رسالة كابتن المنتخب الوطني الاردني اللاعب موسى التعمري الى وزير الشباب تحمل كثيرا من الاشارات والرسائل. و جاءت رسالة التعمري، ونشرت في الاعلام بعد مباراة كرة القدم بين منتخبي الاردن وباكستان. وقال التعمري: «نوجه كلاعبين رسالة إلى وزير الشباب بضرورة، من غير المعقول أن يلعب منتخب حصل على وصافة كأس آسيا على ملعب أرضيته غير صالحة».
وأضاف التعمري أن منتخبنا تنتظره مباراة مفصلية مع منتخب طاجكستان لا يجوز أن تكون هكذا أرضية الملعب التي يلعب عليها ويجب الاهتمام، اذ من غير المعقول عدم رش الملعب بالمياه على أقل تقدير.
انتهت رسالة التعمري. و في كأس اسيا حقق المنتخب الاردني معجزة كروية. و اليوم السؤال، كيف نحافظ على معجزتنا الكروية ؟ في رسالة التعمري، ثمة تناقض من الرهان على المعجزة الكروية الاردنية. و اذا لم يتوفر ملعب كرة القدم، واذ لم تزل اسباب الاحباط والمعيقات، واذا لم نفكر في ديمومة المعجزة الكروية.
من اول مباراة لمنتخبنا الوطني بعد كأس اسيا، فقد خرج على الملأ فوائض العجز الحكومي، وانعكاسه على كرة القدم وعوالمها، والمعجزة الكروية الاردنية. وكيف يحدث ذلك ؟ و قد سمعنا توجيهات من مرجعيات عليا في الدولة تدعو الى رعاية وحماية المعجزة الكروية، وتوفير ما يلزم من دعم رياضي وفني ولوجيستي، ومالي. فلماذا لا تستجيب الحكومة ؟ النصر والفوز الرياضي يأتي مرة واحدة صدفة وبفعل قدري وسماوي. و لكن، لكي تبني حلما واملا رياضيا، فلابد من اعداد لاعبين والتدريب وتوفير امكانات ودعم فني ومالي.
و ابسط الاحتياجات والضرورات الكروية توفير ملعب كرة قدم ملائم. و عندما يخسر منتخبنا الوطني مبارة كرة قدم نغضب وننفخر غضبا ؟ و لا نسأل عن السبب والدوافع الموضوعية للخسارة.
و نغضب ايضا عندما يشمت اخرون عرب وغيرهم بخساراتنا او يستهزئون بالاردن عندما يفوز بمباراة كرة قدم.
و لكن الاخوة العرب، عندما سمعوا رسالة التعمري امس الى وزير الشباب يسخرون اكثر من الرياضة الاردنية. الاردن ليس بلدا عابرا وطارئا على الخريطة. نحن بلد ليس قيد التأسيس والولادة، وبلد قيد العمران والتحضر. و عمر الاردن الحضاري والتاريخي من بدايات الخلق والنشأة والتكوين، ومن عمر ادم وحواء. عندما يتسع الاحباط في كرة القدم،
و يخرج الاحباط من داخل المنظومة الرياضية، فلا تأملوا في فوز كروي، ولا تحلموا بان يتأهل منتخبنا الى كأس العالم و يحقق نصرا في بطولات كروية اقليمية وقارية. و لا تعويل على صناعة معجزة رياضية وديمومتها دون تخطيط ودعم، وتوفير بنى تحتية كروية.
و عندما تأهل منتخبنا الوطني في كأس آسيا، فرحنا واخدتنا البهجة الى مدى بعيد، وجرت تعبئة اعلامية احتفالا في الانجاز الكروي الكبير.
و اسبغت على لاعبي المنتخب اوصافا وضعتهم في مكانة خاصة بالقياس على اجيال سبقتهم، وعجزت عن مثل هذا الانجاز الكروي.
هذا طبيعي، ولكن سقف الرهانات مجنون وغير طبيعي.. فالمنتخب كيف يحمي ديمومة معجزته الكروية دون توفير ابسط ظروف وشروط الدعم الرياضي. لاعبو منتخب الاردن يشقون طريقهم الى النجومية العالمية، وهم اليوم قامات واسماء رياضية يعتد بها في فرق دولية.. موسى التعمري في فرنسا ويزن نعيمات في قطر، ولاعبون اخرون انضموا الى فرق مشهورة.
المنظومة الرياضية الاردنية عليلة ومريضة.. ورسالة التعمري حملت انقلابا عكسيا من المدح المبالغ الى القدح المفرط. و رسالة التعمري اتسع مداها الى الغضب العارم الاردني من ملفات حكومية كثيرة، ويتراكم بها الاحباط والعجز، من ملفات السياسة والاقتصاد، والتنمية.
وتلك اخطر رسائل الاحباط عندما تبعث من صناع معجزات.