أجهل دائما ترتيبات القدر التي تجعلك تكتشف فجأة دون سابق إنذار كم أنك شخص شرير وبلا ملامح بالإضافة إلى كونك محراكاً للشر و مانعاً للخير دائما !!
هذا الشعور أو هذا الاكتشاف الذي يدفعك فجأة لأن تكره نفسك وتكيل عليها الكثير من الاتهامات الاتهامات ، فتغضب كثيراً وتضغط على شفتكَ السفلة ، وتضرب الحائط بقبضة يدك بقوة ، وتشتم يوم ميلادك الكئيب ، وتلقي باللوم على ذلك النبض الذي ما زال يقرع بداخلك ويبث مزيداً من الخراب ، وتركل بقدمكَ تلك الأشياء التي قد تجمعت أمامك لتسمع بعدها صوتاً لأواني تتحطم لا تعطي لها أدنى اهتمام وتواصل مسيرك ، لكنك تشعر بأن ثمة خَدراً غريبا يتسلل إلى قدمك !!
تلك الأشياء التي تدفعك إلى أن تحزن على جهد أمك الطيبة طيلة فترة مكوثك الهانئ في رحمها الدافئ كي تراك ! وتشعر بالغيظ اتجاه تلك الممرضة التي \"وشت بك\" عند خروجها من غرفة الولاة وصاحت أمام الحضور الذين كانوا ينتظرونك في الخارج .. \" مبروك ولد \"! (ميلة)! ..لتنطلق بعدها الزغاريد والتبريكات وتبادل القبلات بين أولئك الأقارب المنتظرين بعد أن زال عنهم التوتر الثقيل بسبب مجيئك أنتَ ! وتسيل الدموع من عيني والدك فرحاً بقدومك والذي حضر إلى المستشفى متأخراً بعدما ورده اتصال من أحدهم يعلمه أنك على وشك الوصول ويخرج من جيبه كل ما يدخر من نقود يدسها في يد تلك الممرضة صاحبة الخبر السار من دون أن يلقي بالاً إلى أنه من المحتمل أن تتبدل فرحته هذه إلى هم عظيم عندما يعلم انك ستصبح يوماً إنساناً لا تحفل بتصرفاتك ولا بمشاعر الآخرين !!
ماذا لو علم والدك أنك ستكون يغيظا إلى هذا الحد ؟ هل كان سيبكي حينها فرحاً أم أنها دموع الخيبة التي تلقاها بين يديه وها هو يراها تكبر شيئا فشيئا لتصبح على هيئة شخص أناني كما أنت الآن ولكنك بلا ملامح !
أجهل حينها قابليتكَ في أن تحتضن جسدكَ القذر وتفاصيلك الباهتة ودماؤك النتنة وخطواتك التي تحملك دائما إلى الهلاك!!
أنا الآن متأكد أنك ستبقى تحمل بداخلك هماً كبيرا مؤرقا لن تكف عن التفكير به كلما تذكرت ذلك الشيء الذي حصل دون معرفة منك ، كونك انسان مجرد من المشاعر والأحاسيس ! ولن تكف عن الشكوى من ذلك الحمل الثقيل الذي أنهك عافيتك !
فالمشكلة تكمن في ذاكرتك التي ستبقى تسترجع لك ذلك الحديث! أتذكرهُ ؟؟
فأين ستهرب منها ؟ أجبـني أيها الجبان إلى أين ..؟
حمزة مازن تفاحة
hamzeapple@yahoo.com