ان الدور الكبير للاحزاب الوطنية هو تعميق الثقافة الوطنية وبناء المجتمع ، بل ان تنخرط هذه الاحزاب في الفعل اليومي بشكل جدي وفعّال في كل ما يهم الوطن والمواطن ، خاصة ان منسوب الوعي في المجتمع الاردني اصبح مستوى متقدم علميا وثقافيا ، وعليه يجب على الاحزاب استثمار هذه الميزات للمواطن الاردني لايجاد تفاعل حقيقي مع كل الاحداث الداخلية او الخارجية.
وقد ظهر دور الاحزاب الاردنية محدودا في مجال تنشيط الرأي العام، وانها لم تصل بعد الى ان تكون حلقة الوصل بين الحكومة والمواطن في جميع القضايا بل انها لم تمارس الثقافة الحزبية حتى تكون رديفا للثقافة الوطنية وتستقطب الافراد لجعلهم اكثر فكرا وثفافة وتطورا.
نلاحظ ان بعض النقابات المهنية تستولي على دور الاحزاب ، بل ان الاحزاب افسحت المجال لظاهرة الصالونات السياسية للانتشار هنا وهناك نتيجة غياب العمل الحزبي الفعال ، وخاصة ان الديمقراطية والتعددية الحزبية تتيحان المجال واسعا امام الاحزاب لطرح افكارهم وبرامجهم واقتراحاتهم في كل قضية تهم المجتمع وتساهم في صنع القرار ، بالرغم من اعطاء الاحزاب الحق في استخدام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وخاصة الصحافة الحزبية للتواصل مع الجماهير . كما ان ازمة الاحزاب الاردنية هي ضعف وانحسار قاعدتها الشعبية وانها حاليا تستند في نشاطاتها على النخب في المجتمع .
اذا بحثنا عن رهبة المجتمع من فكرة الحزبية فاننا نلاحظ كيف ينصرف الناس لانشغالهم بظروف المعيشة الصعبة وعدم قناعتهم بالانضمام للاحزاب السياسية ، ناهيك عن سيادة الافكار والعلاقات العشائرية والمناطقية ، مما اعطى العشيرة الدور المحوري في المجتمع الاردني.
بعض الاحزاب الاردنية تطالب بتعديل قانون الانتخابات؛ بأن تتم الانتخابات ضمن قوائم حزبية على قاعدة التمثيل النسبي ؛ لأن هذه الاحزاب تؤمن ان قانون الصوت الواحد يتعارض مع تكريس النهج الديمقراطي وتنشيط الحياة السياسية والحزبية في الاردن.
ان عملية الاصلاح الشامل لابد له ان يمر عبر العمل الحزبي وان تشارك الاحزاب الوطنية في هذا الاصلاح. وهذا هو التحدي الحقيقي للعمل الحزبي وركيزة اساسية للتنمية الحزبية واستقطاب الجماهير نحو الانتماء الوطني . لو ان قانون الصوت الواحد يتيح للمواطن ان ينتخب شخصا في الرمثا او العقبة او عمان او أي مدينة في الاردن فان ذلك من شأنه اخراج مجلس منتخب يضم الحزبيين وجميع الاطياف السياسية ويفرز نواب وطن.
لاشك ان الاحزاب وتياراتها تتوزع على عدة اتجاهات منها الوسطية والقومية واليسارية والاتجاه الاسلامي ؛ الا انها غير مؤثرة في الحياة السياسية والبرلمانية ، وترجح الاسباب اما للتشريعات أو نظرة المجتمع للاحزاب أو اسباب تتعلق بالاحزاب نفسها من حيث التنظيم والبرامج واستقطاب الجماهير. ولو ان هذه الاحزاب تتوحد في حزبين كبيرين او حتى ثلاثة ، سيكون لها التأثير الاكبر في الحياة السياسية والبرلمانية ، وتسهم في الاصلاحات على كافة الصعد بما فيها اعادة النظر بقانوني الاحزاب والانتخاب.
الكاتب / بسـام العـوران
e-mail: Bassam_Oran@hotmail.com