زاد الاردن الاخباري -
"هناك شخصان في إسرائيل يتخذان القرارات، بنيامين نتنياهو وإيتمار بن غفير، وطموحهما السياسي هو المحرك للطائرة التي تقلع. والذي يعمل بأقصى سرعة على مدار 7 أيام في الأسبوع و24 ساعة في اليوم".
هذا ما كتبه الكاتب الإسرائيلي ران أدليست، أول أمس، في صحيفة "معاريف" العبرية، إذ رأى أن بقية أعضاء الائتلاف: "مجرد جامعي أصوات، وضمنهم بتسلئيل سموتريتش الذي يُعد مزيجًا ما بين المخلص والمراهق؛ وأرييه درعي، الذي يُعتبر كأفعى من دون عمود فقري؛ وموشيه غافني على شاكلة لجنة المالية وامتيازاتها؛ وإسحاق غولدكنوبف، وهو بطل البلد في المصارعة من الوزن الثقيل".
يقول ران أدليست: "الفرق بين نتنياهو وبن غفير هو أن الأول يدهس كل ما في طريقه من أجل البقاء، أمّا الثاني، فيدهس كل ما في طريقه إلى القمة. بن غفير مراهق ومستفز، يشعل كل جبهة، ومن بعده الطوفان. في نظره، كل ما يحدث هو أمطار البركة، حتى لو كان ذلك فيضانات من الدم، لن ينجو منها أحد سواه".
ورأى أن نتنياهو على العكس من بن غفير، ذلك أن الأول: "كلاعب سكاكين، يلعب من خلف الكواليس، ويقوم بتفعيل مركّبات رش السموم لتشويه الآخرين، والتقسيم فيما بينهم، وضرب الأخ بأخيه، من دون إيلاء أهمية للعرق، أو الحزب، أو الفئة الاجتماعية. وهنا يلتقيان: كلاهما يحب الفوضى الحالية، ومن الواضح أنه في المدى البعيد سينتصر بن غفير على الكبير: نتنياهو يهرب من كل معركة إلى المؤامرات والتأجيل، والآخر يتلهف لكل معركة، بغضّ النظر عن مكانها وتوقيتها".
وأشار الكاتب إلى أنه في سنة 2021 بحث نتنياهو عن أي مساعدة لتشكيل ائتلاف، ودفع باتجاه التحالف بين حزبَي "الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية".
وبالنسبة له، فإن بن غفير هو المشجع المتلهف للإعلام، والذي سيبعد الإعلام عن انهيار نتنياهو على الصعيدين السياسي والقضائي- من دون أن يكون محسوبًا على حزب "الليكود". وقال حينها: "سيكون عضو كنيست، ولن يكون لديه منصب مؤثر"، وكانت رسالة موجهة إلى أصدقاء "إسرائيل" في العالم، بدءًا بالولايات المتحدة، ووصولًا إلى السعودية. وفي انتخابات 2021، دخل بن غفير إلى الكنيست، لكن نتنياهو لم ينجح في تشكيل ائتلاف.
يقول أدليست: "بعد ذلك بعام واحد، ارتبط كل شيء بلعنة الـ64، وفي تلك اللحظة، بدأ بن غفير سباقه نحو قيادة اليمين على الطريق إلى رئاسة الحكومة. إنه يعتمد على القاعدة الشعبية ذات الأصول الشرقية لنتنياهو في "الليكود" وحزب "شاس". صحيح أنه يوجد لنتنياهو ورثة آخرون - يوسي كوهين ورون ديرمر مثلًا - لكنهم يعرفون أن من سيحصل على دعمه، سيكون الرجل الأخير الذي سيبتزه بعنف قبل ذهابه إلى السجن، أو الأعمال، أو رئاسة الدولة".
ويضيف: "بعد ذهاب نتنياهو، لن يخافه أحد، ومن المؤكد أن بن غفير لن يحسب له حسابًا. النواب، مثل دافيد أمسالم، لن يختاروا قائدًا من أصول غربية كنتنياهو، أو يسرائيل كاتس، أو حاييم كاتس، أو حتى نير بركات، أو يولي إدلشتاين- هؤلاء، جميعًا، سيكون مصيرهم كمصير الذين سبقوهم، بدءًا بدان مريدور، ووصولًا إلى بيني بيغن".
وسيسعى الليكود، التنظيم السياسي والاقتصادي، لتعزيز نفوذه المتراجع، وبن غفير مرشحه المحتمل. اتحد بن غفير مع "الليكود" في الانتخابات المحلية، حيث يسعى لتجميع قوته بكل الوسائل المتاحة. ودعت مئات الآلاف من الرسائل النصية في هواتف السكان إلى دعم مرشح "قوة يهودية" في بلداتهم، مما أثار جدلًا حول الرسائل الصادرة عن وزارة الأمن القومي، والتي لا يمكن حذفها دون قراءتها.
وفي الوقت نفسه، يعيش بن غفير داخل مجتمعه، ويشدد على هتاف "الموت للمخربين"، بدلًا من "الموت للعرب".
لا شك في أنه قادر على تطبيق سياسة نتنياهو، وهو ما سيساعده في الصراع الداخلي في مواجهة سموتريتش والمقاعد الأربعة من المستوطنين. لكن في حال استمر تراجُع الدعم لحزب "الصهيونية الدينية"، فإن بن غفير يمكن أن يتعدى سقف العشرة مقاعد، وأن يتحالف مع "الليكود" كشريك متساوٍ من حيث القوة، مع قيمة مضافة كشرقي يستطيع أيضًا استمالة حزب "شاس"، كما يرى المقال.
ويؤكد الكاتب أن: "بن غفير هو الوريث الذي يتركه نتنياهو خلفه بين الجيش والدولة، وبين قبائل إسرائيل نفسها، وبين إسرائيل وجاراتها - في الأساس، بين إسرائيل والعالم برمته".
ويذكر أدليست بفكرة طرحها في مقال سابق، وهي أن هدف بن غفير هو زيادة دائرة الداعمين له من خلال التحالف مع فئات شابة ودينية، ويتسع نطاق تأييده بمرور الوقت، حيث ينظر إليه بوصفه قائدًا للتمرد الشبابي والإحباط، وهو يقاتل بصورة خاصة ضد العداء العلماني اليساري، وهاجمته قيادة الحريديم بعد دخوله المسجد الأقصى.
ومنذ ذلك الوقت، بات لديه مزيد من القوة وحوّل شرطة "إسرائيل" إلى عصابة خاصة، كما يقوم بزعزعة وحدة الرسالة العسكرية عندما "يشتري" جنودًا وضباطًا ميدانيين. وقد امتد تأثيره هذا إلى قطاع غزة، حيث ارتكب الجيش الإسرائيلي سلسلة من عمليات الإذلال والسرقة والهدم. ومع اتهام قادة الجيش والدولة بارتكاب جرائم حرب في غزة، بدا من الواضح أن هذه الانتهاكات تحظى بموافقة بن غفير وتشجيعه.
وأكد الكاتب أنه حتى رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي تجند للقول بأنه: "نحن نقاتل استنادًا إلى القانون والمبادئ الواضحة"، مع أن هذا لا ينطبق في غزة حيث تُطبّق نظرية الملك بن غفير في الهدم والقتل دون مراعاة للمبادئ القانونية، بحسب زعمه.