لقد تجاوز الأردن ولله الحمد مرحلة صعبة في الشهور القليلة الماضية، ومر في منعطفات كاد الأردنيين أن ينزلقوا لوضع لا تحمد عقباه لولا حكمة الهاشميين وتدخلهم بالوقت السليم، وذلك عندما صدر الأمر الملكي بتشكيل حكومة جديدة. كثيراً ما نحاول أن نتجنب الحديث عن تلك المرحلة التي شاع فيها مصطلح البلطجة على حد التعبير العام، ومما لا شك فيه أن هذا المصطلح غير موجود بقاموس الأردنيين ولا يندرج تحت عاداتهم وتقاليدهم ولا يعتبر من شيمهم العربية الأصيلة.
لعلي هنا أكون أكثر تفاؤلا أثناء الحديث عن المرحلة القادمة، والتي نتمنى أن تكون أفضل حالا من تلك التي سبقتها. ولا يمكن للمرحلة القادمة أن تكون أفضل حالاً إلا من خلال عدة أمور لا بد للمواطن والحكومة على حد سواء من إدراكها، والعمل على تحقيقها ،وأهمها ما يتعلق بالنقد الصادر من الشعب, فكما هو معلوم لدى الجميع بان مرحلة الإصلاح ليست بالسهلة وتحتاج إلى كثير من الجهود، لكن وبالمقابل ما أسهل أن أكون ناقداً، فما من حكومة تأتي إلا وكان من المفروض أن يكون هدفها الأول البناء والتطوير، علما بان التطوير لا يأتي إلا من خلال العمل الجماعي المشترك بين الحكومة والمواطن. لكن ومن خلال متابعة الأحداث التي تجري لا نرى سوى النقد المجرد من الحلول، وترك مسؤولية البناء والتطوير.
ما هو مطلوب حالياً أهم من النقد عند الأردنيين بكافة شرائحهم ، ولا اقلل من قيمة كلمة النقد عند القول ما أسهل أن أكون ناقداً، لكن أي نقد هذا الذي نريده وما هي الغاية منه. النقد الحقيقي هو النقد البنّاء الذي يهدف إلى الإصلاح والتطوير من أجل الارتقاء بالعمل المؤسسي المنظم, وتقع هذه المهمة على عاتق نواب الأمة بالدرجة الأولى، ومن ثم أي شخص يتلمس أو يتابع عن كثب مجريات الأمور أو يعيش تجربة ما، ويمكن تقديم هذا النوع من النقد من خلال النصيحة المتلثمة بمقال صحفي أو نقطة نظام من قبل نائب على سبيل المثال، لكن الأهم عند توجيه النصيحة أن لا ترسل جبلاً فتصل إلى مرحلة النقد اللاذع، ولا ترسل جدلاً فنفرض على الموقف إبراز العضلات والتحدي والدخول بنقاش البيضة والدجاجة ومن أتى منهما أولاً.
حتى تتم هذه العملية أيضا لا بد من أن تشرع الحكومة بالنزول للشارع والاستماع إلى الناس ومعايشة همومهم وتفقد جميع المؤسسات الفرعية التابعة لوزاراتهم، وتفقد المشاريع على أرض الميدان كل على حسب عمله، والاجتهاد من أجل بناء الثقة بينها وبين الناس، عندها لن يحتاج المواطن إلى مراجعة الوزير في مكتبه، بعد ذلك، ستجد الحكومة ودونما قصد بان أبوابها مفتوحة بناءً على مبدأ سياسة الباب المفتوح. حمى الله الأردن مليكاً ووطناً وشعباً، والله من وراء القصد.
د. احمد فايز الزعبي