من المقرر أن يتم اليوم السبت دخول مشروع الخط الكهربائي «الأردني -العراقي» الخدمة (التشغيل الرسمي) كما أعلن ذلك وزير الكهرباء العراقي، حيث يعدّ تشغيل الخط اليوم إعلانا عن البدء بقطف ثمار أول مشروع تكامل اقتصادي ملموس على الأرض بين الأردن والعراق ضمن منظومة المشاريع الاقتصادية التكاملية بين الأردن والعراق ومصر، أقول (مشروع ذو أثر ملموس) وإلاّ فإنّ مشروع المنطقة الاقتصادية الأردنية العراقية أيضا هو مشروع قائم على الأرض لكنّه يحتاج الى سنوات كي يبدأ التشغيل به ويتحول الى واقع ملموس.
مثل هذه المشاريع الكبرى تحتاج عادة الى وقت وتعترضها معوقات فنية ومالية ولوجستية، ولكن الأهم أنها في نهاية المطاف، ومع المتابعة الحثيثة والارادة السياسية العليا للقيادة في الاردن والعراق تتحول الى واقع ملموس.
مشروع الربط الكهربائي بين الأردن والعراق قبل انطلاقته اليوم، مرّ بعدة مراحل نسردها سريعا على النحو التالي:
- في ديسمبر/ كانون الاول 2018 تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين بهدف التعاون في مجال الكهرباء وانشاء شبكة كهربائية متزامنة بين البلدين الشقيقين.
- في سبتمبر 2020 تم توقيع عقد بيع الطاقة الكهربائية بين شركة الكهرباء الوطنية والشركة العامة لنقل الطاقة /المنطقة الوسطى لتزويد الجانب العراقي بقدرة كهربائية تتراوح بين 150 و200 ميغاواط.
- في 6 أكتوبر/تشرين الأول(2022) دخل مشروع الربط الكهربائي بين الأردن والعراق حيّز التنفيذ مع وضع حجرالأساس للمشروع، وأعطى رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة ورئيس الوزراء العراقي آنذاك مصطفى الكاظمي، إشارة البدء في تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين البلدين.
- في11 فبراير/شباط 2024، وقّع العراق والأردن في العاصمة عمان، وثيقة لتزويد الجانب العراقي بالطاقة الكهربائية بقدرة 40 ميغاواط في المرحلة الأولى، إذ عدَّ الطرفان العقد بأنه جزء من خطة عربية أشمل للسوق العربية المشتركة للطاقة مستقبلًا.
- بعد تأجيلات لمدة 8 أشهر، تدخل المرحلة الأولى من الربط الكهربائي بين الأردن والعراق حيّز الخدمة اليوم السبت 30 مارس/آذار 2024.
أهمية هذا المشروع بالنسبة للعراق: أنه يؤمّن لها احتياجاتها من الطاقة الكهربائية صيفا وشتاء، فعلى الرغم من أن العراق دولة نفطية الا أنه لا ينتج سوى 26 ألف ميغاواط، بينما تبلغ حاجة العراق الى الكهرباء نحو 35 الف ميغاواط، إضافةً الى أن تجهيز قضاء الرطبة، في محافظة الأنبار، والقريبة من الحدود الأردنية، بالطاقة الكهربائية يأتي بعد معاناة دامت 10 سنوات لم ينعم خلالها السكان بالكهرباء الوطنية بعد تخريبها من قبل عصابات الإرهاب، إثر اجتياح المحافظة عام 2014 - بحسب تصريحات وزير الكهرباء العراقي- أي أن هذا المشروع سينهي معاناة المواطنين من أبناء الرطبة في محافظة الأنبا، بعد انقطاع الكهرباء منذ سنوات طويلة.
أما بالنسبة للاردن فالمشروع ستكون له آثاره الفنية والاقتصادية الايجابية للشبكة المحلية وللنظام الكهربائي عموما، وبما يعزّز فرص استثمار «الفائض» وتحقيق ايرادات اضافية تدعم بها الحكومة خزينة الدولة.
أمّا عن أبرز التفاصيل الفنية للمشروع فهي تتلخص- وفق ما تم الإعلان عنه - على النحو التالي:
- طول خط الربط الكهربائي يبلغ 330 كم، داخل الأراضي العراقية + 6 كم داخل الأراضي الأردنية بجهد 132 كيلو فولت.
- مقدار الطاقة المجهّزة عبر الخط الناقل ستكون في المرحلة الأولى بحدود 40 ميغاواط.
- المرحلة الثانية تبلغ 150 ميغاواط بعد اكتمال الخط لغاية محطة القائم، على أن تصل النتائج إلى 500 ميغاواط، مستقبلا، لتغذية أجزاء كبيرة من محافظة الأنبار غربي البلاد.
باختصار: نبارك انطلاقة هذا المشروع الهام، والذي يعوّل عليه ليكون جزءا من خطة عربية أشمل للسوق العربية المشتركة للطاقة مستقبلا.. ويشكّل أيضا ثمرة من ثمار التكامل الاقتصادي بين الأردن والعراق ومصر، حيث تؤكد انطلاقة المشروع اليوم جدّية المشاريع الكبرى بين هذه الدول، وأن هذه المشاريع مهما واجهت من تحديات ومعوقات لكنها في نهاية المطاف وبارادة وتوجيهات القيادة السياسية ومتابعة الحكومات والجهات المعنية ستتحول الى واقع ملموس ينعكس على الشعوب برفع معدلات النمو وخلق مزيد من الوظائف ورفع سوية الخدمات المقدمة.