سؤال يتكرر طرحه هذه الايام مع ما يشهده المعدن الأصفر من ارتفاعات متواصلة عالمياً تنعكس سريعاً محلياً إلى درجة بتنا نشهد فيها تسعيرتين وربما أكثر خلال اليوم الواحد لنشرة الذهب محلياً وبقفزات غير مسبوقة، حيث وصل سعر اونصة الذهب الخميس الماضي لرقم قياسي (2220 دولارا) وبلغ أعلى سعر لغرام 21 الأكثر طلباً في السوق المحلية نحو 44.50 دينار..فما هي الأسباب؟ والى أين تتجه أسعارالذهب؟ وهل الأفضل حاليا الشراء أم البيع؟ خصوصاً وأن الطلب على الذهب محلياً قد تراجع كثيراً خصوصاً مع تأجيل و/ أو إلغاء كثير من حفلات الزواج وتراجع الطلب حتى في مناسبات مثل «عيد الأم» و»عيد الفطر» وغيرها، بسبب المزاج العام والتأثر بما يتعرض له الأهل في غزة من حرب إجرامية.
قبل الإجابة عن الأسئلة التي طرحتها أعلاه، لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:
- منذ بداية العام 2024 وحتى الآن سجّل الذهب مكاسب تفوق 5 ٪، وارتفاعاً بنسبة 19 ٪ في الأشهر الـ12 الماضية.
-على مدارالـ20 عاماً الماضية زادت قيمة الذهب بنسبة 394 ٪ -بحسب تقارير عالمية -.
- يتوقع المحللون أن تظل أسعار الذهب فوق مستوى الـ2000 دولار خلال العام الحالي 2024 مع استمرار الاندفاع العالمي نحو الذهب.
- تاريخياً يبقى الذهب هو «الملاذ الآمن» لجميع المستثمرين و للراغبين بـ «التحوّط» المضمون.
* لماذا ترتفع أسعارالذهب ؟
- ارتفعت أسعارالذهب مؤخراً ومستمرة في الارتفاع لأسباب عديدة في مقدمتها:
1 - الصين: رغم أن الصين تعتبر أكبر دولة منتجة للذهب في العالم (375 طناً/ عام 2022)، إلا أنها تسببت بارتفاعات أسعار الذهب عالمياً نتيجة الطلب «الكبير» من المستثمرين الصينيين الذين يسعون للتحوط ضد «عدم الاستقرار الاقتصادي المحتمل، خاصة في ضوء أزمة العقارات التجارية في الصين»..كما أن نصف شحنات الذهب في يناير/ كانون الثاني الماضي كانت متجهة إلى هونغ كونغ والبر الرئيسي للصين - بحسب مصادر إعلامية -.
2 - رغم أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي سينمو بنسبة 2.1 ٪ هذا العام، متجاوزا الاقتصادات المتقدمة الأخرى مثل ألمانيا واليابان والمملكة المتحدة، الا أن الدافع الحقيقي وراء صعود الذهب هو التوقعات الأقل تفاؤلاً للعديد من الأسواق غيرالأميركية - بحسب تقرير مجلة فوربس مؤخراً -.
3 - الحروب الإقليمية والاضطرابات الجيوسياسية وفي مقدمتها العدوان على غزة، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية، (بحسب آخر تقرير للبنك الدولي أشار فيه إلى أن توقعات وافتراضات الصراع في الشرق الأوسط من شأنها أن تؤدي إلى زيادة حالة عدم اليقين العالمي، وسيزيد الزخم لأسعار الذهب إذا تصاعد الصراع).
4 - الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، واحتمال تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين إذا عاد دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
5 - زيادة الطلب ومشتريات الذهب القياسية من قبل البنوك المركزية على مستوى العالم (39 طناً في يناير/ كانون الثاني وفقاً لمجلس الذهب العالمي).
6 - التخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الامريكي، والتي» قد تؤثر على عوائد السندات الحكومية الأميركية، مما يجعل أصول الملاذ الآمن الأخرى مثل الذهب أكثر جاذبية».
7 - سعي بعض المستثمرين إلى الحصول على الحماية من مخاطر التضخم الأعلى من المتوقع.
8 - قيام مستثمرين آخرين بتعديل محافظهم الاستثمارية في أعقاب ارتفاع سوق الأسهم.
* الى أين تتجه الأسعار :
- باستعراض أهم مسبّبات ارتفاع أسعار الذهب المذكورة أعلاه، فمن الواضح أنها متجهة نحو الصعود، رغم عدم القدرة على تأكيد ذلك دائماً بالنسبة للذهب لكننا نحلّل المشهد ونتوقع وفقاً للمعطيات والشواهد.
لذلك من ينظر إلى الذهب على أنه «ملاذ آمن» - وهو كذلك - فعليه أن يواصل الشراء ولا ينتظر انخفاضاً للأسعار.
*هل نشتري أم نبيع؟
- لا شك أن الأسعار مناسبة جداً للبيع، لكنها مناسبة للشراء أيضاً خصوصاً وأن الأسعار -كما يبدو- إلى صعود خصوصاً للذين يبحثون عن الملاذ الآمن أو للذين يحرصون على تنويع سلة الاستثمار.
باختصار: يبقى الذهب عبر التاريخ والعصور هو «الملاذ الآمن» للدول والأفراد، وما يجري عالمياً وإقليمياً من متغيرات سياسية واقتصادية تؤدي- بل وتستوجب- «التحوط» من خلال الإقبال على الذهب كأفراد، وكبنوك، و»البنك المركزي».