زاد الاردن الاخباري -
بسام بدارين - لا يمكن قراءة التصريح الأخير لوزير الخارجية الأردني ناصر جودة بخصوص الإستعداد للمساعدة في حالة نزوح المزيد من المهاجرين السوريين جنوبا إلا بإعتباره موافقة مبدئية من عمان على إقامة منطقة عازلة مخصصة لإستقبال موجات بشرية سورية إذا ما دخل سيناريو الإضطراب إلى الدولة الجارة الأهم للأردنيين.
وفي الواقع لم تقل عمان رسميا وبوضوح أنها مستعدة لذلك لكن تصريحات جودة بالخصوص لم تكن مفصلة فقط على مستوى زيارة أحمد أوغلو وزير الخارجية التركي الذي زار العاصمة الأردنية مؤخرا لتفقد موقفها وفي الطريق الإطمئنان على المصالح التركية الإقتصادية والسياسية في الجانب الأردني.
وبعد توقف أوغلو في المحطة الأردنية وإطلاقه منها تصريحات محذرة وبحثه التعاون مستقبلا في حالة الطوارىء على صعيد اللاجئين يمكن رصد السيناريو العربي الذي تقترحه المجموعة الناشطة في الجامعة العربية بمشاركة الأردن على القيادة السورية وهو سيناريو يضع الرئيس بشار الأسد بين خيارين لا ثالث لهما خارطة طريق للإصلاح الداخلي في بلاده أو التدخل الأجنبي.
ورغم ان ثوب الأردن قد يطاله الشرار في حال إندلاع الحريق الأكبر في سورية على طريقة السيناريو الليبي إلا أن عمان تبدو مستعدة لكل الإحتمالات فمسؤولوها يقولون في الغرف المغلقة بأن الأردن ليس الطرف صاحب القرار في المسألة السورية وفي أحد الإجتماعات قال مسؤول كبير: هناك طرفان يحددان مصير الوضع العام في سورية.. الرئيس الأسد نفسه والمجتمع الدولي الذي يبدو متحفزا لحسم الملف السوري بعد إغلاق الليبي.
وداخل غرف القرار الأردنية يصر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شخصيا على توصية كبار مسؤوليه بالإنتباه جيدا لما يحصل في سورية ولا زالت قناعة عمان مترسخة بأن النظام السوري هو الأقوى وليس من السهل إضعافه في سورية وبالتالي تتطلب المصلحة الأردنية المراقبة فقط والإستعداد لكل الإحتمالات.
وهذا ما تفعله عمان الرسمية فعلا فهي لوجستيا وضعت خطة كاملة لإستيعاب الأحوال الطارئة على حدودها الشمالية مع سورية وخصوصا في حال تدفق لاجئين بعشرات الالاف من محافظة درعا ومحيطها ومن الواضح أنه ثمة أموال جاهزة لهذا الأمر عبر مؤسسات دولية وإقليمية وثمة 'خطة أمنية' داخلية تقلب الخيارات فيما يختص بسورية.
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن المنطقة العازلة تحت العنوان الإنساني أصبحت تحصيل حاصل لكن توصيات القصر الملكي لجميع المسؤولين التنفيذيين تفيد بوضوح بألمراقبة والحذر الشديد وتجنب التورط بأي إجراء حدودي حكومي أو أمني يمكن ان يثير إرتياب الحكومة السورية، فيما إعتبرت دوائر عمان خطوة زرع الألغام بالقرب من الحدود الأردنية مبالغا فيها وعدائية قليلا وتأسس على نوايا سيئة في الأردن فالمسألة التي تبدو عمان أكثر حرصا عليها هي عدم التورط بأي برنامج تصعيدي ضد النظام السوري أو عدم التدخل قدر الإمكان.
لذلك حافظ القصر الملكي الأردني على قنوات إتصال وتواصل مع نظام بشار بين الحين والأخر فأرسل بعض المبعوثين وإستقبل بعضهم الأخر والسفير السوري في عمان الجنرال بهجت سليمان يتلقى تطمينات خصوصا وان جبهة أردنية داخلية نشطة تضم سياسيين ومحامين كبار تقوم بجهد واضح للتضامن مع النظام السوري تحت عنوان المؤامرة التي تتعرض لها سورية.
والرمز الأبرز في هذه الجبهة وزير العدل الأسبق حسين مجلي أرسل قبل يومين رسالة مباشرة للرئيس السوري مضمونها أن أي إعتداء على دمشق هو في الواقع إعتداء على عمان وفي الوقت الذي وصلت فيه رسالة مجلي للقصر الجمهوري السوري يعتقد على نطاق واسع بأن الجهة المرسل إليها هي في الواقع دوائر القرار الأردني.
القدس العربي