إسرائيل، وغير ذلك من مخططات، تشمل بالنتيجة التهجير القسري على استحالة تنفيذه بالطريقة التي تتصورها إسرائيل، وهي غير القادرة على الخروج بأي نتيجة في غزة، غير الجرأة على الأبرياء.
هذا يعني في الاستخلاص ارتفاع حدة المهددات، وتغيرها نوعياً وهي تختلف عن مهددات بداية الحرب خصوصا مع تعمق آثار الأزمة الاقتصادية، والتوحش الأمني من جانب إسرائيل داخل الضفة الغربية وغير ذلك، بما يجعلنا نسأل عن ارتدادات ذلك على الأردن في المحصلة، وهي ارتدادات لا يمكن بأي حال من الأحوال التهوين منها، أو جدولتها خلال عام 2024.