لقد دخل العالم في ضبابية سياسية وإقتصادية ،فتشكلت أقطاب جديدة حيث يتوقع ان يصل أعضاء بريكس الى 47 دولة في حالة قبول 37 طلبا إضافيا من هذه الدول للإنضمام لهذه المجموعة، في ظل شبح الركود الإقتصادي العالمي،وهو أقرب لوصفه بالركود التضخمي،فلم يتم السيطرة على التضخم واستهداف 2% ،مع إرتفاع الفائدة على الدولار 5.5% ,والتي أعاقت نسب النمو العالمي،ومع إزدياد التوترات الجيوسياسية التي أثرت على سلاسل الإمداد وطريقة التعاون الدولي والتكامل التجاري خصوصا بين الدول المتقدمة ودول الإقتصادات الناشئة، وارتفاع النفط فوق 86 دولار للبرميل الواحد,وارتفاع اسعار الذهب لأرقام قياسية 2278 دولارا للأونصة حيث اصبح التفكير فيه كتحوط للضبابية القادمة،وتكلفة التغيرات المناخية كل عام بنسبة 5% من الناتج المحلي لكل دولة،وفقدان الأمن الغذائي، وزيادة المديونية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي تقترب من 35 ترليون دولار والتي تزيد على 10% من المديونية العالمية.
أما بالنسبة للوضع في الأردن لن يؤثر علينا ضبابية الإقتصاد العالمي في هذه الفترة خلال 2024 ,فلدينا إحتياطات من العملات الأجنبية ما يزيد عن 18 مليار دولار،ومن إحتياطات الذهب من الأونصات والتي سنستفيد من إرتفاع اسعار الذهب بزيادة قيمتها،لكننا بحاجة لعمل أكثر احترافية للعام القادم 2025
فالإقتصاد الأردني لديه مرونه قابل لإمتصاص الصدمات العالمية ،فقد مر علينا ظروفا صعبة في السابق واستطعنا تجاوز جميع تلك الظروف وما رافقها من عقبات.
ونحن مقبلون على استحقاقات قادمة من انتخابات نيابية وحكومة جديدة،نأمل أن يصل للبرلمان الأشخاص المحنكين ذوي الخبرة الإقتصادية والتكنوقراطيين الذين يقدمون الحلول القابلة للتطبيق على أرض الواقع بالتعاون مع الحكومة القادمة، آخذين بعين الاعتبار المتغيرات السياسية والإقتصادية الدولية،ونأمل أيضا بحكومة قادمة قادرة على وضع الحلول الجذرية للأمن الغذائي والطاقة والمياه وإستدامة الموارد ضمن حوكمة فاعلة ،لزيادة الصادرات لتتجاوز 9 مليار دينار ،وتخفيض الواردات عن 18 مليار دينار ، وإستقطاب الإستثمارات بالشكل الصحيح ، والإستفادة من الثورة الصناعية الخامسة القادمة الينا لخدمة إقتصادنا ومحاربة الفقر والبطالة ، وسداد الدين الذي اقترب من 60 مليار دولار، حيث يوجد لدينا خارطة طريق رسمها جلالة الملك برؤية التحديث الإقتصادي والإداري،فهما بأمس الحاجة لمن يفكر خارج الصندوق عند التطبيق، وسأتحدث في هذه المقالة عن التحديث الإداري وسأقدم ثلاثة مقترحات إستراتيجية للتحديث الإداري:
أولا:دمج ثلاث وزارات تتعلق بالإقتصاد بوزارة واحدة تحت مسمى وزارة الاقتصاد الشامل وتتضمن وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة ووزارة الإستثمار فهذا الدمج سيسرع بتنفيذ رؤية التحديث الإقتصادي وزيادة النمو الإقتصادي، حيث سيكون هناك تنسيقا حقيقيا بين المختصين في الوزارة الجديدة وتنفيذا فعليا للبرامج ،بعيدا عن تشكيل اللجان التي عهدناها سابقا ووضع كل وزارة من هذه الوزارات الثلاث استراتيجياتها على الورق بدون تنفيذ ، إضافة الى تحويل الوفر في عملية الدمج للمشاريع الرأسمالية ودعم الصناعة المحلية.
ثانيا: دمج ثلاث وزارات أخرى تحت مسمى وزارة الإمن الغذائي والتغير المناخي،وهذه الوزارات هي وزارة الزراعة ووزارة المياه والري ووزارة البيئة،فهذا الدمج سيقودنا حتما لحماية أمننا الغذائي للفترة القادمة لأن المتغيرات الحالية تختلف عن ما كنا نخطط له سابقا.
ثالثا: استحداث وزارة جديدة تحت مسمى وزارة الذكاء الإصطناعي والريادة فهذه الوزارة هي التي ستقدم لنا شركات أردنية جديدة تستطيع أن تنعش الإقتصاد الأردني على شاكلة الشركات التكنولوجية الأمريكية.
فهذا هو التحديث الإداري الحقيقي الذي سيسهل علينا تطبيق رؤية التحديث الإقتصادي على أرض الواقع.
وفي المقالة القادمة ساوضح آليات تطبيق محركات رؤية التحديث الإقتصادي بعد توحيد الجهود الفنية والإدارية لإختصاصات كل محرك.
فالأردن لديه الكوادر المؤهلة للمرحلة القادمة والتي ستحدث النقلة النوعية في حياة المواطن.
الخبير والمحلل الإستراتيجي
المهندس مهند عباس حدادين
mhaddadin@jobkins.com