زاد الاردن الاخباري -
لا يمر شهر رمضان على معظم الأردنيين إلا كسابقه، فالالتزامات المعيشية طوال العام تكون أرهقتهم في ظل ارتفاع كلف المعيشة، ومن ثم يجدون أنفسهم في “الدوامة” نفسها، دخل محدود في مواجهة التزامات مالية واجتماعية تتضخم باستمرار.
وعشية الشهر الفضيل، يجد العديد من أرباب الأسر أنفسهم في مواجهة قوائم مستلزمات طويلة، رغم محاولة العديد من هذه الأسر الاقتصار على الأساسي منها، عدا عن الالتزامات الأساسية الأخرى، بين أقساط وفواتير وغيرها من الالتزامات.
خبراء اقتصاديون يؤكدون أن انخفاض قدرة الأردنيين على الادخار وعشوائية سلوكهم الإنفاقي في بعض الأحيان، تضعهم في دوامة تغطية متطلبات المواسم الاستثنائية ومنها رمضان.
ويؤكد الخبير الاقتصادي د.حسام عايش، أن موازنات الأسر تعاني فجوة كبيرة بين معدل الدخل والإنفاق تقدر بنحو 1000 دينار شهريا، مستندا في ذلك إلى آخر بيانات لدائرة الإحصاءات العامة في هذا الخصوص.
وأوضح، أن الأرقام تبين أن معدل دخل الأسرة الأردنية يقارب 11.512 ألف دينار سنويا مقابل إنفاق يقدر بنحو 12.519 ألف دينار سنويا.
هذا يعني برأي عايش، تراجع القدرة الشرائية والتعرض لمشكلات التكيف مع الوضع الناتج عن ارتفاع التكاليف، وفي مواجهة متطلبات المواسم مثل رمضان والتي تزيد فيها النفقات لأسباب اجتماعية تتعلق بالولائم مثلا، وكذلك زيادة الأسعار الحتمية للعديد من السلع في هذا الشهر.
هذه الحالة تفرض أيضا تراجع الادخار لدى الأردنيين، إذ أظهرت أرقام رسمية صادرة العام الماضي عن البنك المركزي، أن نسبته انخفضت في العام 2022 إلى 4.35 % من 9.35 % العام 2017، مقابل زيادة متطلبات الإنفاق خصوصا على الاحتياجات الأساسية والتي تحتاج انفاقا أكبر بوجود دخل متناقص بالقيمة الشرائية وارتفاع كلف المعيشة.
وفي حالات المواسم الاستثنائية مثل رمضان، يلجأ كثيرون إلى سد هذا العجز عن طريق الاقتراض لتلبية المتطلبات أو التكيف عن طريق تقليل الاستهلاك أو تأجيل بعض الالتزامات مثل، تسديد القروض والفواتير وهو بجميع الأحوال تكيف سلبي يراكم الديون والأعباء وفقا لعايش.
وقال المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة: “إن قدرة الأردنيين على الادخار شديدة التواضع وذلك لأسباب عدة، أهمها النمط الاستهلاكي السائد الذي تغذيه أفكار مجتمعية ضاغطة مثل التباهي والتفاخر والتقليد، وكذلك ضعف الدخول”.
وأشار إلى أنه كما هو معروف أن الأجور ثابتة على تواضعها، ومن الأسباب أيضا، سوء إدارة الدخل والاعتماد على الاقتراض باختلاف مصادره، لذلك ترتفع مديونية الأسر والأفراد.
ووفقا لزوانة، يجعل هذا السلوك المستهلكين يعيشون ضغوط المناسبات المعيشية سواء أكانت شهر رمضان الفضيل أو الأعياد أو دخول الأولاد إلى المدارس أو مواسم استقبال الزوار وغير ذلك.
وهذا يحتم برأيه، قيام الأسر والأفراد على حد سواء بتحسين إدارتهم لميزانياتهم وتغيير أنماطهم الاستهلاكية وعدم ضعفهم أمام ظاهرة التباهي وغيرها، والعودة إلى السلوكيات الأكثر رشدا وعقلانية، خاصة مع الظروف السائدة والمحيطة، سواء بارتفاع الكلف المعيشية وغيرها، ما يخفف الضغوط عليهم.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي فهمي الكتكوت: “إن تبعات تراجع قدرة الأردنيين على الادخار تظهر في أي ظروف استثنائية أو طارئة مثل المرض، وكذلك في المواسم مثل رمضان والأعياد تعززها الالتزامات التي تفرضها العادات والتقاليد المجتمعية”.
وبين، أن المواطنين بالظروف الاعتيادية يعملون على تأمين الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية، كما أن انخفاض قدرتهم على الادخار يحرمهم من المشاركة بالأنشطة الاقتصادية والاستثمار في أي مشاريع مستقبلية، مشيرا إلى أن الحل الأسهل لدى الكثيرين هو اللجوء إلى الاقتراض “مجبرين” لحل هذه المشاكل، لكن الاقتراض ليس حلا لأنه سيضيف مشاكل إضافية نتيجة كلف الاقتراض، ويراكمه من فترة إلى أخرى.
وأكد الكتكوت، أن الحل ليس فرديا، إذ إن المواطن وحده لن يتمكن من إيجاد حل جذري للظروف الاقتصادية، بل يتطلب ذلك وجود سياسات اقتصادية تحقق تنمية اقتصادية وتوجد فرصا اقتصادية فعلية، وتوفر الوظائف وأيضا ترفع مستويات الدخل.
يذكر أن الدراسة المسحية للاشتمال المالي الصادرة عن البنك المركزي عن العام 2022، تشير إلى أن نسبة الأردنيين ” 15 سنة فأكثر” الذين اقترضوا بشكل غير رسمي في العام 2022 تجاوزت 39 %، مقابل نحو 14 % اقترضوا من مصادر رسمية، في حين أن معدل الاقتراض غير الرسمي للأردنيين 15 سنة فأكثر بلغ في العام 2017، نسبة تزيد على 13 %، ومعدل الاقتراض من مصادر رسمية بلغ حوالي 10 %.