ارتكبت إسرائيل جرائم جديدة فجر اليوم الأول من شهر رمضان، أي فجر الاثنين، في قطاع غزة أدت إلى استشهاد وجرح مئات المدنيين الفلسطينيين، في فاتحة دموية لشهر الصيام.
الذين كانوا يتوقعون أن تتوقف إسرائيل عن الذبح بسبب شهر رمضان، مصابين بالسذاجة السياسية، ولا يطالعون التاريخ، خصوصا، ان إسرائيل قتلت على مدى أكثر من سبعين سنة، أعدادا كبيرة من الفلسطينيين خلال شهر رمضان، فلماذا ستراعي في مذابحها حرمة شهر رمضان، وهي التي دمرت خلال الشهور الماضية المساجد على رؤوس الأبرياء، واعتدت على المسجد الأقصى آلاف المرات، واقتحم الجيش الإسرائيلي المسجد وضربوه بالرصاص.
كل القصة ترتبط بالخوف من التجمعات البشرية، وارتفاع العاطفة الدينية، والخوف من انفجار الوضع في القدس، وقد استبقت إسرائيل كل ذلك، بإجراءات عسكرية مشددة في أنحاء الضفة الغربية حيث تم نشر 23 كتيبة بما فيها بالقدس بالمحتلة، وإعاقة دخول مصلين إلى الأقصى لأداء التراويح، ومع كل هذا الاعتداء على المصلين والشباب ليلة الاثنين أي أول ليلة لرمضان، دون أن تأبه بردود الفعل، من حيث المبدأ حيث أن قرارها السياسي استقر على مواصلة القتل، أكثر وأكثر، فلا قيمة للإنسان البريء في نظر هذه الكينونة.
نحن الآن أمام 3 ملفات خطيرة، الأول التهديد بمواصلة الحرب لمدة شهرين كما جاء على لسان رئيس حكومة الاحتلال، والثاني إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي عن النية لعملية برية في رفح، ونقل أهلها ومن فيها إلى غرب القطاع، والثالث مواصلة الاعتداءات على المسجد الأقصى وعسكرة القدس، وهذه عناوين قد تصب في إطار الضغط من أجل اتمام صفقة تبادل أسرى بشروط إسرائيلية، وقد تؤدي من جهة ثانية إلى التذرع برفض الفلسطينيين لهكذا صفقة، بحيث تكون الذريعة هنا سببا لاستمرار العمليات العسكرية، خصوصا، ان إسرائيل لم تنجح الا بتدمير حياة الأبرياء، ولم تعد بأي أسير، ولا بأي اسم مطلوب لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي.
استمرار الحرب في قطاع غزة، يلتقي مع حسابات الفريق الحاكم في إسرائيل، ادراكا منه انه لم يحقق الأهداف المعلنة للحرب، ولأنه يريد جدولة الحساب الداخلي في إسرائيل بحق هذا الفريق، فيما الشروط الإسرائيلية لصفقة تبادل أسرى تؤدي لهدنة مؤقتة، شروط يستحيل قبولها، فهي صفقة خاسرة، لانها لن تؤدي إلى مغادرة إسرائيل للقطاع، ولا عودة النازحين من الجنوب إلى الشمال، ولا بدء الإعمار، ولا وقف العمليات الحربية، ولا السماح بتدفق المساعدات.
حرمة رمضان مهمة، وحرمة الإنسان مهمة أيضا، لكن إسرائيل لن تتوقف عن مذابحها، وربما في حساباتها العميقة مخاوف من توظيف مناخات رمضان بما يؤدي الى انفلات امني كامل في اسرائيل وهذا يعني ان الأيام القليلة المقبلة ستشهد دموية غير مسبوقة داخل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، في محاولة لمنع احتمالات هذا الانفلات الأمني، وهذا قد يؤدي إلى نتائج معاكسة تماما، بما يعني أن الشهر السادس من الحرب سيكون الاصعب بلا شك.
دول العالم لا تبذل أي جهد فاعل لوقف الجريمة، بل للمفارقة تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بالمال والسلاح لقتل الأبرياء، وترسل في الوقت ذاته المساعدات لإطعام الأبرياء، وقد كان الأولى وقف الحرب، بدلا من هذا السلوك المزدوج الذي يعبر عن احراجات سياسية وليس عن أي رأفة أميركية للشعب الفلسطيني وسط هذه المذابح الدموية التي يعيشونها.
3 ملفات خطيرة في الحرب في شهرها السادس ستقودنا إلى كل الاحتمالات.