رسالة أردنية بصوت لا يُمكن تجاهله أو عدم الأخذ به على محمل التطبيق الفوري، في أن مفتاح السلام في المنطقة والعالم بل والاستقرار هو حل القضية الفلسطينية، ومنح الفلسطينيين حقوقهم الشرعية والتأكيد على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجب على مجلس الأمن لتعزيز مبدأ العدل ومنح الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم وهذا أمر مطلق لا يُمكن الجدل بشأنه، في زمن لم يعد به شعب دون دولة أو أرض دون إنشاء دولة.
هو أبسط حق شرعي للشعب الفلسطيني بدولة يعيشون بها وفقا للشرعية الدولية، فلن يخترع أحد العجلة، فهي طريق واضحة وإن جعّدتها انتهاكات الاحتلال حدّ أن شاخت وباتت معدمة التفاصيل، لكنه الحق والعدل والعدالة ولا بد من دخولها حيّز التنفيذ، دون ذلك ستبقى بوصلة سلام المنطقة والعالم مشتتة الاتجاهات ضعيفة الرؤية، محدودة الحلول، فهذا حق ثابت للفلسطينيين دون تحقيقه الأزمات لن تغادر المنطقة، ولا العالم.
نهاية الأسبوع الماضي، فشل مجلس الأمن في تبني قرار بقبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض الفيتو، وكأن الأمر مطالبة بأمر خارق، أو بعيدا عن العدالة، أو حتى بعيدا عن المنطق، وكأن قبول فلسطين دولة بعضوية كاملة في الأمم المتحدة أمرا صعبا، أو هو الطلب في غير مكانه الصحيح، لتنسى، لا بل لتتناسى الولايات المتحدة أن فلسطين دولة، هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، أو شطبها من الحقائق بل والثوابت السياسية والقانونية، والإنسانية، وأبسط ما يمكن حسمه فيما يخص الحريات بأن يتحقق وجود دولة فلسطين.
الأردن الذي عبّر عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار بقبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض الفيتو، أكد أن المجتمع الدولي يدعم حل الدولتين الذي تقوضه إسرائيل، ما يجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجبا على مجلس الأمن لمنع إسرائيل من الاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والدولة، داعيا كل الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والسلام في المنطقة من دون تجسدها على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشكّل الموقف الأردني الذي انفرد به مع عدد من الدول، حقيقة مؤكدة بضرورة منح الفلسطينيين حقهم بإقامة دولتهم، خصوصا في هذا الوقت الذي تشن فيه إسرائيل عدوانها على غزة، وتستمر في اجراءاتها اللاشرعية التي تكرس الاحتلال وتقوض حل الدولتين وكل فرص تحقيق السلام العادل والشامل، وبطبيعة الحال في موقف الأردن وكل من صوّت للاعتراف بدولة فلسطين بعضويتها الكاملة حسم واضح بأن الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني مسألة حتمية لن يسهم إعاقة تجسيدها إلا في إطالة الصراع وزيادة التوتر.
ما حدث الأسبوع الماضي، قفزات للخلف ضد السلام والحريات، والعدالة، فعدم الاعتراف بدولة فلسطين لا يقف عند كلمة أو تصويت تُرفع به الأيادي بالموافقة أو الرفض، هو قرار بمنع حق وحرية، وعدالة، هو موقف أكبر من مساحة مكان يضم دول العالم لما هو أكبر وأكثر اتساعا، هو منع لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومجلس الأمن، ما حدث هو تأجيل لحق، وتأزيم لمواقف، فالاعتراف بالدولة الفلسطينية والاعتراف بعضويتها كاملة، خطوة ضرورية لجعل السلام سائدا وليس استثناء، وإن كان اليوم مستحيلا، في ظل جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأعوانه.