زاد الاردن الاخباري -
على خطين متوازيين، تعمل الدولة الأردنية على مواجهة خطر المخدرات، وتشن حربها على مهربيها، وتجارها، ومتعاطيها، كما يحدث مع حرس الحدود من القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، الذي يحصن حدود المملكة من خطر آفة المخدرات، بجهود المؤسسات الأمنية المتكاتفة لمنع انتشارها
في عام 2023، خسرت أسرة أردنية ابنها العشريني بسبب "جرعة مخدرات زائدة"، مما أدى إلى وفاته، وفقًا لسجلات الطب الشرعي.
وكشف مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العقيد حسان القضاة في تصريحات سابقة عن تورط 35 ألف شخص من كلا الجنسين في 23 ألف قضية متعلقة بالمخدرات. ومن بين هذه الأرقام، تم ضبط أكثر من 13 ألف شخص من كلا الجنسين في قضايا الاتجار أو ترويج المخدرات.
وأكد رئيس التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات في الأردن، اللواء المتقاعد طايل المجالي، أن الأردن يواجه حربًا حقيقية على المخدرات، وأصبح هناك بعد سياسي في مسألة المخدرات والتهريب، ليس موضوعًا يقوم به أشخاص بتقوم بها، بل وراءها جهات رسمية قريبة من الأراضي الأردنية.
وزاد المجالي: "كم شهيد من القوات المسلحة الأردنية استشهدوا خلال التصدي المخدرات. حيث بلغت مضبوطات حبوب الكبتاجون 90 مليون حبة خلال التحقيقات، كاتما مسيرها للخليج العربي. نحن قد حققنا الحماية لنا ولدول عربية مجاورة للأردن".
ولفت إلى أن التشريع قد أسعف أهل المتعاطي في حال تقديم طلب للعلاج والمساعدة من تلقاء نفسهم، دون عقوبة أو قيد، ويعالج بمنتهى السرية، قائلا: يجب أن يحققوا الحماية لأبنائهم في المقابل، نحن ننقذ أرواحًا ونحمي أبناءنا من المخدرات.
وتابع "حتى نكون واضحين، لن نضع رؤوسنا في الرمل. نشعر أن لدينا مشكلة في التعاطي. وإذا لم يتعاون الجميع في مكافحة المخدرات، ستكون النتيجة سلبية".
أمهات أمام تورط الأبناء بالادمان
لعل أصعب المواقف عندما ترى "الأم تتضرع لله أن يموت ابنها المدمن، التي تخشى على بناتها منه".
وقال المجالي "خلال عملي الشرطي ومقابلة عدد من مهربين المخدرات خلال التحقيقات كان يرددون ذات العبارة (..) مال الحرام لايدوم"، بحسب تعبيره.
وكشف عن واقعة حدثت خلال توليه إدارة مكافحة المخدرات، حيث فقد تاجر المخدرات أحد نجليه، الذي كان يدرس في كلية الحقوق، وقتل بالرصاص على يد نجله الآخر، الذي يعاني من مرض نفسي. وبعد عدة سنوات، توفي تاجر المخدرات خلال فترة إمضاء العقوبة في السجن.
أمام أمهات خذلن من أبنائهن المدمنين، فإنهن يلجأن إلى الدعاء عليهم، ويقمن بمتابعة قضاياهم في أروقة الإدارة. من المؤلم أن تسمع أمًا تقول "لقد تخلصنا من الولد بسبب معاناته المستمرة، فليموت ويرتاح"، بحسب المجالي.
وأشار رئيس المركز الوطني لتأهيل المدمنين السابق، جمال عناني، إلى معاناة بعض المدمنين الذين خضعوا للعلاج وتماثلوا للشفاء من إدمان المخدرات، إلا أن العديد منهم لم يدركوا أثرًا وجعًا في نفوس من كانوا يتلقون منهم الرعاية الطبية والصحية.
وُلد رضيع يعاني من أعراض انسحابية شديدة نتيجة إدمان والدته العشرينية، مادة الهيروين، شُخص بـ"تكريزة هيروين"، بحسب عناني.
وكاد الرضيع أن يفقد حياته بسبب "التكريزة"، مشيرًا إلى أن الأطفال من والدات ادمن قد يفارقون الحياة إذا لم يتم معالجة "التكريزة"، أي الأعراض الانسحابية، الجسدية والنفسية، التي تظهر على الطفل بسبب تعاطي الأم. وفي حالة الرضيع، تم علاجه بالشكل الصحيح منذ ولادته، مما أنقذه من الموت.
وبين العناني أن الأم التي أدمنت مدمنة على الهيروين أو أي من المواد المخدرة، وعادة ما تلد طفلًا صغير الحجم ومصابًا بأعراض انسحابية شديدة من المادة المخدرة التي تدمنها والدته، بحسب ما أوضحه الدكتور عناني، حيث يكون الطفل بحاجة إلى علاج للأعراض الانسحابية للمادة المخدرة.
واستذكر أيضًا حالة لزوجين خلال فترة عمله كرئيس للمركز، خلال 2001 وحتى 2019، وصفها بأنها مؤلمة جدًا، حيث قال: "خلال فترة عملي في المركز، تمت معالجة زوجين من المدمنين على الكحول، حيث كان الرجل مدمنًا على المشروبات الكحولية، وقرر الزواج من فتاة دون أن يبلغها عن إدمانه على الكحول. إلا أنه سعى لإقناعها بذلك، مستخدمًا التعبير: "جربي بننبسط انا واياك".
وأضاف عناني أن الزوجة تناولت الكحول في المرة الأولى، ومع إصرار الزوج قبلت الزوجة تناوله.
وفقًا لعناني، رفض كلا الزوجين المدمنين العلاج، وكانت الزوجة تؤكد أنها قادرة على التوقف عن شرب المشروبات الكحولية في أي وقت تريد.
وخلال فترة زواجهما، حملت الزوجة خلال هذه الفترة، وأنجبت طفلًا رضيعًا مصابًا بتشوهات متعددة في القلب والوجه والجسم، تم تشخيصه بمتلازمة "فاس" Fetal Alcohol Syndrome بسبب استخدام مشروبات كحولية.
بروتوكولات العلاجوأكد العناني أن الأردن خصص بروتوكولات علاجية لمدمني المخدرات، حيث يتم العلاج بسرية تامة وفقًا لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وبشكل مجاني لكلا الجنسين. وذلك من خلال تخصيص وزارة الصحة 10 أسر للإناث في المركز الوطني لتأهيل المدمنين، إذا رغبن بالعلاج.
وأوضح العناني أنه إذا كان أحد الوالدين مدمنًا، فإن احتمالية أن يصبح الابن أو الابنة مدمنًا تصل إلى 25%، وإذا كان كلا الزوجين مدمنين فإن هذه الاحتمالية ترتفع إلى 50%.
وشدد عنان الفتيات المقبلات على الزواج أو المتزوجات حديثًا على ضرورة توخي الحذر من وقوعهن ضحية لإغراءات العريس أو الزوج بحجة حبه لهن. وقال العناني للسيدات المتزوجات الجدد والأمهات الجدد: "إذا عُرض عليكن تناول أي مخدر أو كحول أو مواد تؤثر على العقل، فلا تقبلوها.
وحذر العناني الفتيات المقبلات على الزواج من ضرورة التأكد من عدم تعاطي الشخص الذي يقدم لهن خطبته من تعاطي الحشيش أو المخدرات أو إدمان الكحول أو أي مواد تؤثر على العقل، مما قد يتسبب في مشاكل للزوجة ويؤدي إلى تكوُّن الشك المرضي أو حتى إلى الإصابة بمشاكل عقلية قد تؤذي المصاب وعائلته.
واعتبر العناني أن خجل الفتاة من الإدمان وخوف عائلتها والوصمة الاجتماعية يمكن أن يمنعها من مراجعة المراكز المخصصة لمعالجة الإدمان، لذلك نصح كل مدمن ومدمنة بمراجعة المراكز المتخصصة الحكومية للعلاج، حيث يتم العلاج وفقًا للبروتوكول المعتمد وفترة بقاء المدمن قيد العلاج في المركز حتى يتعافى من الإدمان.
وأشار العناني إلى أن جميع المؤثرات العقلية مثل الحشيش، الهيروين، والكوكايين، وجوكر وكريستال، والكحول، والمواد الطبية المسكنة، ومضادات القلق، والمنومات وغيرها، جميعها تسبب الإدمان وتعرض المدمن وعائلته والمجتمع لمشاكل.
وفي سياق متصل، قامت مديرية الأمن العام في آذار/ مارس بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للوقاية من آفة المخدرات للأعوام (2024-2026) في مبنى المديرية، بحضور ممثلين عن عدد من المنظمات الإقليمية والدولية، والمعنيين من الوزارات والدوائر الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، والأجهزة العسكرية. رؤيا