أحلى ما في العيد لمّ الشمل. بعض الأيام فراق البعض فيها، عيد بحد ذاته. يفصلنا يومان عن عيد الفطر المبارك، بعد انقضاء شهر رمضان الفضيل الذي لم تهدأ لياليه، ولا حتى في العشر الأواخر، من الفعاليات السياسية الصاخبة بكل ما شابها من هتافات مسيئة وممارسات أكثر إساءة لأصحابها فقط، ومن بعد إحراجا لمن تعذّر لأولئك النفر القليل بأي عذر كان.
لسنا بأتباع ميكيافيللي حتى تبرر لنا الغاية الوسيلة. فالطريق والرفيق عندنا محكوم صلاحهما بالبوصلة، لا الأهداف التي قد تتغير في عالم حاله دائب التغير، كالسياسة والتجارة! من هنا تم تحريم أو كره الجمع بين الإمارة والتجارة.
من الفيديوهات التي أثارت طوفانا من التعليقات الحميدة في ضاحية الرابية في عمّان الحبيبة، تحول هتاف بقدرة قادر من السياسة إلى الدين، فصارت الجموع كلها موحدة مهللة، وقد انتظم إيقاع الهتّافين أخذا بنصيحة نشمي من أسود الأمن العام (بوتاي بيك الشيشاني)، بأن بكّروا تكبيرات العيد فألحقوها بأجواء كان ينبغي أن تكون خالصة لروحانيات التراويح، وطاعات الشهر الفضيل، من صيام وقيام اللذين لا يستقيما إلا بالسكينة والطمأنينة.
الاعتصام الذي غاب عن خطابات بعض متعاطي السياسة حرفة أو هواية، عمل بعض من صاغ كلمات بعض هتافاته، عمل الهجين بإقحامهم الدين في السياسة تارة، وتارة أخرى الخلط بين استلهامهم مراجع وأدوات التأطير والتحشيد من الجيل الرابع للحروب الهجينة التي أطلت برؤوسها الشيطانية وأذرعها وأذنابها الأخطبوطية العنكبوتية، إبان الربيع العربي المذموم.
من المكشوف، أن «اللعب على المكشوف» ما بلغ هذا الحد من قبل إيران ومصداتها «العربية» إلا بعد قرب سقوط ورقة التوت عن دعايتي «تصدير الثورة» و»وحدة الساحات». ما جرى عبر عقود ما كان إلا تصدير فوضى وتخريب أوطان «ساحات».
من الوهم الظن أن أيا من الشعوب العربية لا فقط الحكومات أو الجيوش ستقف مكتوفة الأيدي من سعي بعض المأفونين من تجار سموم المخدرات والإرهاب، سعيهم الشيطاني لإطلاق نسخة ثانية مما اسمه زورا وبهتانا «الربيع العربي». لعل تلك المحاولة البائسة، سترتد على مطلقيها ب «خريف الغضب» (كتاب حسنين هيكل عن خميني أو «الثورة الإيرانية») في نسخة ثانية لا يأتي بخميني بل يذهب بخامنئي إلى المجهول.. صفقة كبرى مع واشنطن تنهي دور إيران «الخبيث في المنطقة»، أو خراب الهيكل على رؤوس الملالي ومن دعمهم أو تواطأ معهم ضد الشاه الذي ينتظر وريثه الشرعي العودة إلى الحكم عبر بوابات عدة من ضمنها اتفاق فوري للسلام مع إسرائيل.
لعل تلك اللحظة الفارقة التي حولت هتافات السياسة التي زعمت أن «كل الأردن حمساوية» إلى تكبيرات العيد، لعلها تتكلل بإجراءات يتنفس الناس من بعدها الصعداء قائلين، حقا فراقهم عيد..
من حق الرابية وعمّان وجميع ربوع المملكة الإقرار بعرفان، من قبل ناكري الجميل من منكري الحقائق الدامغة العملية في الوقوف إلى جانب أهلنا غرب النهر، حيث جرحنا النازف شمالا في الضفة وجنوبا في غزة هاشم. كسوة العيد وصلت جوا وبرا إلى إخوتنا الأحبة في القطاع. من حق «مثناة راجل» أن ينتخي لها الرجال الناكرون المكابرون بزكاة أو صدقة، أو لعلها بكفارة لغو في الحرمات بلغت حد الحنث باليمين، أو فطرة صيام!