بدايتا لابد ان تكون الثقة بالنفس من ثقة النفس بثقتها بالله تعالى وهذه من دلائل صدق الايمان ,اذ يجتهد العقل في مجاهدة النفس وتربيتها حتي يتقبلها الله تعالى ويزكيها ,فهو خير من زكاها بالنفس المطمئتة ,والثقة تاتي من طبيعة احتياج الانسان والامم بالرعاية والامن والامان ,للنصرة, والرزق واليسر والحفظ ,احتياج تعبر عنه اسماء الله الحسنى ,وصفاته تعالى وربوبيته سبحانه تعالى ,الثقة منبعها صدق الايمان ,لهذا فالمؤمن له نصيب من اسمائه تعالى لا تكون لغير المؤمن مثل اسمه الغفور والمؤمن والشكور ,وصدق ايمان التقوى دليله وجود الثقة بالله ,حيث يعمل بالاسباب ,لكنه ينظر لمسببها ,بدعائه بصفة الحاضر تعالى ,اللهم انت ربي ,لااله الا انت ,لا يكلف الله تعالى الواثق بالله فوق طاقته ,واعدوا لهم ما استطعتم ,فدور الثقة لها الاثر الواضح في حياة الفرد والامة ,وتفسرا للاحوال ,فالانسان مرتبط مع خالقه بميثاق الثقة ,فالاخوة ميثاق ثقة والزواج ميثاق ثقة .............
الثقة مرتكزة على العلم والمعرفة والقدرة وحقيقة الحضور,ومن يملك كل الامر, ومرتكزة على اليقين والاستسلام والتوكل,وكلها مرهونة القبول بالاخلاص ,فالثقة هي دلالة على صدق الايمان والتقوى ,كما القنوط دلالة على الكفروالضلال ,فالثقة لا تتحقق في مفهوم العقل البشري ,في حال ادراك اي خلل اوضعف اونقص او ظن,لهذا كانت معرفة وحضور الاسماء وصفات الله في النفس البشرية طريق الايمان الغيبي بالله تعالى,والمعرفة بحقيقة الاخذ بالاسباب ولايمان الغيبي بمسببها وهو الله تعالى ,ودلالته (اي الايمان) الثقة المطلقة ,ولا يكون هنالك ايمان عندما لا يتجاوز حنجرة الانسان,انما الايمان في القلوب ,التي تدرك حقيقة ولذة الايمان ,تدرك ارادة الله تعالى على الانسان,يعاقبوا بالامراض والكوارث من فساد الانسان عندما يخل بميزان الكون ,فكل شيء موزون ,فامراض الانسان ,عندما تختل نسب المواد الكيماوية والعضوية في اختبار الدم عن ميزان الله لها ,وكلها من براهين الايمان ..............
بلوغ الثقة بالله تعالى من صدق الايمان ,الذي يقوي ويثبت نفس الانسان ,فالثقة بالنفس هي من الثقة بالله تعالى ,لهذا فالثقة لا بد لها من اليقين ,كما في قصة موسى عليه السلام ,عندما ادركه وقومه فرعون وجيشه ,لم يرتعب كما ارتعب قومه ,انما قال كلا ان معي ربي سيهدين ,حيث جاء امر الله بغرق فرعون وجنده,فكان جسد فرعون اية مبصرة ,اية اليقين بالله والثقة بفرجه ..........
من اكبر ظلم الانسان لنفسه,ان ينسب الثقة لنفسه ,اوينسبها لجاه اومال ,لهذا يداول الله تعالى الايام ,فالانسان ضمن احوال متغيره ,بين صحة ومرض ,بين غنى وفقر ,بين فرح وحزن ,ومن اكبر ظلم النفس ,ان تبنى الثقة على الاخرين ,فلا يكون ذلك الا بغياب الثقة بالله تعالى لغياب الايمان الصادق ,فالثقة بالاخرين في قضاء حاجة ما انما هم الاسباب والثقة بمسببها ,فقضاء الحاجة بدايتا التوجه الى الله بدعاء وصلاه ,فيقضيها الله تعالى كيف يشاء ,لهذا كان القنوط من الرحمة وروح الله من الكفر ,وما كان ذلك الا لغياب الايمان وصدقه بالثقة ,الكثيرمن الناس يبيعون ايمانهم ,من اجل امر بسيط ,اذ اذكر قولهم,اذ يقول الفرد منهم , ذهبت الى كل الوجهاء لقضاء حاجتي ,ولم يستجيبوا ,ولم يبقى امامي الا الله,لو يعلموا كم استهان الله بهم ,وكذبوا الوثوق بالله تعالى ,علما ان الكل يقول الله اكبر ,والله هورب العالمين ,وتسبيح الله يعلمو ان الله على كل شيئ قدير,مالك الملك ...............
الله سبحانه وتعالى جعل العقل ومكنه ان يكون الضابط لحياة الانسان ضمن ضوابط الايمان ,من خلال سيطرته على النفس البشرية ,من خلال التحكم بشعورها وغرائزها ,فالانسان على خلاف من الحيوان ,حيث يملك نفس عقلانية ,تجعلها ضمن ميزان الله تعالى ,فحقيقة الثقة وواقعها تجدها عند الحيوان في ابسط اشكالها ,فالحيوان لا يهكل هما على رزقه ,هي حقيقة الثقة ودورها في غزوة حنين ,حيث مالت النفوس لثقة الكثرة ,فكانوا درسا لواقع الثقة على كل حياة الانسان ........
الثقة بالله تعالى تجعل الانسان ضمن السنن الخاصة ,سنن ايمانية للمتوكلين ,سنن ايمانية بامتحان الثقة بالصبر ,في غياب الثقة يكون الانسان ضمن السنن العامة ,اذ يتحكم الواقع المادي قي حياة الانسان ,فتكون الغلبة والسيطرة للقوة المجرده ,هذا يفسر حياة الامة ,ويفسر انتصاراتها مع بداية ظهورها ,اذ لم يكلفها الله تعالى ,الا ما استطاعت من قوة ,انما مكلفين بيقين الثقة بالله تعالى ...............
كما الايمان غيبي فان النفس تغيب عن النظر ,فحقيقة تحقيق الايمان من خلال العقل وصراعه مع النفس ,وعقالها بما يدركه العقل وقدرته على توصله للايمان بالله تعالى وهدايته,فالانسان هو نفس ,قدر الله تعالى عليها العقل لعقالها لضبطها ,في غياب هذا الواجب ,يكون ظلم النفس ................
كل كرامات الانبياء والصالحين من اولياء الله ,واستجابة الدعاء ,وصد القضاء الا الموت ,كان كل ذلك من الثقة بالله التي توصلوا لها , وتوصل النفس البشرية لها ,عندما وثقت انها موثقة الايمان بالله وباسمائه والاخلاص العمل له تعالى لقبولة وحصانته ,غير ذلك تكون الثقة بالنفس ثقة غرور ,يعاني منها الانسان من كل الامراض النفسية ,التي تعاني منها قلوب المنافقين , لهذا لا بد ان يدرك الانسان المعنى الحقيقي للثقة بالنفس,حتى لا تكون تباهي كذب يكرهها الله تعالى,كما فعل قارون ................
الثقة بالنفس بثقتها بالله تعالى , تتطلب الرباط عليها ومجاهدتها الجهاد الاعظم ,وتربيتها ,وبصدق ذلك يهديها الله ويزكيها ,لتكون نفس لوامة ,نفس مطمئنة بثقتها في الدنيا ,وعند لقاء ريها ,الاطمئنان ان الخير من الله وان الشر من النفس ,مطمئنه ان ارادة الله فوق كل ارادة هو النافع الضار ,تمنح الكرامة ,ثقة ينعم بها الانسان ,بالتواصل مع خالقه ,يتوصل بها لمسبب الاسباب بالتقوى ,كرم بها الله تعالى الانسان بغناه عن الاخذ بالاسباب ,فتصبح الاسباب مجرد شكليات ,وكرمه بهداية ليسرالرزق بالصدقات والتقوى حيث الرزق من غير لا يحتسب ,حيث تكون اسباب غير متوقعة,الثقة من عزة الله لاوليائه ,الواثقون هم من يخاطبون الله بصفة الحاضر والمولى ,حقيقة الايمان الغيبي مرتبط مع النفس الغائبة عن الابصار,فكل القيم والخلق والشعورواثارة الغرائز من النفس ,المشاهد منها انعكاسها على تصرفات الانسان ,باقل جهد في عالم توفرت فيه كل سبل المعرفة بالهداية ,فلينظر الانسان والامة الا اين وصلت ,واين كانت ,فالنجاح واستدامة الحضارة وحفظ الكرامة والامن والامان لكل البشرية ,لا يكون ذلك ومن المستحيل ان يتحقق الا عندما يمتزج كل عمل مادي بروح وروح الايمان ...............
اللهم زكي انفسنا بالثقة بك انت اكرم الاكرمين ,وانت وخير من زكاها
د.زيد ابو جسار