زاد الاردن الاخباري -
في الوقت الذي شهدت فيه الصادرات الوطنية تراجعا بنسبة وصلت إلى 1.6 % خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي، طرح صناعيون جملة من الأدوات أمام الحكومة، من شأنها أن تضمن عودتها للارتفاع مجددا خلال الفترة المقبلة، على رأسها تخفيض كلف الطاقة لزيادة تنافسية المنتجات محليا وخارجيا.
وأشار هؤلاء إلى أهمية العمل على توسيع دعم المشاركة في المعارض الخارجية، كونها تعد من أفضل الوسائل للترويج للصناعة الوطنية وفتح الأسواق، إضافة الى ضرورة إيصال الغاز للمصانع وتكثيف الجهود للاستفادة بشكل أكبر من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط المملكة مع العديد من دول العالم.
وتظهر آخر أرقام التجارة الخارجية، أن قيمة الصادرات الوطنية شهدت تراجعا خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي بنسبة 1.6 %، لتصل الى 7.606 مليار دينار مقابل 7.727 مليار بالفترة نفسها من العام 2022.
وكان تقرير صادر عن غرفة صناعة الأردن، أظهر وجود ضعف بالقدرات التسويقية للمنتجات الأردنية؛ إذ إن 13 سلعة فقط تستحوذ على أكثر من 61 % من الصادرات الوطنية و7 دول تستحوذ على 70 % من إجمالي الصادرات.
وبحسب أرقام غرفة صناعة الأردن، ينتج القطاع الصناعي 1500 سلعة بقيمة 17 مليار دينار سنويا، فيما يبلغ عدد السلع التي تم تصديرها نحو 1400 سلعة.
ويرتبط الأردن بعلاقات اقتصادية مميزة مع مختلف دول العالم وتوقيع اتفاقيات ثنائية وجماعية للتجارة الحرة، وفي مقدمتها الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة مع الولايات المتحدة وكندا، والشراكة الأوروبية واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، واتفاقيات أخرى ثنائية مع دول عدة.
بدوره، قال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن م.فتحي الجغبير "إن ضمان عودة الصادرات الوطنية للارتفاع مجددا، واستغلال الفرص التصديرية المتاحة والتي تصل الى 4.4 مليار دولار، وتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي بمضاعفة قيمة الصادرات خلال السنوات العشر المقبلة وبمعدل نمو سنوي أكثر من 7% سنوياً، تتطلب العديد من الإجراءات، وفي مقدمتها تخفيض كلف الطاقة".
وشدد على ضرورة إزالة بعض المعيقات والإجراءات لضمان عودة الصادرات لوتيرة النمو، على رأسها خفض كلف الإنتاج وخاصة كلف الطاقة، التي تعد أحد أبرز التحديات التي تعيق نمو الصادرات وتضعف قدرته التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية، إذ تصل فروقات كلف الإنتاج مع الأسواق الداخلية والأسواق التصديرية الى حوالي 25 %، وبهذا الخصوص، لا بد من الإسراع في مد المدن الصناعية بالغاز وبما يعزز من تنافسية المنتجات الصناعية محلياً وبالأسواق الخارجية.
ولفت إلى ضرورة رفع القدرات التصديرية، من خلال تنفيذ جملة من الإجراءات للاستفادة من الفرص التصديرية غير المستغلة التي تمتلكها المنتجات الأردنية في الأسواق العالمية، منها على سبيل المثال؛ تفعيل وإقرار نظام التتبع الوطني للمنتجات الزراعية والغذائية والتي تمتلك فرصاً عدة في الأسواق الخارجية، وخاصة في الأسواق الأوروبية والأميركية.
وشدد الجغبير على ضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع الدول التي تفرض قيودا على المنتجات الوطنية، وتنفيذ بعض المتطلبات التي تم تضمينها في استراتيجية التصدير التي أطلقت خطتها التنفيذية للعام الحالي، مؤخراً، والتي تهدف لضمان تحقيق التنوع السلعي والجغرافي للصادرات الوطنية وزيادة نمو الصادرات.
وأكد ضرورة زيادة المشاركات الخارجية بمختلف المعارض ومنتديات الأعمال في مختلف الدول للتعريف بالصناعات المحلية والكفاءة والجودة التي تتمتع بها وتنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، والتي من شأنها رفع القدرات التصديرية وزيادة تدفق الاستثمارات، وتخصيص وتوجيه القدرات والإمكانات بالشكل المطلوب، والتي ستنصب في رفع مستوى نمو الصادرات الصناعية والحفاظ على زخمها المطلوب.
وقال الجغبير "إن تراجع الصادرات الوطنية، خلال العام الماضي، على وجه التحديد، يعود الى جملة من الأسباب، لعل في مقدمتها عودة الأسعار العالمية للأسمدة والبوتاس والفوسفات الى مستوياتها الطبيعية بعد الارتفاعات الكبيرة التي سجلتها خلال العام 2022، إضافة الى انخفاض الطلب في السوق الأميركي، وخاصة على منتجات الألبسة، فضلاً عن العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة الذي ألقى بظلاله على الصادرات الأردنية الى فلسطين خصوصاً، وتبعاته من اضطرابات في مضيق باب المندب وتأثيره على انسياب السلع الأردنية، وخاصة لدول شرق آسيا".
وأشار الى أسباب أخرى تعيق استغلال العديد من الفرص التصديرية المتاحة، على غرار نظام التتبع الوطني لمنتجات اللحوم والألبان والأجبان والذي يضيع فرصا كبيرة في أسواق الاتحاد الأوروبي وأميركا، هذا إضافة إلى استمرار ارتفاع كلف الإنتاج المعيقة لتنافسية الصادرات، وإعاقة بعض دول الجوار دخول المنتجات الوطنية الى أسواقها من خلال فرض قيود وإجراءات إدارية غير جمركية.
وأكد أن الغرفة تولي أهمية كبيرة لتعزيز الصادرات وفتح أسواق جديدة، لإيمانها المطلق بأهمية تعزيز الصادرات الوطنية ودورها الاقتصادي، حيث تعمل الغرفة، وبشكل متواصل، نحو تقديم الخدمات والبرامج لزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية، وتكثيف المشاركة بالمعارض وإقامتها للتعريف بالصناعات المحلية والكفاءة والجودة التي تتمتع بها.
وبين أن الغرفة تحرص على المشاركة في منتديات رجال الأعمال وغيرها من اللقاءات التي تهدف إلى التشبيك بين الشركات الأردنية والشركات الموجودة في تلك الدول، لاستغلال الفرص والإمكانيات المتاحة، لتوسعة القاعدة التصديرية والدخول إلى عدد أكبر من الأسواق.
وأوضح أن الغرفة تعمل مع الجهات ذات الاختصاص لتكثيف الجهود الترويجية، وإعداد الخطط والإستراتيجيات المتعلقة بمبادرات برؤية التحديث الاقتصادي المتعلقة بزيادة زخم الصادرات، والسعي دائما إلى إزالة أي معيقات تواجه القطاع الصناعي مع مختلف المؤسسات الرسمية.
وأشار إلى جهود الغرفة، خلال الفترة الماضية، بتكثيف الجهود مع الشقيقة العراق لإعادة زخم الصادرات الأردنية إليها، ومحاولة فتح العديد من الأسواق الأخرى، سواء الأفريقية أو الآسيوية وغيرها.
وأكد رئيس جمعية المصدرين الأردنيين أحمد الخضري، أهمية تكثيف الجهود في إطار فتح أسواق جديدة وزيادة التواجد بالأسواق التقليدية للمنتجات الوطنية، من خلال توسيع دعم المشاركة بالمعارض الخارجية، بهدف تمكين المنشآت الصناعية من الترويج للمنتجات وفتح الأسواق أمامها.
وبين الخضري أن المشاركة بالمعارض الخارجية تعد من أهم الأدوات الفاعلة لزيادة الصادرات الوطنية، كونها تعد بمثابة منصة تجارية تجمع المصنعين والمستورين تحت سقف واحد، ما يمكن المنشآت الصناعية من تسويق منتجاتها وعقد الصفقات التجارية.
وشدد الخضري على أهمية التركيز على تنظيم بعثات تجارية ضمن قطاعات متخصصة في العديد من الأسواق، بهدف استكشاف الفرص المتاحة أمام الصادرات الوطنية. وأشار الخضري إلى أهمية تخفيف القيود بما يخص الحصول على الدعم للمشاركة بالمعارض الخارجية، إضافة إلى إطلاق توسيع برامج دعم كلف الشحن في ظل ارتفاع كلف الشحن بسبب الأحداث التي تشهدها منطقة البحر الأحمر والتي أدت الى زيادة أجور الشحن بنسب كبيرة.
وقال ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن م.إيهاب قادري "إن إعادة مؤشر الصادرات للارتفاع مجددا تتطلب التركيز على تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي التي تشمل العديد من الإجراءات لدعم وزيادة الصادرات الوطنية ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع الصناعي".
وشدد قادري على ضرورة تحديد الأولويات الحكومية من أجل العمل عليها، خصوصا فيما يتعلق بالشحن والطاقة والعديد من الأمور المتعلقة بكلف الإنتاج والتي طرأت عليها تغيرات كبيرة خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أهمية الاهتمام بالمستثمر المحلي واستقطاب المزيد من الاستثمارات الخارجية في القطاع الصناعي، لزيادة الصادرات الوطنية والاستفادة من الاتفاقيات التجارة الموقعة مع العديد من دول العالم وتضم أكثر من 1.5 مليار مستهلك.
ولفت إلى أهمية توفير نوافذ تمويلية للقطاع الصناعي بإجراءات وشروط ميسرة، على غرار البرامج التي أطلقها البنك المركزي خلال جائحة كورونا.
واتفق عضو مجلس إدارة جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية م.محمد حسن الصمادي مع سابقيه، حول أهمية العمل على تقليل كلف الإنتاج على القطاع الصناعي، خاصة فيما يتعلق بكلف الطاقة وفرق المحروقات التي تشكل كابوسا حقيقيا على القطاع الخاص الوطني.
وأضاف "زيادة الصادرات الوطنية تتطلب أيضا إقامة معارض للصناعة الأردنية بشكل دائم في الدول الاستراتيجية ودعم المصانع والشركات من المشاركة بالمعارض، وذلك من خلال الشراكات بين مختلف الجمعيات المتخصصة وغرفة الصناعة وشركة بيت التصدير والهيئات المختلفة صاحبة الشأن، إضافة إلى أهمية تعزيز دور السفارات الأردنية ورفدها بالكوادر وملحقين تجاريين واقتصاديين يكون دورهم التشبيك بين الطرفين، وبالتالي تسهيل واختصار الوقت والكلف في البحث عن شركاء استراتيجيين".
وشدد على ضرورة التركيز على توفير العمالة ذات المهارات المتخصصة، لتوفير احتياجات القطاع من العمالة، إضافة إلى سرعة وصول الغاز الطبيعي إلى منشآت القطاع، ما يخفض الكلف ويدعم تنافسية القطاع محليا وفي أسواق التصدير.
ودعا الصمادي الى ضرورة العمل على مراجعة اتفاقيات التجارة الحرة، وتحديدا اتفاقية الشراكة الأوروبية، بهدف تحسينها وتحقيق الفائدة المشتركة، خصوصا وأنها تتضمن اشتراطات وإجراءات طويلة ومعقدة على تصدير بعض المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية، مبينا أن المبدأ الأساسي من توقيع الاتفاقيات التجارية يكمن بزيادة الصادرات الأردنية وزيادة النمو الإجمالي للاقتصاد الأردني وتشغيل الأيدي العاملة وزيادة الاحتياطي من العملة الصعبة.
وشدد على ضرورة زيادة التركيز على الدول غير التقليدية والأكثر استقرارا، مثل الاتحاد الأوروبي وأميركا، خصوصا بعد إطلاق خط بحري مباشر بين العقبة وأميركا الذي يعد نقطة انطلاق جديدة للصادرات الوطنية وتعزيز حضورها باختراق أسواق غير تقليدية من جهة، وتوسيع قاعدة التركيب السلعي من جهة أخرى، وتخفيف التركز الأفقي والعمودي وتنويع السلع والبحث عن أسواق جديدة والبحث عن إنشاء صناعات جديدة للمواد الخام التي يتم تصديرها وإعادة استيرادها من جديد على شكل سلع أخرى مثل الأسمدة.