ليس في متناول اليد إحصائية تظهر حجم المتابعة الخارجية لوسائل الإعلام الأردنية. لكن اعتز بأن إذاعة أردنية محلية كانت قبل أيام رفيقة رحلة برية في بلاد العم سام، كما المسافة بين مسقط الرأس ومهوى الفؤاد ـ الكويت وعمّان.
لا أتابع أخبار أوكرانيا ولم أتابع ومن أعرفهم في دائرتي معارفي الشخصية والمهنية لا أخبار الربيع العربي المشؤوم المذموم ولا فعاليات اليسار المنحل المختل والعولمة في نسختها البائسة التائهة من خلال وسائل إعلام أردنية أو عربية أو شرق أوسطية، ألوذ فقط بما يبث من عمّان عند الحدث الوطني والفرح الأردني والمنجز الهاشمي. صارت نشرات الأخبار المحلية وجهتي الأولى واستردت مكانتها الأجدر بالاهتمام والاستثمار. الخبر المحلي والقصة الأردنية هي من تصنع وتحمي وتذود وتنافح عن السردية الأردنية في أكثر القضايا خطورة. من لا أصل ولا أساس له لن يكون قادرا على اكتشاف الغريب ورذل المسيء والتصدي لكل من تسول له نفسه العبث بأي من الثوابت الوطنية تحت أي مسمى كان حتى وإن اتخذ لبوسا وطنيا أو قوميا أو دينيا.
ترددت كما أتردد كل عام في التعبير عن مدى عرفاني ومحبتي للمؤسسة صاحبة الفضل، مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية. ترددي نابع من اعتبارات عدة أهمها: ماذا يقول تلميذ في محراب مدرسته؟ شهادتي مجروحة كما يقال ولا أسمح لنفسي برؤية إلا الجميل في أداء كل من يقف وراء شاشاتنا الوطنية كافة وعلى رأسها كانت وستبقى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في أم الحيران بعمّان الحبيبة.
لكني استمعت الأمس إلى مساحة أردنية عبر منصة اكس، وطنية بامتياز، الكلام كان فيها أردنيا في المحتوى والشكل، في المفردات واللهجات بلسان أردني مبين يريد القائمون عليها المساهمة في الواجب الوطني إزاء استحقاق دستوري أمر سيدنا بإجرائه تحقيقا لرؤى التحديث السياسي في هذا الحمى الهاشمي المفدى.
تذكرت برامجنا الأردنية الإذاعية والتلفزيونية الخالدة في ذكراها الطيبة معدين ومقدمين، جيل الآباء المؤسسين. هم أعلام نجلّهم ونقدّرهم ونذكرهم بالخير دائما. برامجهم تدل على وعيهم الوطني وأدائهم المهني الذي يضاهي بمنتهى الأمانة ما شهدته في بريطانيا وأمريكا، رغم فوارق الإمكانات التقنية واختلاف البيئات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لا أذيع سرا، إذا قلت إن الأغنية والبرامج الأردنية والمسلسل الأردني كان من أدوات القوة الناعمة الأكثر فعالية واستدامة في عز الحرب الباردة وما ترتب عليها من عواصف وطوافين على امتداد الشرق الأوسط.
من التطبيقات التي راجت في المهجر، ما يعرضه القائمون على التواصل الاجتماعي في التلفزيون الأردني من مقاطع أرشيفية لأعمال أردنية تلفزيونية وإذاعية خالدة كحارة أبو عواد والعلم نور ومضافة الحج مازن، وفكّر واربح، ورسائل شوق.
كل عام وكل جندي على هذا الثغر بخير. كل عام وكل رافع لراية الأردن ومنارة المملكة بخير. كل عام والقابضين على جمر الكلمة والصورة والصوت بخير فصنع السرديات في زمن التزييف العميق «دييب فيك» والأخبار المضللة «فيك نيوز» قضية لا يتصدى لها إلا المُخلصون بكسر اللام وفتحها -أول قل جبرها.. رحم الله جبر حجات أحد قامات التلفزيون الأردني من جيل المذيعين الكبار، علّمني وزملائي يوما بأن ما يحقق أعلى المشاهدات والأهم كسب الثقة بسيط للغاية لا يحتاج لا ورشات عمل ولا خلوات ولا مجالس إدارة ولا تدريب ولا تمويل خارجي. ما نحتاجه بحسب ما قال أبو ذاكر طيب الله ذكراه وثراه هو خذ كاميرا وميكروفون ولف بها الأردن كله. اسمع للناس أكثر ما تحكي لهم وعنهم..